DELMON POST LOGO

المناضل عبد الله النيباري..عصي على النسيان

بقلم : عبد  النبي العكري

أولا أود ان اعتذر عن تاخري في كتابة هذا المقال في الذكرى الثانية لوفاة المناضل الكبير عبد الله اليباري والذي فقدناه بتاريخ 20 مارس 2022. وفي البداية،أاشير إلى أنني كنت بمعية العزيزين رضي الموسوي ومحمود حافظ، حيث كنا ضيوفا على المنبر الديمقراطي الكويتي لتأبين الراحل الكبير الدكتور احمد الخطيب في مقر المنبر الذي ازدحم بالشخصيات الوطنية الكويتية من مختلف الاطياف رجالا ونساءا ومن مختلف الأجيال. وقد القى العزيز رضي الموسوي كلمة وفد البحرين الأهلي. وأثناء إلقاء الكلمات تقدم المناضل بندر الخيران رئيس اللجنة المركزية للمنبر الديمقراطي الكويتي بشكل مفاجئ ليعلن، والدموع تنهمر من عيينيه، عن خبر وفاة المناضل عبدالله النيباري، رفيق الراحل احمد الخطيب في مسيرتهما النضالية، وكأنهما تواعدا على الرحيل في ذات الشهر ليغادرانا معا كما عاشا معا. وبذى اعلن توقف الحفل التأبيني. وفي اليوم الثاني كنا مع الآلاف من أبناء الشعب الكويتي نشارك في تشييع ودفن الراحل الكبير عبد الله النيباري في مقبرة الصليبيخات، كما كنا نتلقى التعازي لأنه فقيدنا أيضا.

في هذه المقالة، وقد كتب عن المناضل عبد الله النيباري الكثير فاني ساكتب بضع سطور عن معايشتي له في منتدى التنمية  الخليجي وتاثيره في النخبة الخليجية المهتمة بالتنمية الحقيقية وتملك الثروات الوطنية وخصوصا النفط وكذلك في الراي العام الخليجي عموما. كما ساعرض  دور الراحل النيباري في كسب القوى التقدمية الأوربية لدعم النضال الخليجي الأهلي من اجل الديمقراطية والاستقلال الفعلي والحرية والتقدم.

من المهم في البداية التنويه ان دور الراحل النيباري فيما ساعرضه ماهو إلا نزر يسير من قضايا ناضل من اجلها  وجعلته عدوا لقوى الفساد والاستبداد مما أدى الى استهدافه  ومحاولة اغتياله مع رفيقة حياته السيده فريال الفريح في يونيو 1997. والتي سببت له شلل جزئي كوسام استحقاق لشجاعته وتضحيته.

النيباري والنفط والتنميه الوطنيه

طرحت قضايا التنميه ومعضلاتها في بلدان الخليج ومجلس التعاون الخليجي واستعصاء الحلول وتعثر التنميه رغم امتلاكها لثروة النفط  الهائلة والتي يمكن ان توظف لانطلاق تنمية حقيقية ومستدامة.

طرحت هذه المواضيع وما يتصل بها في عدد من دورات منتدى التنمية الخليجي  ومن أهمها دورة 2004 حول الإصلاح الجذري في دول المجلس و دورة 2009  حول الطفرة النفطية الثالثة.

من عادة الراحل النيباري انه حين  يتناول مواضيع التنمية والنفط فانه يكون متزودا بالأرقام والوقائع الموثقة لاثبات وجهة نظره من منطلق مصلحة شعوب الخليج والامكانيات المتوفرة لاحداث النقلة المطلوبة. من المعروف ان النيباري هو  اهم شخصية وطنية واقتصادية كويتية تصدت لقضية التملك الوطني للثروة النفطية في الكويت واستثمارها من اجل  التنمية الحقيقية المستدامة والتصدي لاستخدام هذه الثروة من قبل النظام والنخب الفاسده للاثراء غير المشروع و للسيطرة على الشعب . ونذكر هنا الراحل المناضل  عبد الله الطريقي الرائد في مجال السيطرة الوطنية على النفط وشريك النيباري في هذا النضال.

