DELMON POST LOGO

العنزي في منتدى المنبر التقدمي : تمكنت وسائل التواصل الاجتماعي من تقديم صورة مغايرة عن التي حاول الإعلام التقليدي أن يخفيها بحرب غزة

وسائل التواصل تستخدم في الكثير من قبل بعض الدول للتدخل في شؤون دول أخرى تحاول من خلال ذلك خلق توترات وزعزعة للأمن وعدم الاستقرار فيها  

خلص الصحفي الكويتي محمد العنزي في ورقته الخامسة والاخيرة التي قدمها في منتدى المنبر التقدمي والتي كانت بعنوان " ديمقراطية الاعلام " بانه  لاشك أن العالم يمر حالياً بمرحلة تحوّل في التعامل مع الشأن الإعلامي من خلال دخول وسائل الإعلام الحديثة التي لم يتجاوز عمرها 30 عاماً التي ظهرت مع انتشار الإنترنت وكذلك لم يتجاوز عمر وسائل التواصل الاجتماعي 20 عاماً، ومع ذلك تركت وما زالت تترك أثراً في التعاطي مع الشأن العام بمختلف دول العالم ولم تبق دولة بمنأى عن تأثرات الإعلام الحديث الذي يزيح الإعلام التقليدي القديم الذي فقد بريقه وتأثيره في الرأي العام بشكل مستمر ومتصاعد.

فمع الإعلام الحديث وبرامج التواصل الاجتماعي أصبح الفرد أكثر حرية في التعبير عن رأيه وأكثر دراية لما يحدث من حوله في العالم وأوسع اطلاعاً بحصوله على أي معلومة بعيداً عن رقابة الحكومات التي أصبحت رقابتها شكلية وضعفت قبضتها في ما يصل إلى المجتمع من معرفة وأحداث.

هذه جميعها تمثل حالة من تعزيز الديمقراطية بكسر احتكار وسائل الإعلام بظهر الوسائل الحديثة وهو ما اضعف الإعلام التقليدي وتراجع تحكمه وسيطرته على تحديد الملفات التي يفرضها على المجتمع وتشكيله للقضايا على حسب مصلحة الملاك المسيطرين على وسائل الإعلام.

ومع كل هذه الإيجابيات فإن التحديات التي تواجه الإعلام الحديث كثيرة وتتطلب عملاً لمعالجتها  خاصة لما تحمله من مخاطر شديدة على المجتمعات من تشويه للرأي العام عن طريق نشر المعلومات المغلوطة وغيرها من الأساليب التي تهدف إلى خلق التوترات في المجتمعات.

لذا يعتبر فضاء الانترنت هو ساحة مفتوحة للجميع يتشكل فيه حالة من الصراع تشمل أفراد ومنظمات وأجهزة دولية تعمل على تشكيل هوية المجتمعات مرة أخرى بعد انتهاء عصر الإعلام التقليدي وهنا يكون الدور الهام لقوى اليسار في فهم كيفية التعامل مع الإعلام الحديث بتقديم محتوى جاذب ومفيد وفعال يساهم بزيادة الوعي في كل القضايا التي يعمل عليها من ملفات العدالة الاجتماعية ومكافحة الفساد وغيرها من الملفات.

وعرف العنزي مفهوم الاعلام قائلا : مثّل الإعلام بمظهره الحديث بعد بروز الدول القومية في أوروبا بنظمها الديمقراطية وبناء مؤسساتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية وتشكل المجتمع المدني احد هذه التمظهرات الحديثة لتلك المرحلة وأحد البنى الأساسية في الدولة ضمن مشروع الحداثة الذي يرتكز ضمن ركائزها على مبدأ الحرية ومنها حرية التعبير والنشر.

