DELMON POST LOGO

العرادي بالمنبر التقدمي : ضرورة تعديل القوانين المتعلقة بمؤسسات المجتمع المدني قبل موتها البطئ

تخفيف القيود الصارمة بشأن تمويل أعمال منظمات المجتمع المدني والسماح لها بالحصول على الدعم المالي من داخل وخارج البحرين

دعا الناشط السياسي محمد حسن العرادي الى تعديل القوانين والتشريعات المعرقلة للعمل الاجتماعي وتحفيز العاملين بمؤسسات المجتمع المدني التي يبلغ عددها الف مؤسسة وجمعية .
وقال في ندوة بعنوان " منظمات المجتمع المدني ـ الواقع والتحديات " بمقر جمعية المنبر التقدمي مساء امس ، على الحكومة عمل تعديلات على القوانين بمساهمة نواب الشعب من خلال اصدار مرسوم بقانون لإلغاء التعديلات الواردة في المادة الثالثة من المرسوم بقانون رقم 14 لسنة 2005 الخاص بمباشرة الحقوق السياسية بموجب القانون رقم 25 لسنة 2018، وخاصة وإلغاء الفقرة الثالثة ويُمنع من الترشيح لمجلس النواب كل  قيادات وأعضاء الجمعيات السياسية الفعليين المنحلَّة بحكم نهائي لارتكابها مخالفة جسيمة لأحكام دستور المملكة أو أيِّ قانون من قوانينها”، وإلغاء الفقرة الرابعة من ذات المادة لتعارضها مع روح المشروع الإصلاحي الذي يفتح الباب لتعدد الآراء والتي تنص على: كل مَن تعمَّد الإضرار أو تعطيل سير الحياة الدستورية أو النيابية، وذلك بإنهاء أو ترْك العمل النيابي بالمجلس، أو تم إسقاط عضويته لذات الأسباب.”
وإصدار مرسوم بقانون لتعديل القانون رقم 30 لسنة 2002 القاضي بتعديل المرسوم بقانون رقم 21 لسنة 1989 ، يشير الى الغاء المادة رقم (60) الفقرة الثانية التي تنص على : ولا يجوز أن يكون المرشح لعضوية مجلس إدارة النادي أو المُجمع أو الهيئة الرياضية أو مركز تمكين الشباب أو الهيئة الشبابية منتمياً لأي جمعية سياسية، أو ممارساً للعمل السياسي أو عضواً في أي من مجلسي الشورى أو النواب، كما لا يجوز الجمع بين عضوية مجلس إدارة أكثر من نادٍ أو أكثر من اتحاد لعبة رياضية أو الجمع بين عضوية مجلس إدارة نادٍ واتحاد لعبة رياضية .
وإعادة النظر في قانون رقم 26 لسنة 2005 بشأن الجمعيات السياسية والعمل الغاء او تعديل المواد التي تسهل حل واستهداف الجمعيات السياسية من هذا القانون ويمكن تشكيل لجنة من المختصين القانونيين والتشريعيين لتقديم مرئياتهم لتعديل هذا القانون.
والغاء الأمر ملكي رقم 57 لسنة 2018 بتعديل بعض احكام الأمر الملكي رقم 59 لسنة 2014 بتحديد ضوابط تعيين اعضاء مجلس الشورى والذي منع الجمع بين عضوية أكثر من جمعية او نادي واقر إبعاد أعضاء الجمعيات السياسية من التعيينات في مجلس الشورى والوظائف الحكومية والترقيات الوظيفية ، بل والتوجيه باختيار يوم خاص لتكريم العاملين في مجال الشأن العام .
وانتقد العرادي وزارة التنمية الاجتماعية التي انفردت خلال السنتين الأخيرتين بإحالة الجمعيات التي تحت مظلتها الى النيابة العامة وفرض العقوبات والغرامات المالية ، رغم ان هؤلاء الأعضاء هم متطوعون ولكنها تقاضيهم وتحيلهم للنيابة كشخصيات طبيعية بينما هم ينتمون لشخصيات اعتبارية بحكم القانون.
