DELMON POST LOGO

ما وراء انتخابات غرفة التجار -3

بقلم محمد حسن العرادي

بعد مضي شهر فقط على انتخابات غرفة البحرين (جرت السبت 19 مارس 2022) والتي اسفرت عن فوز كاسح وتام لكتلة تجار 22 بزعامة الرئيس المتوج سمير ناس، وتربعها على مقاعد مجلس ادارة الغرفة وقرارها وميزانيتها لأربعة أعوام جديدة قد لا تنتهي في العام 2026، فإن من المناسب تصفح ما آلت إليه الأمور في هذه الغرفة العتيدة ( تأسست 1939) وتسجيل مجموعة من الملاحظات.

الملاحظة الأولى: لقد تم تقديم مكافأة مجزية (مستحقة) الى عضو مجلس ادارة الغرفة أحمد السلوم عراب التعديل المثير للجدل في نظام إحتساب الأصوات حسب حجم رأس المال لكل صاحب سجل تجاري، وعضوية إجبارية في الغرفة (128 صوتاً للشركات التي يفوق رأسمالها مليون دينار، 256 صوتاً للشركات التي يفوق رأسمالها 5 مليون دينار)

وعليه فقد حصد النائب السلوم الذي لمع نجمه أكثر من ذي قبل نتائج جهوده (الخيرة جداً) فدخل هيئة المكتب (التي لايدخلها إلا المقربون) المهيمنة على القرار ورسم سياسة الغرفة، لينضم بذلك الى نادي السبعة الكبار في عالم التجار أصحاب القرار الذين لا يشق لهم غبار.

الملاحظة الثانية: تم الإنقلاب على الأولويات والأعراف النقابية والنظامية في عقد الجمعيات العمومية للجمعيات والمؤسسات الاهلية، ففي جميع الحالات تعقد الجمعيات العمومية لمحاسبة مجلس الادارة المنتهية ولايته ومناقشة التقارير التي يقدمها عن فترة عمله السابقة، (التقرير الأدبي، التقرير المالي، تقرير مكتب المحاسبة والتدقيق )، الأمر الذي يتيح للأعضاء العاملين الفرصة لقول رأيهم أو التعبير عن رضاهم او سخطهم على مجلس الإدارة المستقيل او بعض أعضاءه،  وقد يؤدي (لاسمح الله طبعا) الى حجب الثقة عن بعض أعضاءه نتيجة إخفاقاتهم او سوء أدائهم، لكن غرفة البحرين إبتكرت آلية عمل جديدة تضع العربة أمام الحصان، يتم بموجبها إجراء الإنتخابات والفوز بالمقاعد وضمان التجديد لأعضاء مجلس الإدارة الجديد،  ومن ثم تعقد الجمعية العمومية كفعل إجرائي لا يسمن ولا يغني من جوع، وانما لضمان التصفيق والتهليل والتبجيل للإنجازات العظيمة التي قدمها المجلس واعضاء الكرام والتي لا يعرف عنها المشاركون في الإنتخابات شيئاً، وإن عرفوا فإن معرفتهم لا تقدم ولا تؤخر بعد أن سبق السيف العذل .

الملاحظة الثالثة: ان التقرير المالي عن الدورة 29 المنصرمة لمجلس ادارة الغرفة، أشار إلى أن فائض الأموال المتراكمة الدى الغرفة قد تجاوز 32 مليون دينار بحريني (حوالي 100 مليون دولار) لكن هذه الأموال محفوظة في حصن حصين حتى يتهيأ لمجلس الإدارة العتيد الفرصة المواتية لابتكار طريقة مناسبة لصرفها واستثمارها بالشكل المناسب، والتي قد تكون على هيئة مؤتمرات داخلية أو خارجية (لا تسفر عنها أي نتائج مفيدة معلومة)، وفود وزيارات تجارية خارجية (للراحة والإستجمام وعقد الصفقات الخاصة لصالح أعضاء الوفود المختارين بعناية فائقة)، معارض دولية في أغلى مراكز المعارض الدولية والفنادق حول العالم!