الراحل النيباري هو ابرز من طرحوا تملك دوله الكويت لنفطها بتاميم شركات النفط الاجنبية  تحت قبة مجلس الامة لعام 1971. وواصل طرح قضيه تملك الكويت لنفطها في  ظل مجلس 1975. وهو اول شخصية وطنية كويتية يدخل في مناظرة تلفزيونية مع وزير النفط عبد الرحمن سالم العتيقي. ويقنع الراي العام الكويتي بخطورة اتفاقية تنفيق عائدات النفط بين حكومة الكويت وشركات النفط الاجنبية ويطرح بقوة خيار تاميم هذه الشركات والتعاون معها في قطاع النفط للصالح الوطني. واسهم في اقناع مجلس الامه في رفض اتفاقيه المشاركه. واخيرا استجابت الحكومة لمجلس الأمة 1975 واممت صناعة النفط في تحول تاريخي حاسم، حيث الكويت الرائدة في توجه باقي دول مجلس التعاون  في تملكها لثرواتها النفطية .  احدث النيباري  اختراقا للراي العام وحتى الانظمة الحاكمة والنخب الخليجية والعربية باطروحاته الرائدة والجريئة  بسيطرة الشعوب العربية على ثرواتها النفطية.

والقضية الثانية المرتبطة بتملك النفط فهي التنمية المستدامة والتي يجب ان يوظف النفط لتحقيقها بحيث يحدث تحول حقيقي في الاقتصاديات الخليجيه من الاعتماد المفرط على تصدير النفط الخام ومنتجاته الى تنويع الاقتصاد بالاستفادة من عوائده ومنتجاته لخلق قاعدة اقتصادية متنوعة تشمل الصناعات والخدمات وغيرها لكي لاتظل رهينة النفط والغاز الناضب  وبما يواكب تحولات الاقتصاد العامي بالاعتماد على اقتصاد المعرفة.

اثار الراحل النيباري ذلك في العديد من دورات منتدى التنمية واكد ان ذلك يتطلب تغييرات عميقة في بنية الدولة بعيدا عن مفهوم الدولة الريعية وتغييرات شاملة في المجتمع والانتقال الى مجتمع المعرفة والتحديث والديمقراطية والشفافية والنزاهة والعقد الاجتماعي مابين الحكم والشعب لمصلحة الوطن العليا. وهنا أيضا فقد اسهم الراحل النيباري في المناقشات والجدل وكان مقنعا في اطروحاته.

وكما أشار العزيز سعود العنزي في مقاله عن الراحل في صحيفه الجريده في 20-3-2023 فان قدرة الراحل النيباري لاتقتصر على عرض  أفكاره بطريقة مقنعه بل أيضا في قدرته على اقناع من يختلفون معه وحتى خصومه بالحوار والحجة بما في ذلك التوصل للقواسم المشتركة. وهذا مالاحظته من خلال حوارات منتدى التنمية في اكثر من دورة واكثر من موضوع.

كسب التقدميين الاوربيين لقضيتنا

ادرك كلا من الراحلين د.أحمد الخطيب وعبد الله النيباري ورفاقهم في الحركة الديمقراطية الكويتية ولا حقا في المنبر الديمقراطي الكويتي اهميه وجود تضامن للقوى الديمقراطية في الغرب وخصوصا اوروبا في ضوء احتلال النظام العراقي للكويت في 1990. كنت حينها في المنفى  وكان الراحل النيباري من ابرز من تصدو لهذه المهمة. وقف اليسار الأوروبي الى جانب نضالات جماهير الخليج العربي وخصوصا تيارها اليساري من جل التحرير والحرية. لكنه وفي ضوء التحولات الخليجية فقد ظلت مجموعات يسارية صغيرة تقدم الدعم للقوى الديمقراطية واليسارية  الخليجية ومنها الجبهة الشعبية في البحرين والمنبر الديمقراطي الكويتي.

لقد جمعتني مع الراحل النيباري لقاءات مع مناضلين اوروبيين خصوصا في باريس ولندن. لقد اسهم هؤلاء في ترتيب لقاءات لنا مع القوى السياسية وبرلمانيين وصحفيين ومسؤلين في وزارة  الخارجية في العاصمتين. واذكر هنا وفد المعارضة الخليجية الذي رأسه الراحل د. احمد الخطيب الى البرلمان الأوروبي في ستراسبورج في أواخر 1990 وكذلك العاصمة الفرنسية باريس. يجب التنويه هنا ان الراحل النيباري في حواره مع المناصرين  التقدميين الاوروبيين كان موضوعيا وواقعيا في اطروحاته وفي تقييمه لقوى المعارضه والانظمة. وقد زار بعضهم الكويت والبحرين مع بدايه عام  2001 وبعدها. واعتقد ان بعضهم كتب عن الراحلين د.احمد الخطيب وعبد الله النيباري.

هذه بضع كلمات في حق الراحل الكبير عبدالله النيباري الذي سيبقى خالدا في نفوس أبناء الكويت والخليج العربي والامة العربية واحرار العالم.