في نفس الوقت تباهي البحرين بمنظمات المجتمع المدني أمام المنظمات الدولية، وتفخر بها باعتبارها شريكا في التنمية المستدامة وتطلب منها المشاركة في إعداد التقرير الدورية وفقاً لرؤية 2030 .موضحا بان الدولة في نفس الوقت تشجع ظاهرة انتشار المجالس الثقافية والسياسية في مناطق متعددة في البلاد .
وقال تبلغ عدد مؤسسات المجتمع المدني في البحرين حوالى الف مؤسسة ، يعتبر العدد كبير في بلد به مليوني نسمة فقط ، بينها 666 مؤسسة مسجلة تحت مظلة وزارة التنمية الاجتماعية.
الجمعيات المرخصة لجمع المال
وتطرق العرادي الى الصعوبات التي تواجه الجمعيات الخيرية والاهلية في جمع المال ، حيث كانت الجمعيات الخيرية تتمتع بحرية جمع التبرعات والإشتراكات مجرد حصولها على ترخيص العمل والإشهار في الجريدة الرسمية ، فهي بالأساس جمعيات قائمة على جمع التبرعات والصدقات وإعادة تدويرها في المجتمع.
وجاء القانون رقم 21 لسنة 2013 بشأن جمع المال للأغراض العامة لينظم التراخيص اللازمة لجمع المال للاغراض العامة ، ونتج عن ذلك تضييق شديد في مجالات العمل الأهلي والخيري منه على وجه الخصوص،  بعض التفاصيل:  
1. عدد الجمعيات الأهلية المرخصة لجمع المال 178 جمعية في العام 2022 (رد وزارة التنمية على النائب محمد الرفاعي) بنسبة 26.7% من الجمعيات فقط
2. عدد الجمعيات الأهلية المرخصة لجمع المال من الخارج 81 جمعية (رد وزارة التنمية على النائب محمد الرفاعي) بنسبة 12% من الجمعيات فقط
3. مدة ترخيص جمع عادة محدد بشهرين في الأحوال العامة لكن الجمعيات الخيرية والأسلامية تستثنى من هذا التقييد فتمنح ترخيصاً من 6 ـ 12 شهراً.
4. الجمعيات تحصل على ترخيص جمع المال كشخصيات اعتبارية من وزارة التنمية الاجتماعية
5. الأفراد يحصلون على جمع المال كأشخاص طبيعيين من وزارة العدل والشؤون الإسلامية
وبالجانب الاخر تم تحريم الارتباط بالمنظات الدولية ، البحرين قد التزمت بأهداف التنمية المستدامة ال17 التي أصدرتها الأمم المتحدة في العام 2015، وانظمت إليها رسمية فيما بات يعرف بخطة التنمية 2030 فلماذا تحرم الإرتباط بالمنظمات الدولية والأممية كالتالي:
1. تضع الحكومة حزمة من القوانين والأنظمة الضابطة للعلاقة مع المؤسسات الدولية، فلماذا لا تكتفي بهذه القوانين والأنظمة وتطلب ما تشاء من تقارير عن هذه العلاقات.
2. تحرم أغلب منظمات المجتمع المدني من المشاركة أو الإنتماء الى الإتحادات والمؤسسات الدولية، بينما يستثنى من ذلك بعض المنظمات غير الخاضعة لقانون الجمعيات والأندية، مثال ذلك الغرفة والنقابات العمالية.
3. تعلم الدولة بأن الانتماء للإتحادات الدولية يساهم في تعزيز الحضور البحريني، كما يوفر خبرات ميدانية تساهم في تطوير عمل المنظمات الأهلية، فلماذا تضيق عليها.
4. تقدم الاتحادات والمنظمات الدولية والأممية منحاً مالية تغطي مصاريف عدد من البرامج والأنشطة المجتمعية بما في ذلك المؤتمرات والندوات والدورات التدريبية، فهل من الحكمة حرمان منظماتنا منها.
5. تقوم المنظمات الأهلية في كل دول العالم بدور رائد في أعمال الإغاثة والإنقاذ عند وقوع الكوارث الطبيعية كالزلالزل والهزات الأرضية، فلماذا تمنع منظمات المجتمع المدني في البحرين من هذا الدور.