فلم يقتصر دور الإعلام كوسيلة عن حرية التعبير فقط ولكنه مثل أيضاً القناة الأساسية لمخاطبة السلطة للجماهير وكسب الرأي العام والترويج للبرامج السياسية والاجتماعية ليكتسب الإعلام عبر التطور المستمر أهمية متزايدة لكل الأطراف المرسل والمتلقي ليأتي التعريف المباشر والمبسط باعتباره (وسيلة اتصال بين طرفين الأول هو المرسل والثاني هو المتلقي والمحتوى التي تتضمنها الرسالة).

الاتجاه الليبرالي الكلاسيكي في الاعلام:

يشدد الاتجاه الليبرالي على أهمية دور الإعلام في تعزيز الديمقراطية لما يمثله من أداة حيوية لضمان حرية التعبير والنشر وتوفير المعلومات الدقيقة ومتوازنة للجمهور باعتبارها ضرورة لتمكين المواطنين من اتخاذ قرارات مستنيرة ولتحقيق ذلك يجب أن تكون ملكية وسائل الإعلام خاصة حتى تحافظ على استقلاليتها.

هذا الاتجاه يؤكد على أهمية حرية الإعلام بابتعاده عن التأثيرات الحكومية أو التجارية المفرطة لتقديم محتويات إعلامية نزيهة ومحايدة تقوم بشكل أساسي على حرية التعبير والنشر دون ضغوط أو مؤثرات لأن الإعلام يمثل وسيلة لنقل المعلومات والأفكار بشكل موضوعي ومن أجل تحقيق هذه الأهداف يجب أن يكون الإعلام له استقلالية كاملة.

ويمثل الإعلام في هذا الاتجاه ضمن أدوات تعزيز الديمقراطية بقيامه بدور الرقابة على أداء السلطات وتوفيره مساحة لطرح القضايا العامة والنقاشات على مختلف القضايا التي تهمّ الجمهور ومن خلال وسائل الإعلام يتم قياس الرأي العام ومعرفة اتجاهاته السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

ويعي هذا الاتجاه صعوبة تحقيق هذه المبادئ لدور الإعلام عملياً كطرف مستقل يقدّم المحتوى بشكل نزيه وموضوعي لأن وسائل الإعلام على أرض الواقع تخضع لعوامل مختلفة مثل المصالح التجارية للملاك والضغوط السياسية والتحيزات الأيديولوجية.

ولحل هذه التناقضات يقدم هذا الاتجاه مجموعة ضمانات تحد من التأثير السلبي لوسائل الإعلام مثل:

تعزيز القوانين والتشريعات: وضع قوانين تضمن استقلالية الإعلام وتحميه من التأثيرات الخارجية.

الشفافية والمساءلة: تشجيع الشفافية في ملكية وسائل الإعلام ومعرفة عمليات التمويل لتعزيز المساءلة.

تعليم الجمهور: تثقيف الجمهور حول كيفية تقييم المحتوى الإعلامي وتشجيع النقد الإعلامي.

التنوع والتوازن: تشجيع التنوع في مصادر الإعلام ووجهات النظر لتقليل التحيزات.

ويندرج تحت الاتجاه الليبرالي عدة مدارس نستعرض بعض منها مثل:

المدرسة السلوكية:

مع دخول القرن العشرين وتوسع الأسواق وتطوّر المدن وتزايد عدد سكانها أصبحت وسائل الإعلام عملياً أداة للتسويق لإعلانات المنتجات مما تطلب معرفة الطرق التي تؤثر على سلوك الجمهور للتأثير عليه وظهرت خلال تلك الفترة مدارس من أبرزها المدرسة السلوكية التي حاولت أن تدرس علمياً سلوكيات الجماهير وتتناول فيه بعض النظريات والدراسات والتوصل إلى بعض النتائج التي اعتمدتها في السياسات الإعلامية.

كان من أهم هذه النتائج هي أن الجماهير أو الحشود لا تتحرك وفق قناعاتها وإنما على قدرة المحرك أو الطرف المرسل على تحريكها، أي المتحكم بعملية الاتصال الذي في حال إتقانه عملية الاتصال بنجاح يستطيع أن يتحكم بقراراتهم واختياراتهم.

