DELMON POST LOGO

المسؤولون .. و طريق العبور للهاوية

بقلم : محمد الانصاري

عادةً ما يلتبس على الكثير من المسئولين الفرق بين التنمية الحقيقية التي ينتظرها الناس ، وبين أرقام تصنعها أيديهم أو أيدي الخياطين من حولهم ، وتنشر للأسف في وسائل الإعلام المهيمن عليها على أنها حقائق واجب قبولها ، يجري ذلك خصوصاً في دول ما يسمى بالعالم الثالث ، الذي تنعدم فيه أجهزة الرقابة ،  فكثيراً ما نسمع في منطقتنا أننا الأول أو الأكبر أو الأفضل أو الأنجح وغيرها من عبارات المبالغة ، ولكن كما يقولون " نسمع جعجعةً ولا نرى طحيناً ".
وفي زوايا السلطة يتوهم بعض صغار النفوس بأنهم قادةُ عظام ، فيصابون بالغرور والتكبر ، فتتحول بلدانهم الى مستنقعات تضيع فيها حقوق الناس ، وخير مثالِ على ذلك ما آلت إليه أوضاع ليبيا تلك الدولة الغنية في عهد العقيد معمر القذافي والتي لا تزال عواقبها حتى اليوم ، أو ما يحدث في اليمن بعد أن هيمن الرئيس علي عبدالله صالح على مقدراتها ، فأصبحت مملكة بلقيس التي تعتلي عرشاً من ذهب قبل آلاف السنين ، بلداً ينتظر مواطنوها المساعدات من العالم ، هؤلاء الشخصيات بعدما كانوا زعماء محبوبين من قبل شعوبهم ، تحولوا الى كائنات لا يمكن العيش معها ، نتيجة ما سكنهم من غرور وداء عظمة.
ربما لا أكون مخطاً اذا قلت بان المسافة بين النجاح والهاوية ، أقصر بكثير من المسافة بين الكتف والكتف ، وفيها يتيه الكثيرون ، فبدل أن يسعوا في خدمة الناس و بناء المجتمع ، ينهمكون في فبركة الأرقام لصناعة مجد شخصي كاذب ، أو يعيشون حالةً من الغرور والتكبر و النفخة الكذابة.
سيدي وسيدتي ان كل المؤشرات خادعة ماعدا مؤشر الرضا الحقيقي للناس ، و ان جميع الخطط لوزارات ومؤسسات الدولة ليس لها معنى ، اذا لم يكن الناس حجر زاويتها ، و قد تتحول الدول الناجحة الى بؤرة للحروب ، اذا لم تعر شعبها الأولوية خصوصاً في الامن والاستقرار والعدالة و الاحتياجات المعيشية المتناسبة مع إمكانيات الدولة واحتياجات الناس.
السادة الأفاضل الوزراء والمسئولين وخصوصًا الجدد ، انتم على اول الطريق ، اجعلوا رضا الناس بعد رضا الله غاية ، ولا تسمعوا للمقولة الخاطئة" رضا الناس غاية لا تدرك " فالحقيقة ان رضا الناس غاية ممكن ادراكها كلها أو جلها ، فقولوا لي مَن مِن الناس سوف يكون غير راضي اذا تحسن مستوى التعليم وجودته ؟ ومن سوف يكون غير راضي اذا كان مستوى الخدمات الصحية ممتازة ؟ ومن سوف لا يرضى اذا تم توفير وظائف لائقة لأبناء البلد ؟ .. لذلك اجعلوا همكم تحقيق طموح و تطلعات الشعب الحقيقية بعيداً عن اي لمسات اخراج ومكياج لا فائدة منه.
ايها المسؤولون ان الله اذا احب انسانً وضع حاجة الناس عنده فقد قال صلى الله عليه واله وصحبه وسلم ( إن لله تعالى أقواماً, اختصهم بالنعم لمنافع العباد, يُقرِّها فيهم ما بذلوها, فإذا منعوها نزعها منهم فحولها إلى غيرهم )، وانتم ايها المسؤولون اهداكم الله نعمة خدمة العباد والبلاد فاذا منعتم الناس النعمة فسوف يمنع الله النعم عنكم.
اخيراً وليس اخراً اياكم والكِبر والغرور ، وإياكم الابتعاد عن تطلعات الناس والتعالي عليهم ، فان  التكبر على الناس هاوية يسقط فيها الكثيرين ، سيروا متوكلين على الله و مخلصين للوطن والمليك والناس ، وتذكروا ان المسافة بين النجاح والهاوية شيء أقصر بكثير من المسافة بين الكتفين.