(غالباً لا يسمع عنها التاجر البحريني العادي ولا يلمس منها المواطن أي جدوى اقتصادية او عائد مجدي) وغيرها من البهرجات واللقاءات التي لا تقدم جديداً ولا تحدث تغييراً من أي نوع في سوق العمل ولا تساهم في خلق فرص عملٍ للمواطنين الذين يستمر تضيق الفرص أمامهم ويستهزئ بهم وبقدرتهم على المشاركة في تحمل المسئولية وتولي الوظائف ذات المرتبات المجزية التي يذهب جلها للأجانب من مختلف الجنسيات وليس للمواطنين فيها نصيبٍ يذكر.

الملاحظة الرابعة: ما أثير في الحمعية العمومية حول مبنى الغرفة القديم المتروك لعوامل التعرية والإهمال منذ عدة سنوات بحجة تقادمه وعدم صلاحيته، ورغم ان الغرفة قد سبق ان رصدت لتجديده 4 مليون دينار، الا أن مجلس الإدارة لم يجد الوقت اللازم للاهتمام بهذا المبنى (بسبب انشغالاته الإقتصادية والتنموية الكبيرة) ، فلا هو قام بهدمه وإعادة استثماره او بيعه ولا هو قام بصيانته وتجديده،

والأدهى والأمر أن هذا المبنى الذي شكل تاريخاً مجيداً للغرفة العتيدة أصبح شاهداً قائماً على سوء الإدارة وشهيداً لقراراتها المتضاربة حتى جاء طرح مجلس الإدارة في الجمعية العمومية بضرورة وقف الإعتماد المسمى "إعادة تجديد" لهذا المبنى من دون تقديم البدائل المناسبة  لذلك.

الملاحظة الخامسة: ان الإستهزاء بالمواطنين من صغار التجار ورجال الأعمال قد بلغ حداً لا يمكن السكوت عنه، حين طالب أحد اعضاء الجمعية العمومية (مرشح لإنتخابات مجلس الادارة الأخيرة) باعتماد مبلغ من المال (4 مليون دينار أسوة بالمبلغ المرصود لتجديد مبنى الغرفة القديم المتهالك)، من أجل مساعدة أصحاب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة المتعثرة بسبب جائحة كورونا وإغلاقات وتراجع الأسواق طوال أكثر من عامين، فكان الرد الصاعق عليه من قبل رئيس المجلس (فيه تاجر محتاج)! في اعادة انتاج كريه وممقوت لمقولة اللي ما يقدر ينافس يطلع من السوق.

الملاحظة السادسة: أن اغلب أصحاب الأصوات الكبيرة التي حسمت إنتخابات الغرفة الأخيرة بشكل سافر من خلال (الأصوات المتضخمة والمتخمة  بسبب النظام الإنتخابي الجديد) لصالح التصويت لكتلة تجارة 22، لم يهتموا بحضور الجمعية العمومية ولم يكلفوا أنفسهم عناء الدخول في نقاشات جادة والخوض في أي موضوعات تهم الإقتصاد الوطني للبلاد او تدافع عن مصالح المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وتعزيز قدرتها على البقاء والصراع من أجل الوجود في عالم تسود فيه لغة المال .

الخلاصة: لسنا من هواة الإثارة والتصيد أو الدعوة الساذجة لتبديل الوجوه فقط، لكننا من باب المسئولية المجتمعية ننادي باستثمار الفرص الكبيرة التي تمتلكها غرفة البحرين، للمساهمة في تعزيز التنمية المستدامة ودعم الاقتصاد الوطني، من خلال تشجيع المبادرات الوطنية الخلاقة ودعم الأفكار الجديدة التي يقدمها أبناء الوطن والوقوف الى جانبهم ومساندتهم على النهوض من جديد، ولا بأس بدراسة امكانية رصد ميزانية معقولة لدعمهم ومساعدتهم على الصمود في وجه المنافسة الأجنبية الشرسة التي تواجههم في سوق لا يرحم،

وعلينا ان نعي أن التاجر الأجنبي الذي يستهدف إخراج صغار التجار الوطنيين من سوق المنافسة اليوم، سيكبر ويعمد الى منافسة كبار التجار غدا وازاحتهم من السوق والمنافسة، وعندها لن ينفعكم القول (لقد أكلت يوم اكل الثور الأبيض) واللبيب بالاشارة يفهم ، ساعدوهم اليوم ليقفوا معكم غدا

لكن الحديث لم ينتهي بعد فانتظرونا في المقال القادم