DELMON POST LOGO

الوطن ليس شركة إتصالات تغير شريحتها اذا حصلت عرضاً أفضل

بقلم : محمد الانصاري
يعتقد البعض بأن الأوطان  مثل شركات الإتصالات التي يمكن تغير شريحتها في أي وقت ، أو كفندق يمكن ان ينتقل منه متى ما وجد خدمةً أفضل ، لا الوطن ولا العائلة ولا التاريخ يمكن استبدالهم  ، فأنت لاجىء في أرض غيرك ، وغريب في مجتمع لا تعرفهم ولا يعرفونك ، بل وضيف ثقيل غير مرغوب فيه بمجالسهم ، وتاريخك لا يمكن تغيره بأثر رجعي ، ولا يمكن ان تصنع مستقبلاً لابنائك في بلد ينظر لهم بأنهم مستوردين.
البحث عن الرزق ليس عيباً ، كما ان الإسلام حثَّ المؤمنين على طلب العلم ولو في الصين ، فالشعوب والأمم تتلاقى و تتبادل المعرفة ، لكن لا أحد يدير ظهرة لبلدة ، و لا أحد ينتقل من عائلة لعائلة أخرى ، ولا من تاريخ لتاريخ آخر ، وقد قيل قديما " من خرج من داره قل مقداره " فكيف يمكن لعاقل ان ينسلخ عن داره ، وكيف له ان يرتمي في حضن الآخرين.
ان لعبة السياسة جعلت بعض الدول تفتح باب الهجرة لأهداف تخدم خططها ، لكن مع تَغير الوضع تتغير مواقف الدول ، وتوصد نفس الابواب التي كانت مفتوحة قبل فترة من الزمن ، اما مصير من دخل من هذا الباب الرجوع خائباً ، والتاريخ خير شاهد على تهجير وطرد آلاف البشر بعد استخدامهم ، و جعلهم مطايا.
لم تعد الهجرات المخطط لها مقبولة من الشعوب ، فحتى أوروبا التي كانت تتفاخر باستقبالها وترحيبها بالمهاجرين ، أصبحت تسن التشريعات و القوانين ضد استقبال اي شخص خارج جغرافيتها ، وصارت تتسابق فيما بينها في استحداث التشريعات التي تسمح بترحيل المهاجرين لبلدانهم الأصلية ، بغض النظر عن ظروفهم وأوضاعهم المعيشية.
في العقود الثلاثة الماضية شهدنا في المنطقة حمى تجنيس لأهداف سياسية ضيقة ، هذا الدور تلخص في دعوة بعض العوائل المعروفة للهجرة الى دولة محددة ، كان القصد المعلن في تلك الدعوات هو تجنيس تلك العوائل ، اما النتيجة فهي زرع الخلافات و الانقسامات بين القبائل ، و طعنه للترابط العربي والخليجي .
سرعان ما انكشفت تلك الدعوات وأهدافها ونتائجها ، وقد لاقت تلك الدعوات صدود و استدارة من القبائل والعشائر الأصيلة ، التي تنتمي لأرضها وتاريخها و أصلها بفخر واعتزاز ، كما سرعان ما تعرض من إستجاب لها الى اللمز والغمز بين الفينة والأخرى علناً و همزاً في ذلك البلد ، كما لقى الرفض والاستهجان في بلدانهم الأصلية.
ختاماً
١- الأوطان ليست فندقاً نغادره متى ساءت الخدمة ، او وجدنا عروضاً أفضل.
٢- اختطاف العوائل والقبائل من دول أخرى لن تزيد العزوة ، و لا تعطي حجماً لبلد صغير أكبر من حجمها الحقيقي.
٣- التاريخ لا يستبدل ولا يمكن تغيره بأثر رجعي ، كل يفتخر بحاضره وماضيه ومنهما ينتقل للمستقبل.