6. تعقد منظمات المجتمع المدني في جميع دول العالم المؤتمرات والفعاليات المرتبطة بمجالات نشاطها، وتستضيف ذوي الشأن من كافة دول العالم لحضورها، فلماذا يضيق عمل المنظمات البحرينية في هذا المجال.
7. تحصل منظمات المجتمع المدني في معظم دول العالم على دعم مالي منتظم يتناسب مع الأنشطة والفعاليات التي تقوم بها، فلماذ لا يعاد النظر في محاصرة منظمات المجتمع المدني في البحرين مالياً.
8. في أغلب دول العالم، يعتبر الانتماء لمنظمات المجتمع المدني نوعاً من الخدمة المجتمعية التي تعزز من مكانة المنتمين لها، فلماذا يضيق على المنتمين للعمل التطوعي ويعاملون كمتهمين حتى تثبت برائتهم.
9. حان الوقت لإعادة النظر في طريقة التعامل مع منظمات المجتمع المدني البحرينية، كما حان الوقت لتقدير المتطوعين في مختلف منظمات العمل المدني البحريني وتكريمه، بدل بهدلتهم.  
دعم مؤسسات المجتمع المدني
• بصورة عامة لا تحصل منظمات المجتمع المدني في البحرين على دعم مالي منتظم، ويستثنى من ذلك الجمعيات السياسية التي تتمكن من ايصال عدد من نوابها إلى مجلس النواب.
• تحصل الجمعيات السياسية الممثلة في مجلس النواب على دعم مالي بواقع 500 دينار عن كل نائب يمثلها في مجلس النواب.
• هذا يعني أن النواب يستطيعون ضخ الحياة في الجمعيات السياسية الموجودة حالياً وعددها (12 جمعية فقط)، فلو تم توزيع الأعضاء ال 40 على الجمعيات السياسية، لظفرت كل جمعية بما لا يقل عن 3 نواب .
• هذا يعني ضمان ضخ 1500 دينار على أقل تقدير في ميزانية كل جمعية سياسية وهو ما سيمكن هذه الجمعيات من الانتعاش وتفعيل البرامج والفعاليات، وربما التأهل للإنتخابات القادمة فعليا.
• تم وقف الدعم المالي الموجه للجمعيات السياسية منذ فترة الأمر الذي أدى إلى تراجع العمل السياسي وإغلاق عدد من الجمعيات بسبب ضعف الموارد المالية.
• تحصل بعض الجمعيات الإسلامية على دعم مالي هائل من خلال استحواذها على الزكوات الخاصة بالأثرياء ورجال الأعمال، وثلث أموال التركات الموصى بها أو المتروكة بدون وصية، ولا يتم الإفصاح عنها.
• تحصل الجمعيات الإسلامية على تحويلات مالية بمئات آلاف الدنانير من أرباح الحسابات التي لا يرغب أصحابها في استلام أرباح أموالهم باعتبارها أموال ربا، ولا يتم الافصاح عنها
• تحصل بعض الجمعيات الإسلامية على تحويلات مالية هائلة من الخارج تحت سمع وبصر الجهات المعنية، ولا يتم الافصاح عنها
• كونت بعض الجمعيات الإسلامية أرصدة هائلة وأنجزت عدداً من العقارات والأصول الثابته داخل وخارج البحرين وهي تدر عليها أموالاً طائلة، لا يتم الإفصاح عنها.
• يسمح بشكل انتقائي لجمعيات معينة بالحصول على أموال خارجية دون من منظمات دولية، في حين تحرم الجمعيات الأخرى من هذا الحق.
• يسمح لبعض الجمعيات بالإنتماء لاتحادات اقليمية ودولية ما يؤهلها للحصول على دعم لبرامجها ومشاريعها، فيما تحرم جمعيات أخرى من هذا الحق.
• بعض الجمعيات التي تحظى برئاسة شخصيات فخرية بارزة، تحصل على دعم مالي مباشر من مختلف الجهات و يتاح لها جمع التبرعات والدعم باسمها، كما يسمح لها بتنظيم الفعاليات وتحصيل الرعايات المجزية.
