المريم بنت فلسطين

بقلم : د. نبيل تمام

عجنت بتراب فلسطين، لتولد وتتشرب النضال منذ نعومة أظافرها لتكون أيقونة النضال النسوي الفلسطيني، وحتمًا ستواصل العطاء كشجرة مثمرة أصلها ثابت وفروعها في الوطن العربي مع الاحرار.

كان لي الفخر بلقائها مرتين داخل ارض فلسطين في غزة مع دخولنا ابان العدوان الصهيوني الغاشم العام 2008-2009  وعدوان العام 2012، واثناء زيارتها للبحرين العام 2009 للقاء الجمعيات النسائية وصديقاتها البحرينيات لتثبيت وتفعيل مبدأ "البحرين وفلسطين، شعب واحد لا شعبين".

هي المريم بنت محمود أبو دقة، الفلاح المناضل الفلسطيني المحب لأرضه الذي سقاها بعرقه ودمه، ومن أم مصرية روحية محمد بكر الناصرية الهوى، وأخوالها الذين خدموا الوطن مصر كضباط مع الرئيس الراحل الخالد جمال عبدالناصر.

نستشعر الوطنية والنضال يسري في عروق دماء المريم حتى قبل ولادتها، واثناء طفولتها لعبت المناهج الدراسية في المدرسة تأثير كبير في ذلك مع دراسة تاريخ فلسطين ضد الاستعمار العثماني وثم البريطاني وبعدها الصهيوني، وكان حالها حال العديد من القوميين العرب التأثر بالحركة القومية لأفكارها ووعيها النضالي، لتبدأ التجنيد الاجباري بعد حرب 1967.

كان للاعتقال المبكر لها منذ اخضرار عودها لمدرسة هامة في تعلم المعنى الحقيقي للحرية، ليأتي الابعاد القسري خارج الوطن ليكون الدافع لالتحاقها بالعمل الجبهوي المنظم في صفوف الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، لتنطلق في مشوار هدف حق العودة وتقرير المصير.

المريم ولدت العام 1952 في مدينة خانيونس، وكأن شموخ وصمود المريم قد استمدته من شموخ وصمود الأرض خانيونس الذي نلمسه هذه الأيام في حرب الابادة الجماعية من قبل العدو الصهيوني.

المريم قد عاشت وتعايشت وصمدت مع المطاردات المتلاحقة والاعتقالات والنفي منذ عمر البلوغ في الخامسة عشر ليتم نفيها الذي تزامن مع دخولها العمل العسكري مع أول فوج عسكري مشترك بين حركة فتح والجبهة الشعبية تحت مسمى مجموعة جيفارا غزة.

كان قرارًا جبهويًا ارسال المريم للدراسات العليا في بلغاريا العام 1983 لدراسة الفلسفة حيث كانت اطروحتها حول تطور الوعي السياسي للمرأة الفلسطينية على مدى عقدين من 1970 الى 1990، لتتفوق بحيث يتم مكافأتها بدراسة الدكتوراة وكانت اطروحتها حول تحرر المرأة والعادات والثقافة العربية من وجهة نظر فلسفية.

ثلاثون عامًا في المنفى لتعود الى غزة مرفوعة الرأس بسبب عضويتها في المجلس الوطني الفلسطيني، حيث ابدعت وقدمت وحملت على عاتقها المسؤولية النضالية والكفاحية لتمثيل المرأة الفلسطينية في العديد من المراكز سواء في الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية واتحاد المرأة التابع للجبهة، وعلى الصعيد العربي عن طريق مشاركاتها في التنمية النسوية العربية.

كانت مدينة القاهرة محطة آخر لقاء بالمريم قبل عدة أسابيع بعد طردها قضائيا من المدينة الفرنسية باريس ابان العدوان الصهيوني الغاشم على غزة، وما استشعرته من نبرة صوتها وخطابها الا زيادة في الصمود والشموخ والاصرار على النضال حتى تحرير كامل التراب الفلسطيني.

ان غزة وفلسطين ومعرفة المريم والاصدقاء في غزة وفلسطين والحديث عنهم وما يحدث لن يحررهم، ولكن يحررنا نحن.

‍