هذه المدرسة أو الاتجاه جاءت تأثراً بنظريات بعالم الاجتماع الفرنسي غوستاف لوبون من خلال كتابه (سيكولوجية الجماهير) وهو الاتجاه الذي اعتمده التيار اليميني الذي لا يرى بالفعالية الشعبية إلا كتابعين يتأثرون بالدعاية وينساقون خلفها وبإمكان التحكم بهم وفق الرسالة التي يبثها المرسل.

وهذا الاتجاه تمّ تطويره بعد دراسات استقصائية في عشرينيات القرن الماضي خاصة بعد ظهور نتائج بيّنت أن الجماهير ليست بتلك السطحية والسذاجة التي تنساق خلف الإعلام والدعاية وهي نظرية يطلق عليها (الأثر المحدود لوسائل الاتصال الجماهيري) ولكن تطرح إمكانية التأثير بالجماهير في حال تمّ إقناعها أن الفكرة أو المشروع ناتج عن خياراتها هي عن طريق تقديم اقتراح أو خيارات محددة يطرحها المرسل للمتلقي الذي يعتقد أن هذا الاختيار نابع من قراراته الشخصية.

وكلا الاتجاهين في هذه المدرسة قامت على دراسة الاتصال الجماهيري ومحاولة فهم المجتمعات سيكولوجياً وثقافياً واجتماعياً خاصة في أمريكا وتحديداً مدرسة (شيكاغو لعلوم الاجتماع) التي تشكلت بعد نهاية الحرب العالمية الأولى وسعت من ضمن أهدافها إلى ترسيخ دور الشركات وهيمنتها على المدينة والمجتمع والتحكم في توجيه الرأي العام في الانتخابات عن طريق دراسة المجتمع نفسياً وثقافياً تحت عنوان أو محور ( المدينة كمختبر اجتماعي) وبناء على تلك الدراسات كانت المدن تنظم وتترتب وفق عمل مدروس من أجل التحكم بها.

ولكن تبين بعد دراسات أخرى أن هذا الاتجاه أظهرت نتائج مخالفة، وأن التحكم بالجماهير أعقد مما حاولت المدرسة السيكولوجية أن تؤكد عليه حيث أثبتت الدراسات التجريبية والاستقصائية أن الجماهير تتفاعل بنسب متفاوتة مع ما تقدمها وسائل الإعلام.  فهناك من تأثر بقوة مع ما تقدمه وسائل الإعلام وهناك من تأثر بنسبة أقل، وجزء آخر من الجماهير لم يتأثر، والأخير هو كان الأكثر عرضة واتصالاً بوسائل الإعلام فيما الأقل تواصلاً كان أكثر تأثراً بما تقدّمه وسائل الإعلام.

الاتجاه النيوليبرالي للاعلام :

مع انتهاء الحرب العالمية الثانية دخلت وسائل الإعلام في مرحلة أكثر تأثيراً نتيجة التطورات التكنولوجية وتغلغلها بصورة أعمق داخل المجتمعات مع زيادة انتشار المحطات الإذاعية والتلفزيونية التي كانت تخضع لبعض القيود التنظيمية والرقابية من قبل الحكومات لضمان تحقيقها المصلحة العامة وتوفير معلومات موثوقة للمحتوى الإعلامي خاصة في ظل تصاعد تأثيرات الحرب الباردة ومواجهة ما أطلق عليه خطر الشيوعية، فكان الإعلام يركز على الحشد والدور الوطني للمواطن والالتزام بالمعايير العامة للمجتمع.

ولكن مع دخول المدرسة النيوليبرالية في السبعينات والثمانينات من القرن الماضي ظهر تحوّل جديد في وسائل الإعلام نتيجة تأثرها في مبادئ هذا الاتجاه القائمة على مبادئ السوق الحر والمنافسة في تشكيل وتقديم المحتوى الإعلامي الذي يقرره الذوق العام للجمهور دون تدخل من الدولة بنشاط وسائل الإعلام عن طريق تقليل القيود التنظيمية على السوق الإعلامي.

