DELMON POST LOGO

أم محمد تهزم مجلس النواب في الجولة الأولى

بقلم محمد حسن العرادي

في الجولة الأولى تمكنت أم محمد من هزيمة مجلس النواب بكامل أعضاءه الأربعون، وأظهرت حجم الشعور  بالإحباط واليأس وعدم الرضى لدى المواطنين عن أداء هذا المجلس الذي اغدق الكثير من الوعود والعهود على مدى عقدين كاملين لكنه لم يحقق سوى القليل جدا.
لقد أدى ذلك الى تراجع التأييد والاهتمام من قبل المواطنين بما يدور قي أروقة المجلس وباخباره التي تملاء الصحف اليومية بدون نتيجة، كدليل على عدم اقتناعهم بما يعتبره النواب إنجازات تمكنوا من تحقيقها وخاصة خلال الفصل التشريعي الخامس (2018 - 2022)، فقد حققت أم محمد خلال الجولة الأولى الكثير من التعاطف واستحقت الكثير من التأييد والمتابعة، وهو ما لم يتمكن مجلس النواب من تحقيقه خلال 4 سنوات كاملة،  وقد تحولت قصة أم محمد الى قضية وطنية اجتماعية حققت إجماعاً منقطع النظير في أوساط المجتمع البحريني، بكل فئاته وطبقاته.
لقد ابتعد المواطنون عن متابعة مجلس النواب لانهم شعروا بالخذلان والخديعة في اكثر من محطة وامتحان، لكنهم إنتصروا لأم محمد لأنهم شعروا بأنها تمثل كرامتهم الوطنية وحسهم الفطري نحو التضامن في الملمات والتحديات، حدث ذلك عندما علم البحرينيون بأن بلوقر مشهور استفرد وأستهزأ برنقينة أم محمد (وجبة شعبية انتشرت في البحرين مؤخرا) عندما عبر عن عدم إعجابه بالرنقينة التي صنعتها وأرسلت اليه ليتذوقها ويعلن عنها عن طريق ابنها الذي علم بوصول البلوقر المشهور وفكر في مساعدة والدته.
لكن الابن أحبط من التعليق الذي نشره البلوقر معبراً عن عدم إعجابه برنقينة ام محمد، وحينها أستفز الولد وإنتصر لوالدته، فصور انطباعه وارسله في الفضاء الاجتماعي، فحدثت حالة من التضامن والتعاطف المجتمعي قادت لتوحد الجميع خلف القيم والمثل التي تمثله وثقافته، وفي طرفة عين هبت البحرين خلف أم محمد تناصرها بعيداً عن الفروقات المذهبية  والاجتماعية، وهي وحدة مجتمعية فشل وعجز مجلس النواب عن تحقيقها طوال السنوات الماضية.  
لقد أصبحت رنقينة أم محمد أشهر من نار على علم، وصارت حديث الساعة ليس في البحرين فحسب، بل إن شهرتها وصلت الى الكويت بلد البلوقرز وطافت العديد من دول مجلس التعاون الخليجي واستفزت الكثير من النشطاء والبلوقرز والمواطنين من مختلف الفئات لمناصرة المرأة البحرينية الطيبة، ثم انتقل التضامن إلى مرحلة أكبر من خلال الدعوة الواسعة الى دعم حسابها على الانستغرام، والترويج لها، وقد أدى ذلك الى زيادة الإقبال على حجز منتجات أم محمد من الرنقينه ومختلف الأصناف الشعبية التي تنتجها.
لقد قفز عدد المتابعين لحساب أم محمد إلى عشرات الآلاف خلال أيام قليلة (تجاوز 90 الف متابعة لحظة كتابة هذا المقال)، ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل دخل على خط التضامن معها وتقديم الدعم والمساندة لها الفنانون  والإعلاميون من البحرين والكويت، وحتى المشاهير منهم كالفنان المتميز طارق العلي الذي زار منزل السيدة على رأس وفد فني كويتي للأخذ بخاطر أم محمد وجبره بعد أن كسره البلوقر الكويتي بتصرفه الطائش، مشيراً الى وحدة الشعبين البحريني والكويتي وعلاقاتهم القوية، داعياً إلى وقف تداعيات إعلان الرنقينة السلبية.
