DELMON POST LOGO

أوروبا العنصرية

بقلم : محمد الانصاري
أكدت الأيام القليلة الماضية مدى عنصرية الأوروبيين حكومات وشعوب ، حيث أن موقف عدد ليس بقليل من الفرنسيين كان صادماً في كأس العالم عندما طالبوا بإعادة اللاعبين ذوي البشرة السمراء لأفريقيا ، ثم برزت هذه العنصرية أكثر عندما قام فرنسي أبيض بقتل ثلاثة أكراد في باريس، وبعد أن أقر الجاني أنه كان ينوي إغتيال المهاجرين في ضاحية سان دوني شمال العاصمة التي يقطنها الكثير من أصحاب الأصول الأجنبية ، قررت الأجهزة الرسمية عدم إعتبار هذه الحالة نوعاً من العمليات المتطرفة ، و تحويل الرجل للمصحة النفسية ، لأن القاتل فرنسي الأصل والضحايا من أصول شرقية مسلمة.
لم تنفرد فرنسا بالعنصرية بل كاميرات التصوير رصدت الاعتداءات التي قام بها شرطة وضباط أسبانيين على سيدات مغربيات لمجرد تعبيرهن عن فرحتهن لفوز الفريق المغربي في إحدى مباريات كأس العالم ، تكرر ذلك أيضا في الدنمارك حيث قام الدنماركيون بالاعتداء على اي عربي يمر في الشوارع لدرجة ان اعتداءاتهم لم تقف عند العرب فقد أمتدت لأشخاص ليست لهم أصول عربية ولكن فقط اشتركوا مع العرب في لون بشرتهم أو ملامحهم .
كشفت مواقف الحكومات الأوروبية بأن هذه التصرفات ليست سياسات فردية ، حيث أستقبلت أوروبا ملايين اللاجئين الاوكرانيين بكل حفاوة و تكريم ، ولكن وبالمقابل عندما يأتيهم اي مهاجر من أفريقيا أو البلاد العربية و الإسلامية يتم لطعهم على الحدود في عز الشتاء وتحت الثلوج من دون مأوى ولا مساعدات لمدد طويلة حتى يموت البعض منهم.
أوروبا التي تدعي حقوق الإنسان وتسمح للمثلية و التعري و السخرية من الأنبياء والمقدسات تمنع لبس الحجاب ، رغم ان حرية الملبس والمأكل والمشرب من المبادئ التي تدعو لها نظرياً في كل محفل ، و لم تقف عنصرية أوروبا عند هذا الحد ، بل ان الحركات اليمينية أصبحت تتعاظم و تنمو في كل دول أوروبا ، فرغم أن الأوروبيين ينتقدون الفاشية الا أنهم يمارسونها في حياتهم اليومية بشكل واضح وجلي.
برهنت حركة بيغيدا على العنصرية والفاشية التي تنتشر في أوروبا ، وبيغيدا تعني وطنيون أوروبيون ضد أسلمة أوروبا ، وهي حركة سياسية بدأت بالمانيا في أكتوبر عام ٢٠١٤ ميلادية ، و في يناير ٢٠١٥ نظم متعاطفون مع بيغيدا أول تجمع لهم في النرويج ، ثم انتقلت العدوى في نفس الشهر للدنمارك ، وبعد أيام تقدم فرع إسباني بطلب لتنظيم احتجاج خارج المسجد الرئيسي في مدريد ، و في ٢٨ فبراير ٢٠١٥ نظمت بيغيدا البريطانية أول احتجاج لها في نيوكاسل أبون تاين ، ثم نظموا مظاهرة أخرى في لندن بتاريخ ٤ إبريل ٢٠١٥ ، ثم نظمت مظاهرة اخرى لبيغيدا في السويد ، اما في كندا ففي ٢٨ مارس ٢٠١٥ نظمت مظاهرات مناهضة للمسلمين ومؤيدة لبيغيدا في مونتريال ، وفي ايرلندا فقد نظمت بيغيدا بدبلن في ٦ فبراير ٢٠١٦ مظاهرة شبيهة بباقي مظاهراتها في أوروبا.
رغم انه صادقت أكثر من ١٧٠ دولة على الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري إلا أنه لا تزال جميع دول أوروبا تمارس أبشع أشكال التمييز والعنصرية الخفي ضد المسلمين والعرب وذوي البشرة الداكنة ، بشكل فردي وأهلي و رسمي.
ختاماً
ليس من الحكمة ولا من المنطق سفر ملايين العرب للسياحة في أوروبا التي لا تحترمهم ، كما ليس من الصحيح ان تستثمر الشركات والحكومات العربية أموالها في أوروبا ، فأوروبا بعد ان استعمرت دولنا لقرون و سرقت كنوزنا ونفطنا و مدخراتنا لا تزال تمارس العنصرية و التمييز ضد العرب والمسلمين حتى النخاع في سياساتها الرسمية و ممارساتها اليومية.