اليسار ومفهوم الإعلام:

اهتمّ التيار اليساري بدراسة وتحليل دور بوسائل الإعلام ومعرفة المفاهيم التي تقوم عليها بشكل حقيقي باعتبار أنها ضمن أدوات الصراع داخل المجتمع، ويمكن إبراز ثلاث اتجاهات في نقد وتحليل الإعلام ، والمفهوم العام له باعتباره مجموعة من الوسائط والأدوات التي تستخدم للتواصل ونشر المعلومات والأفكار يُنظر إليه كأداة أيديولوجية تعكس وتعزز مصالح الطبقة الحاكمة والأيديولوجيات السائدة في المجتمع وتحقيق الهيمنة الطبقية وتقوم على مقولات الصراع الطبقي باعتبار وسائل الاتصال الجماهيري تابعة لمصالح الطبقة المهيمنة التي تقوم بالتحكم في مضامين المحتوى الإعلامي ويُستخدم لتعزيز وتبرير مصالح الطبقة البرجوازية وهو ما يعني أن الإعلام في المجتمع الرأسمالي يميل إلى عكس ودعم القيم والأهداف الاقتصادية والسياسية.

ويمكن تلخيص رؤية الاتجاه الماركسي لوظيفة وسائل الإعلام  في عدة عوامل منها كأداة أيديولوجية ، وتشكيل الوعي الجماعي والتوافق الأيديولوجي وتجاهل أو تشويه البدائل والهيمنة الثقافية والسيطرة الطبقية.

كما اهتم تشومسكي بكيفية تأثير عامل الربح على عمل وسائل الإعلام التي تُدار كشركات وتعكس مصالح مُلاكها الذين يقررون ما يسمح نشره من محتوى بشكل لا يتعارض مع مصالحهم وكذلك التحكم بالمحتوى الإعلامي والإخباري بشكل لا يتعارض مع الشركات المعلنة في المؤسسة الإعلامية حتى لو كان على حساب الحقيقة.

ثورات وسائل الإعلام:

مرّت وسائل الإعلام بثورات رئيسية منذ تشكلها بمفهومها الحديث لمرحلة ما بعد الطباعة بظهور الصحف والكتب والمجلات التي تخاطب الجمهور والسلطات غيّرت في طبيعة عملها وسرعة انتشارها وزيادة تأثيرها الجماهيري ويمكن تحديد خمس ثورات كبيرة طوّرت مفهوم الإعلام حتى الوقت الحالي وهي الثورة الصناعية وثورة اكتشاف الكهرباء ، واختراع الراديو ، وظهور التلفزيون ، وثورة الإنترنت والحوسبة .

ولم تقتصر التحديات التي تواجه وسائل الإعلام على الجوانب المالية أو التجارية والإعلانية التي ربما أقل مشاكلها بعد انتشار الإنترنت فالتحدي الذي أخذ بالتزايد منذ أواخر التسعينات وبداية الألفية هو ظهور المدونات والمنتديات التي تقدم التفاعل بين المرسل والمتلقي بعكس الإعلام التقليدي الذي يحتكر الإرسال ولا توجد خاصية التفاعل مع المتلقي.

البرامج التي تقدم في الإنترنت مثل المدونات والمنتديات تتيح للأفراد والمجموعات المختلفة تقديم محتويات خاصة بهم وموضوعات تطرح قضايا مفتوحة للنقاش العام وهي متاحة للجميع من كل أنحاء العالم وفي كل وقت وتتسم بالجرأة ولا تخضع لأي قيود قانونية ولا لشروط وسياسات وسائل الإعلام.