وعلى ذات المنوال دخل الفنان الكويتي المشهور داوود حسين معتذراً ومقدماً أسمى آيات التقدير والإحترام نيابة عن الشعب الكويتي لأم محمد واضعاً حسابه الشخصي تحت تصرفها ومبدياً استعداده التام لنشر إعلانها في الستوري الخاص به مع أطيب الكلمات وأعذبها لنيل رضا أم محمد ومن تعاطف معها من أبناء وبنات شعب البحرين.
وإذا كان من الإنصاف التوجه بالشكر والتقدير لهذه الروح التضامنية الطيبة من أبناء ومشاهير الشعبين البحريني والكويتي على هذه الإلتفاته الإنسانية ناحية أم محمد التي وحدت الشعب في جولة كرامة وطنية واحدة، فإن ذلك يطرح العديد من التساؤلات الخاصة بالإهتمام بالقضايا المعيشية والحياتية الأخرى لشعب البحرين، لاسيما الملفات العالقة في مجلس النواب البحريني منذ سنوات وخاصة في الفصل التشريعي الخامس المنتهي حديثاً.
محاولات عديدة بذلها السادة والسيدات أعضاء وعضوات مجلس النواب البحريني للحصول على رضا المواطنين بصورة عامة والناخبين بصورة خاصة، لكن النتيجة كانت سلبية، والمحاولات فاشلة بامتياز، وعبثاً حاول النواب البحرينيين تجميل وتحسين صورتهم وأدائهم، وأقاموا لذلك العديد من المنتديات وأطلقوا الكثير من التصريحات حول الإنجازات المزعومة، والآن نراهم يسعون لتلميع مواقفهم وتنظيف سيرتهم واخفاقاتهم النيابية من أجل إعادة تأهلهم لدورة جديدة من مجلس النواب.
ولا يتوقف الفشل على الاداء الضعيف لأغلب أعضاء مجلس النواب منفردين ومجتمعين فحسب، بل على ملايين الدنانير التي صرفت على تجميل صورة المجلس نفسه، ومع ذلك لم يتمكن المجلس  من تحقيق اي إجماع أو تأييد ولو لمرة واحدة، رغم انشاء اللجان وتوظيف الإعلام وعقد المؤتمرات الصحفية وتنظيم الكثير من الزيارات الخارجية حول العالم  للمشاركة في المؤتمرات الدولية البرلمانية والأممية، لكن أم محمد حققت ما عجز مجلس النواب واعضاءه وكوادره وموظفيه عن تحقيقه في ظرف ايام معدودات.
وفي ختام هذا المقال نقول للسادة النواب الراغبين بتجديد ترشحهم للفصل السادس من مجلس النواب عليكم أن تتلمسوا الاحتياجات الحياتية والمعيشية الحقيقية للمواطن، وأن تدافعوا عن لقمة عيشه وتحموا حقوقه وحرياته السياسية والاقتصادية، وخاصة حقه في التعبير والاختيار، وحقه في العمل والحياة الكريمة.
اننا كمواطنين بحرينيبن بحاجة إلى كل ما يعزز وحدتنا ويحقق امنياتنا وفق ما يقره الدستور وميثاق العمل الوطني،  بعيداً عن الإبتزاز والتصنيف وفق الإنتماء المذهبي أو الميول السياسية، وأخيراً نجدد التحية للسيدة البحرينية أم محمد التي حققت ما عجز عنه مجلس النواب، وساهمت في توحيد البحرينيين على كلمة سواء تطالب بالمحافظة على الكرامة الانسانية للمواطن البحريني بعد اكثر من عشرون عاماً على انطلاق التجربة البرلمانية وإخفاقها في تحقيق ذلك.