DELMON POST LOGO

لمن ينهشون في جسد جامعة الدول العربية !

بقلم : محمد الانصاري

اختلاف سياسات الدول العربية ، وغياب الرؤية المشتركه ، وانتهاء عصر الزعيم المهيمن بعد رحيل القائد جمال عبد الناصر من أهم وأكبر التحديات التي واجهت جامعة الدول العربية منذ تأسيسها في ٢٢ مارس عام ١٩٤٥ ميلادية ،  هذه الجامعة التي تضاربت روايات نشأتها ودوافعها، لدرجة انجرف فيها البعض مع موجة نظريات المؤامرة لحد نسبت هذا الصرح العربي الشامخ لوزير خارجية بريطانيا انتوني إيدن الذي كانت بلاده أكبر دولة استعمارية في ذلك الوقت ، بسبب وقوع متبنيين النظرية في شراك التضليل البريطانية بعد ان أصدر إيدن بياناً أعلن فيه كذباً تأييد حكومة بلاده آمال الوحدة العربية واستعدادها لمعاونة العرب في ذلك.

تطلعات الشعوب وآمالهم في الوحدة العربية لم يتوقف يوماً عن النبض في صدر كل فرد في الامة ، وانسجاماً مع رغبة غالبية مكونات المجتمعات العربية الجارفة والمتزايدة قام المرحوم مصطفى النحاس رئيس وزراء مصر بإلقاء خطاب موجه للأمه في عام ١٩٤٢ ميلادية أعلن فيها عزم مصر في عقد مؤتمر للقادة العرب ، لبحث مسألة الوحدة العربية، وقد اصدر من جانب آخر  ومتزامن الملك عبدالله الأول رحمه الله بياناً منفصلاً حمل نفس مضمون خطاب النحاس باشا.

كان الوضع في العالم العربي يغلي ، والشعوب تواقة للنهوض والوحدة ،حيث قد بدأ حراك حقيقي وواعي في الامة ذلك العام، على إثرها قامت مصر في ٥ سبتمبر عام ١٩٤٢ ميلادية بتوجيه الدعوة لكل من السعودية ولبنان والعراق وشرق الأردن واليمن وسوريا وفلسطين ، حيث تشكلت من مندوبين تلك الدول الجنة التحضيرية والتي عقدت اجتماعاتها على امتداد أسبوعين في الإسكندرية ايذاناً ببدء مرحلة عرفت باسم "مشاورات الوحدة العربية".

بعد لقاء المندوبين في الإسكندرية لم تتوقف المساعي العربية أبداً ، فقد اجتمع مصطفى النحاس رئيس الوزراء المصري مع كل من جميل مردم بيك رئيس وزراء سوريا وبشارة الخوري الشخصية اللبنانية الوازنة التي اصبحت رئيس لبنان فيما بعد ، بهدف إنشاء جامعة عربية تحتضن كافة الدول العربية ، وقد بدأت تنتشر هذه الفكرة وتنمو، وبدأ العمل الجاد عليها مع تعدد الأفكار حول الصورة التي سوف يظهر بها هذا الكيان الوليد.

اعقب ذلك في ٧ أكتوبر ١٩٤٤ ميلادية التوقيع على بروتوكول الإسكندرية من قبل رؤساء حكومات مصر ولبنان وشرق الأردن وسوريا والعراق ، ونصت وثيقة الإسكندرية على عدد من المبادئ حول إنشاء وتسيير المنظمة التي ستجمع الدول العربية المستقلة، وهي المبادئ التي تضمنها ميثاق الجامعة فيما بعد ، وقد أقيمت مراسم التوقيع على البروتوكول بمقر إدارة جامعة فاروق الاول الذي تم تغيير اسمه إلى جامعة الأسكندرية حالياً ، وقد أرجأ وفدا السعودية واليمن التوقيع إلى ما بعد إطلاع حكومتيهما على نص البروتوكول، فوقعت السعودية على هذه الوثيقة في ٣ يناير ١٩٤٦ ميلادية ، واليمن في ٥ فبراير ١٩٤٥ ميلادية .

تأسست جامعة الدول العربية رسميا في ٢٢ مارس ١٩٤٥ ميلادية ، وقد تألف ميثاقها من ٢٠ مادة حددت مقاصد الجامعة والأطر الأساسية لنظام عملها، وقد جرت مراسم التوقيع على هذه الوثيقة التاريخية في البهو الرئيسي لقصر الزعفران في قاهرة المعز لدين الله ، و كان أول امين عام لها عبدالرحمن عزام الذي استمرت ولايته حتى ١٩٥٢ ميلادية.

منذ تأسيس جامعة الدول العربية قبل حوالي ٨٠ سنة حتى اليوم تسعى الأقلام المأجورة في التقليل من أهميته و البخس من شأنه بهدف فصل الامة عن اي كيان يجمعها ويوحدها ، ان الدول الاستعمارية تغذي اي فكرة أو خطوة ضد تلك المنظمة التي قادت الوعي النضالي و التحرري حتى استقلال جميع الدول العربية، وان المرض الحالي الذي أصاب جسد الجامعة لهو نتيجة السموم التي يبثها الغرب ضد الامة سواءً جاءت من الداخل او الخارج.

ختاماً :-

١- جامعة الدول العربية منظمة نبعت من تطلعات و رغبة العرب في التحرر من الاستعمار و رسم كيان مستقل وقوي لهم.

٢- لا الانجليز ولا غيرهم من أعداء العرب يتمنون نمو و نجاح جامعة الدول العربية.

٣- قوة جامعة الدول العربية من مصلحة العرب والمسلمين، ضعفها من مصلحة اعدائهم.

٤- الجامعة تمر حالياً بمرحلة ضعف بسبب عدم إلتفاف الامة حولها ، ومتى ما ساندت الدول العربيه كلها جامعتهم تغير الحال إلى أحسن حال.

٥- التثبيط و الاساءة والنهش في جسد جامعة الدول العربية من أعمال الحرب ضدّ الامة ، وأياً كانت الاسباب لا مبرر لمحب في ضرب بيت الأمة وسورها الأهم.