لأول مرة يصبح من حق الفرد العادي التعبير عن رأيه ومناقشة القضايا العامة والتعليق عليها في مواقع المدونات والمنتديات التي لا تحمل المؤسس لها أي كلفة مالية فلا مبنى ولا موظفين ولا كادر فني ولا متخصصين فكل ما يحتاجه الفرد هو جهاز كمبيوتر يكتب فيها رأيه الخاص في المدونة أو المنتدى، والمتابعون فيها يتشاركون الآراء لتصبح منبراً للتعبير عن الرأي والاختلاف والمناقشة في كل القضايا السياسية والاجتماعية والدينية لتعكس حالة من الديمقراطية المباشرة بين الأفراد.

مع استمرار تطور الإنترنت وانتشاره تزايد تأثيرات المدونات وتحولت إلى مواقع ينشر فيها وتتداول المعلومات التي تخترق المحاذير القانونية وتشكل خطراً على السلطات بكشف بياناتها السرية، بصورة تتجاوز قدرات الصحف والإعلام التقليدي الذي يخضع بطبيعته لضوابط قانونية ومصالح سياسية وتجارية لا يستطيع تجاوزها ولكن في عالم الإنترنت أصبحت هذه المعايير لا قيمة لها لتكون بديلاً عن وسائل الإعلام التقليدية في توفير المعلومات والأخبار وتزيحها عن مواقع التأثير على الرأي العام.

أمام تصاعد تأثيرات مواقع الانترنت التي سحبت البساط من الإعلام التقليدي فيما تقدمه من نشر لأخبار ومحتوى إعلامي جديد أصبحت الصحف هي من تتابع تلك المواقع الإلكترونية وتنشر ما تبثه من معلومات وبيانات، خاصة المواقع التي أخذت صدى عالمياً كبيراً ومحل متابعة من كل أنحاء العالم مثل الموقع الإلكتروني الشهير (ويكيليس) الذي تأسس عام 2006 كمنظمة غير ربحية.

ثورة وسائل التواصل الاجتماعي وتعزيز الديمقراطية:

بعد مرور ما يزيد عن عقد على انتشار الإنترنت وتوسعه بدأت مرحلة أخرى من الدخول في عالم جديد من عصر الاتصالات بظهور أجهزة الهواتف الذكية وأبرزها هاتف (آي فون) الذي أعلن عنه في عام 2007 ليدشن مرحلة جديدة وثورة في عملية التواصل بانتقالها من أجهزة الكمبيوترات إلى الهواتف المحمولة لتؤثر على تفاعل الجميع مع العالم وتدخل جميع الخدمات المتنوعة ومنها الخدمات الإعلامية إلى تطبيقات الهواتف.    

نتج عن ظهور الهواتف الذكية دخول برامج التواصل الاجتماعي التي شكلت عالماً جديداً في طرق التواصل بين الناس تطرح فيها خدمات غير محدودة من ضمنها محتويات إعلامية وثقافية ومقالات وصور وفيديوهات متنوعة.

واستحدثت تلك الوسائل الحديثة عمليات جديدة وأسلوب غير معتاد في التعاطي مع محتويات الإعلام مثل النصوص القصيرة والاعتماد بشكل متزايد على لقطات الفيديو بشكل أساسي أو التعليقات الفردية لأصحاب الحسابات حول القضايا العامة مما منحهم شهرة ومتابعة متزايدة من الأفراد.

هذه الشهرة فتحت أبواب جديدة في عالم الإعلانات التجارية منحت أصحاب الحسابات إمكانية تقديم الإعلانات في حساباتهم الشخصية في وسائل التواصل لتبرز منها ظاهرة جديدة يطلق عليها (مشاهير التواصل الاجتماعي) الذين زاحموا من خلال عمليات الإعلانات النجوم والمشاهير المعروفين من فنانين في مختلف المجالات أو الرياضيين على شركات الإعلانات والتسويق.