• تخضع أغلب منظمات المجتمع المدني لسلطة القانون رقم 21 لسنة 1989 وتعديلاته، إلا أن تطبيق القانون يتم بشكل انتقائي كما تريده الجهة المشرفة على المنظمات الخاضعة لها.
• وزارة التنمية الإجتماعية لا توفر دعما مالياً منتظماً للمنظمات الخاضعة لها، وتوفر بدل ذلك منح خاصة خاضعة لشروط مسابقة معقدة ومتعبة، يتم اقرارها وفق معايير مفروضة من طرف واحد.
• وزارة التنمية الاجتماعية تمنح مساعدات ومخصصات خاصة لبعض الأندية الاجتماعية.
• وزارة الشباب توفر دعماً مالياً منتظماً للمراكز الشبابية والأندية الخاضعة لها يغطي ايجار المقار ومصروفات الكهرباء والأنشطة والفعاليات التي تقوم بها الأندية والمراكز
• المجلس الأعلى للشباب والرياضة يوفر دعماً منتظماً للأندية والاتحادات الخاضعة له
• وزارة الإعلام توفر دعماً مجزيا للمنظمات الخاضعة لها، وللفنانين المفرغين تحت اشرافها
• وزارة العمل توفر دعما للنقابات الخاضعة لها عبر فرض قانون التفرغ النقابي وتلزم الشركات بدفع مرتبات النقابيين المتفرغين.
• إدارة الثقافة والتراث توفر دعما للمنظمات والفعاليات الخاضعة لإشرافها، معارض الكتاب والمهرجانات الثقافية.
التوصيات :
قدم العرادي في ختام الندوة عدد من التوصيات التي من شأنها إعادة احياء العمل بمسسات المجمع المدني حيث انه نتيجة التضييق الذي تمارسه الجهات الرسمية على منظمات المجتمع المدني، توشك الكثير من المنظمات على الفشل، وتنتشر بين النشطاء والمتطوعين دعوات لمغادرتها واعتزال العمل المجتمع.. والتوصيات كالتالي :
1. تخفيف الضغط على منظمات المجتمع المدني، وخاصة الإستهداف الجنائي والأمني، وإحالتهم إلى النيابة العامة.
2. توفير دعم مالي حقيقي لمنظمات المجتمع المدني، يتناسب مع المجهودات التي تبذلها كل منظمة.
3. تعزيز الثقة في منظمات المجتمع المدني والتعامل معها وفق مبدأ الشراكة المجتمعية وليس من منظور التنافس مع برامج الدولة أو المتحدية لها.
4. السماح بتشكيل إتحادات نوعية بين منظمات المجتمع المدني ذات الإهتمامات المشتركة، ودعم توجهاتها لنشر ثقافة العمل التطوعي.
5. السماح بعمليات التشبيك مع المنظمات الدولية والأممية الشبيهة لتعزيز الشراكة وتبادل الخبرات.
6. تخفيف القيود الصارمة بشأن تمويل أعمال منظمات المجتمع المدني، والسماح لها بالحصول على الدعم المالي المعروف وغير المشبوه من داخل وخارج البحرين.
7. إشراك منظمات المجتمع المدني في مناقشة القضايا المجتمعية التي تختص بها، ودعوتها لتقديم مرئياتها التي تمثل المجتمع.
8. اشراك منظمات المجتمع المدني في اعداد التقارير الدورية المتعلقة بالوضع الاجتماعي، وخاصة تقارير التنمية المستدامة.
9. اتاحة الفرصة لمنظمات المجتمع المدني بالتواصل مع السلطة التشريعية وتعزيز التشاور بينهما في كل ما يتناول مجالات عملها، والسماح لها بتقديم مرئياتها قبل اصدار القوانين والتشريعات، أو ادخال التعديلات المقترحة عليها.
10. رفع القيود والنصوص القانونية التي تعيق عمل منظمات المجتمع المدني، وخاصة التعديلات القانونية التي ادخلت على منظومة القوانين، وساهمت في تفريغ المنظمات من الكوادر.