DELMON POST LOGO

فريق البنفسج يناقش كتاب الدولة اللوياثان الجديد لفالح عبد الجبار

عبد الجبار : انتقال العراق كدولة أسرية تسلطية ريعية تعتمد على استقلال الدولة اقتصاديا إلى دولة توتاليتارية تقوم على دمج الدولة في الحزب

كتب - يوسف الشيخ

في خضم التغييرات الكبرى، تطفو على السطح الكثير من علامات الاستفهام، ووسط رمضاء التيه لابد من الالتجاء إلى ظل السؤال، فلا شيء مثل السؤال كخطوة أولى في طريق المعرفة، وفي كنف السؤال وظلال المعرفة، اجتمعت جمعية البحرين الاجتماعية الثقافية متمثلة بفريق سقف البنفسج بتاريخ 21/4/2024 في مكتبة الكشكول في مقر جريدة الأيام، لقاءهم الشهري لمناقشة كتاب يتم انتخابه بصوت الأغلبية من المجموعة، حيث وقع الاختيار على كتاب الدولة اللويثان الجديد، للمفكر وعالم الاجتماع العراقي فالح عبدالجبار.

كانت الجلسة من إشراف د. شرف المزعل، وبإدارة مميزة من قبل أ. محمود الموسوي، حيث بدأت الجلسة بالترحيب بالأعضاء قبل الشروع في استعراض أهم الأفكار المطروحة في الكتاب من قبل مدير الجلسة.

اتصف الكتاب بأسلوبه الأكاديمي الرصين، واستعرض في ما يقارب 400 صفحة تاريخ العراق الحديث منذ الملكية كنظام حكم حتى سقوط نظام البعث في عام 2003، متناولا هذه الأحداث التاريخية كمادة لإسقاط فرضياته حول نظام الحكم وأشكاله ومدى تمدد صلاحياته وانكماشها بالتفاعل مع المجتمع وتمثيلاته المختلفة سواء على مستوى مؤسسات المجتمع المدني أو خلال الأحداث الطارئة كالثورات والإنقلابات.

مثل استعراض فرضيات الكتاب المتمثلة بانتقال العراق كدولة أسرية تسلطية ريعية تعتمد على استقلال الدولة اقتصاديا  إلى دولة توتاليتارية تقوم على دمج الدولة في الحزب والحزب في الدولة بالاعتماد على التعبئة والترهيب، بما صاحب هذا الانتقال من تغييرات على مختلف المستويات أسهب الكاتب في استعراضها، بيئة خصبة للنقاش وتبادل الآراء انطلاقا من الأفكار المطروحة في الكتاب وصولا إلى استعراض أهم النظريات المتعلقة بأشكال الحكم حول العالم ومدى جدواها.

لم تغب مستجدات الأحداث حول العالم عن النقاش، واختلفت الاتجاهات في قراءة المخاضات التي تعيد ترتيب القوى العالمية وما سيمثله هذا التغييرعلينا كدول ومجتمعات عربية، وهذا ما فتح الباب للوقوف مطولا حول وضعنا الراهن كأنظمة سياسية عربية في عالم تحكمه مصالح الدول العظمى، وكمجتمعات تغيب عنها الرؤية الواضحة في ما ترتجيه من الأنظمة.

بينما استعرض أحد الحضور شكل الدولة الحديث الأجدى بالنسبة له متمثلا بالسلطات الثلاث (التشريعية، التنفيذية، القضائية)، مع شرط استقلالية كل سلطة عن الأخرى وتفعيل دور المجتمعات سواء من خلال مؤسسات المجتمع المدني أو المجالس البرلمانية مع وضع الاعتبار لتهيئة المجتمعات لأخذ هذا الدور بشكله الصحيح، تساءل آخر حول جدوى كل هذا الجدل النظري القائم حول شكل أنظمة الحكم ومدى أهمية دور المواطن في هذه العملية ككل، فأقصى ما يريده مواطن أي دولة أن يعيش في أمان اجتماعي واقتصادي، ومتى ما توفرت له هذه الشروط لن يلق بالا لأي أمور أخرى، سواء كان نظام الحكم ديمقراطيا أو دكتاتوريا أو تحت أي مسمى آخر!

وبالحديث عن الديمقراطية، هذه الكلمة التي لن يخلوا أي نقاش حول أنظمة الحكم منها، كان لأحد الحضور رأي مخالف فيها، فرغم إيضاحه بأنه يراها أحد أهم النظريات التي اخترعها الإنسان كنظام للحكم، إلا أنها تحمل في طياتها الاستبداد على فئة دون فئة، مبديا امتعاضه من التجربة الفرنسية للديمقراطية والتي ترى من نفسها نموذجا يحتذى به في كيفية التعامل مع مسألة الحجاب، وهذا ما يدفعنا للتساؤل حول جدواها كشكل حديث لنظام الحكم، مضيفا بعض الأمثلة لنماذج من الدول العربية التي قد تكون في الظاهر بعيدة عن هذه الأشكال التي تعتبر أنظمة الحكم الحديثة، إلا أنها طورت أشكالها الخاصة بإدارة مجتمعاتها وفق خصوصياتها وتاريخها بما يتناسب مع احتياجاتها كمجتمعات ودول متحررة من الصور النمطية والقوالب الجاهزة.

هكذا انتهى النقاش من حيث ابتدأ بالسؤال، مثريا الحضور بالمعلومات والنظريات التاريخية والسياسية، ما بين فرضيات فالح عبدالجبار وتساؤلات الحضور، أين نقف كأنظمة ومجتمعات عربية وإلى أين نتجه، وأي دور يجب أن يأخذه تاريخنا، وهل سنكون مثل ذلك الغراب الذي أراد أن يقلد مشية الطاووس فلم يستطع، وحين قرر العودة لمشيته الأصلية نسيها؟، أنهى مدير الجلسة النقاش حول الكتاب بشكر الحضور، وتم التصويت على كتاب الجلسة القادمة.