هذا النوع من الإعلانات والتسويق الجديد منح الشركات الصغيرة غير القادرة على دفع تكاليف كبيرة للإعلان في الصحف أو في محطات التلفزيون فرص التوجه إلى حسابات التواصل الاجتماعي الذي أصبح أكثر انتشاراً وأعلي عائداً عبر هؤلاء المشاهير الجدد من الإعلانات في الإعلام التقليدي.

ولعل أبرز برامج التواصل الاجتماعي التي انتشرت بين الناس تتمثل في:

موقع (Facebook)  الذي تأسس في عام 2004 كموقع لطلاب جامعة هارفارد ثم توسع ليصبح أكبر شبكة اجتماعية في العالم.

موقع ((YouTube الذي تأسس عام 2005 منصة مشاركة الفيديو التي أصبحت جزءاً رئيسياً من ثقافة الإنترنت.

موقع (Twitter) الذي تأسس عام 2006 ويركز على التدوين الصغير (التغريدات)، وأصبح أداة هامة للتواصل والأخبار.

موقع  (WhatsApp)الذي تأسس عام 2009 وهو تطبيق للمراسلة الفورية أصبح شائعاً بشكل كبير حول العالم.

موقع  (Instagram) الذي تأسس عام 2010 وهو تطبيق مشاركة الصور والفيديوهات اكتسب شعبية سريعة خاصة بين الشباب.

موقع (Snapchat) الذي تأسس عام 2011 وهو تطبيق يركز على مشاركة الصور والفيديوهات التي تختفي بعد فترة قصيرة.

موقع (TikTok) الذي تأسس عام 2016 منصة لمشاركة مقاطع الفيديو القصيرة التي اكتسبت شعبية كبيرة خاصة بين الأجيال الأصغر سناً.

دور وسائل التواصل الاجتماعي في أحداث غزة:

استطاعت وسائل التواصل الاجتماعي في تعاطيها مع عدوان الكيان الصهيوني تجاه سكّان غزة من قلب الطاولة على الإعلام التقليدي خاصة على محطات التلفزة الأمريكية والأوروبية  التي دعمت عدوان الكيان بإخفاء جوانب العنف المفرط من قتل متعمد للمدنيين الفلسطينيين وتبني الرواية الصهيونية ومحاولة كسب تعاطف الرأي العام العالمي معه.

تمكنت وسائل التواصل الاجتماعي من تقديم صورة مغايرة عن التي حاول الإعلام التقليدي أن يخفيها بالتركيز على رواية الجانب الصهيوني، وأن توصل صورة حقيقية عن وضع مأساوي لسكان غزة  إلى الرأي العام الغربي واستطاعت تلك الوسائل الحديثة أن تخترق المجال الإعلامي التقليدي ليتحول الرأي العالم في تلك الدول إلى الجانب الفلسطيني نتيجة نجاحها في تقديم الصورة الحقيقية وتغطية فورية ومتواصلة دون توقف، وتحديث مستمر للأحداث مما منح الجمهور فرصة الحصول على معلومات وتفاعل مع الأحداث بشكل أسرع مقارنة بالإعلام التقليدي وكذلك التنوع في المصادر ووجهات النظر الذي أتاحه الإعلام الحديث للأصوات والآراء لتكون مسموعة في حين أن الإعلام التقليدي كان يقدم وجهة نظر محددة وغير مرنة وتوجيهية والدخول في تناقضات ما بين المحتوى الإعلامي الذي يقدّمه والصورة الأخرى التي يقدمها الإعلام الحديث.

تحديات وسائل التواصل الاجتماعي:

لاشك أن الإعلام الحديث المتمثل ببرامج التواصل الاجتماعي قام بعمل ثوري كبير في مجال الإعلام والتأثير على الرأي العام ولكن هذا لا يخفي الجوانب السلبية التي تؤثر على الوعي  الجماهيري وتشوه الرأي العام ويحمل في طياته تحديات خطرة يجب الانتباه لها منها:

• سهولة نشر الإشاعات وتشويه الحقائق وخلق رأي عام زائف

• انتشار الأسماء والشخصيات الوهمية والغامضة في وسائل التواصل الاجتماعي التي لا يمكن التأكد من الشخصية

• وسائل التواصل الاجتماعي هي ساحة متاحة للجميع وبإمكان كل الأطراف استخدامها سواء الأفراد أم المنظمات ام الدول تحاول أن تؤثر على الرأي العام.

