DELMON POST LOGO

سنستمر في تطلعاتنا و ثقتنا في البرلمان وسوف نستمر في ممارسة حق النقد لأجل التطوير

بقلم : محمد الانصاري
كشفت تصريحات النواب الجدد عن تراجع كبير في مستوى وعمق الطرح السياسي الذي وصل له المجلس التشريعي في تشكيلته الأخيرة ، هذا التراجع الذي تعمق بسبب غياب الجمعيات السياسية وذوي الرأي ، وعزوف الشخصيات الوازنة عن الترشح ، لأهم مَجْمَع مؤثر في صياغة التشريعات والقوانين ، والرقابة على اداء الحكومة ، و الحفاظ على المال العام ، وصيانة الدستور والمكتسبات الوطنية.
مداخلات النواب غير المدروسة والمشاريع التي اعلنوا عنها حتى الآن ، ومطالباتهم للحكومة منذ إعلان نتائج الانتخابات ، شكلت كارثة على كل المستويات ، و تسببت في صدمة للشارع البحريني ، أدت الى موجة من السخرية و الاستغراب ، سرعان ما تحولت الى خيبة أمل عند البعض ، ويعود ذلك الى أن جُل النواب ليست لديهم خبرات سياسية ، ولم يكن لهم سابق خبرة في العمل العام ، ولولا الصدفة والقدر لكان معظمهم منشغلاً في البحث عن عمل أو بشئون أخرى بعيداً عن التشريع وفن الممكن.
يعود هذا التراجع في مستوى مرشحي وأعضاء البرلمان والمجالس البلدية الى عدة أسباب ، من أهمها التعديل الذي أُجراه النواب أنفسهم في الدورات السابقة على قانون “مباشرة الحقوق السياسية” في يونيو ٢٠١٨ ميلادية ، والتي بموجبها تم منع ترشح قيادات وأعضاء الجمعيات السياسية المنحلة بحكم نهائي من المشاركة في الانتخاب البلدية والنيابية ، لارتكابها - اي الجمعيه - مخالفة جسيمة لأحكام دستور المملكة أو أي قانون من قوانينها.
التعديل المشار اليه حضر على اي فرد إنضم لجمعية كانت مرخصة ثم تم حلها ،الترشح و الترشيح للانتخابات البلدية والنيابية ، وحرمهم بذلك من دون ارتكاب جريمة محددة وفق القانون ،ومن دون محاكمة ايضاً من حقوقهم المدنية والسياسية ، حيث لم يفرق التعديل في القانون بين عضو فاعل ساهم في إتخاذ القرارات الخاطئة وأي انسان سجل عضوية ولم يشارك ابداً في اي مخالفة من خلال الجمعية أو خارجها ، و بهذا المنطق فهم الناس إن مجرد الانضمام لجمعية سياسية قد يشكل خطر على مستقبلهم ، ما تسبب في إنتكاسة في الحياة السياسية وعزوف جمعي عن المؤسسات المدنية التي أنشأها القانون خدمةً لتطوير الحراك السياسي في البلد ، كجزء من المشروع الإصلاحي لجلالة الملك المعظم حفظه الله.
ثم كان لصدور قانون رقم (٣٠) لسنة ٢٠٢٢ بتعديل بعض أحكام قانون الجمعيات والأندية الاجتماعية والثقافية والهيئات الخاصة العاملة في ميدان الشباب والرياضة والمؤسسات الخاصة اثر كبير آخر في انتكاسة مستوى المرشحين و أعضاء البرلمان ، حيث قرر القانون منع المرشح لعضوية مجلس إدارة النادي أو المُجمع أو الهيئة الرياضية أو مركز تمكين الشباب أو الهيئة الشبابية أن يكون منتمياً لأي جمعية سياسية، أو ممارساً للعمل السياسي أو عضواً في أي من مجلسي الشورى أو النواب،
ختاماً
بينت الانتخابات البلدية و النيابية رغبة الشعب في المشاركة في الحياة السياسية ، وأكدت قناعتهم في دعم مشروع جلالة الملك الإصلاحي من خلال عدد المرشحين ونسبة المشاركة ، لكن من اجل إنجاح هذه التجربة و جني ثمارها لابد من مراجعة الأثر الميداني للتعديلين المشار إليهما و مراعاة الآتي:
اولاً : اذا كان مجرد الانضمام لاي جمعية سياسية قد يسبب جرماً في اي لحظة، فلا بد ان المجتمع سوف يعزف عن تلك الجمعيات ، فكيف تتطور الحياة السياسية من دون جمعيات سياسية ؟! ، وهذا التعديل يجب إما الغاءه او تعديلة ليشمل أشخاص محددين قاموا بارتكاب جرائم منصوص عليها وفقاً لقوانين مملكة البحرين وذلك بعد نظرها من المحاكم.
ثانياً : لو فرضنا إن اي ناشط - غير سياسي - في اي مجال من المجالات الأخرى رغب في الترشح للبرلمان فان فوزة سوف يحرمه من النشاط الذي اكسبه الخبرة ، ويفصله عنه ، وهذا سبب كافي لعزوف الكفاءات غير السياسيين حتى من التطلع لعضوية مجلس النواب والشورى ، فمن أين سوف يأتي تنوع الخبرات في الشورى ؟! .
ثالثاً : سوف نستمر في تطلعاتنا و ثقتنا في البرلمان و المشروع الإصلاحي لجلالة الملك المعظم حفظه الله ، كما سوف نستمر في ممارسة حق النقد لأجل التطوير ، لذلك نرجو من الجميع وعلى رأسهم إخواننا أصحاب السعادة النواب تحمل هذا الرأي النابع من القلب و الهادف للإصلاح .