• وسائل التواصل تستخدم في الكثير من قبل بعض الدول للتدخل في شؤون دول أخرى تحاول من خلال ذلك خلق توترات وزعزعة للأمن وعدم الاستقرار فيها.  

• فقدان الخصوصية بسبب تعرض بيانات المستخدمين من أفراد أو جهات لهجمات الفيروسات والبرامج الضارة.

• الهجمات السيبرانية والاختراقات تشكل تهديداً كبيراً للإعلام الرقمي .

• حرية التعبير والرقابة: مساوئ الخطاب الضار أو المتطرف الذي قد يخلق انشقاقات داخل المجتمعات

• استغلال الجماعات الدينية المتطرفة مثل (داعش) وغيرها وسائل التواصل.

وسائل الإعلام ودول الخليج:

إذا ما حددنا مرحلة ما بعد استقلال دول الخليج وسياسة تعاملها مع وسائل الإعلام نجد بشكل ملحوظ احتكار الحكومات الخليجية للوسائل الإعلامية الهامة والأكثر انتشاراً وتأثيراً بالرأي العام المتمثلة بالبث الإذاعي والتلفزيوني لتكون هذه الأجهزة الإعلامية هي الصوت الرسمي للدولة والمعبر عن سياساتها وخطاباتها وهو شكل مشابه لوضع الإعلام في باقي الدول العربية.

كان من ضمن تحليل السلطات الخليجية وفهم هذا السلوك ومحاولة الإجابة على ما حدث هو نتاج خسارتها المعركة الإعلامية، وأن معظم الإعلام العربي كما رأت كان معادياً لدول الخليج لذا استطاع خلق رأي عام عربي مضاد لسياسات دول الخليج الثرية لتبدأ فكرة هذه الدول في الاستثمار بمجال الإعلام

بعد حرب الخليج الاولى وغزو صدام للكويت ، بدأت دول الخليج حاجتها للاعلام الخارجي وليس المحلي فقط ، بدأتها السعودية بشراء صحيفتي "الشرق الأوسط" و"الحياة" الصادرتين في لندن في التسعينيات محاولة منها لكسب الرأي العام العربي وانتشار القنوات الفضائية المحلية مثل محطة (إم بي سي) عام 1991 و(اي.آر.اي) عام 1993 و(أوربيت) عام 1994 وهي جميعها مملوكة لرجال أعمال سعوديين.

أما التحوّل الأبرز فكان بظهور قناة (الجزيرة) التي بدأت البث عام 1996 كأول محطة إخبارية خليجية في عالم الفضائيات، حيث قدّمت طرحاً جريئاً ومختلفاً عن أسلوب دول الخليج الذي يتسم بالتحفظ،  فكسرت القناة هذه القيود التقليدية من خلال تغطية القضايا بأسلوب جريء.

بعد ظهور قناة (الجزيرة) ونجاحها شهد الإعلام الخليجي والعربي ظهور عدة قنوات فضائية أخرى تحاول أن تتبع نهجاً مشابهاً في التغطية الإخبارية وتقديم المحتوى لجذب الجمهور العربي والخليجي.

ولكن مع دخول عصر الإعلام الحديث وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي استحوذ هذا القطاع على شريحة واسعة من المجتمع في دول الخليج ليقدّم فيه محتوى مختلفاً عن الإعلام التقليدي والرسمي فيها بما يمنحه من حرية تعبير وتفاعل وفضاء مفتوح لكل الإخبار والثقافات والمعلومات من كل دول العالم.