DELMON POST LOGO

نهار آخر .. مقاطعة داعمي الصهاينة باعتبارها مقاومة فعّالة

بقلم: رضي الموسوي

رغم غرئز النازية الجديدة المتوحشة وهَول مجازر الإبادة الجماعية التي ترتكبها قوات الاحتلال الصهيوني في غزة وعموم فلسطين، والعدد الهائل من الشهداء الذين يربُون على 31 ألف شهيد أغلبهم من الأطفال والنساء، وعشرات آلاف الجرحى والمصابين وأكثر من نصف المباني التي تم تدميرها ونزوح أغلب سكان القطاع البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة، إلا أن هناك إضاءات فرضها صمود الشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة التي كشفت وعرّت وأسقطت الأقنعة التي تماهت مع العدو الصهيوني بدءًا من الولايات المتحدة الأمريكية التي سارعت إلى نجدة الكيان بالعتاد والسلاح والدعم اللوجستي وتزويده بأكثر أسلحة الدمار فتكًا بالبشر والحجر وتغطيته في المحافل الدولية والتشارك معه في حرب الإبادة على خلفية واقعة السابع من أكتوبر التي مرّغ بضعة مقاتلين أنف جيش الاحتلال، وانتهاءً بالدول المطبعة مع الكيان وتلك التي شيّدت طرقا برّية وجوّية لتزويد الكيان بما ينقصه من مواد غذائية وغيرها من المواد الأساسية..وربما السلاح أيضا، في الوقت الذي يعاني فيه سكان القطاع من حرب تجويع غير مسبوقة وإغلاق محكم للمعابر التي يفترض أن تكون عونا لأهالي غزة.

بالتوازي، كانت حملات مقاطعة الكيان وداعميه تأخذ مفعولها المؤثّر بما يؤكد أهمية ودور المقاطعة الفردية والجماعية في معركة الصمود والتحرير وإفرازها نتائج بدأت تؤتي ثمارها. تشير المعلومات التي رشحت وانتشرت في وسائل الإعلام بأن سلسلة مطاعم ماكدونالدز خسرت نحو 7 مليارات من قيمتها، الأمر الذي قادها إلى إغلاق بعض محلاتها في العديد من الدول بما فيها البحرين. ماكدونالد سبق وأن سارعت إلى تأييد حرب الإبادة على غزة في بيان من الشركة الأم وأعلن فرع الشركة في الكيان الصهيوني أنه سيوزع "وجبات مجانية على الجنود الإسرائيليين". أما شركة "ستاربكس" فقد خسرت نحو 11 مليار دولار مع نهاية العام الماضي، واستمرت الخسائر بسبب مقاضاة الشركة لعمالها الذين أعلن اتحادهم، إتحاد عمال ستاربكس الذي يمثلهم، تضامنه ودعمه للشعب الفلسطيني ووقوفه ضد الإبادة الجماعية التي يتعرض لها في قطاع غزة.

وتراجعت مبيعات شركة دومينوز بيتزا الأمريكية بمعدل يصل إلى نحو 8.9% خلال النصف الثاني من عام 2023، وذلك بسبب حملات المقاطعة والتحول بشكل أكبر نحو المنتجات المحلية.

وهناك الكثير من الشركات التي خسرت الكثير من قيمتها بسبب نجاح المقاطعة، ما يعني أن الاستمرار في هذه المقاطعة يزيد من تاثيراتها على الشركات وعلى الدول التي تنتمي إليها، ذلك أن بيانات الخسائر تشكل مصداقية أكبر من كل التحليلات والترويج المضاد الذي يراد منه ضرب المقاطعة وتثبيطها، وتضع دولها أمام محك مراجعتها لموقفها الداعم للعدوان الصهيوني على الشعب الفلسطيني.

يقودنا هذا إلى الدول العربية المطبعة التي لا تزال "تهايط" وتصر على الاستمرار في توثيق علاقاتها مع الكيان وتقدم له كافة وسائل الدعم غير آبهة بما يجري على الشعب الفلسطيني من ويلات، متوهمة أن الدور لن يأتي عليها إذا ما فرغ الكيان وداعموه من غزة. فطوال سنوات التطبيع التي دامت قرابة نصف قرن لم يستفد المطبعون شيئا من هذا الانزلاق وانحراف بوصلتهم صوب العدو بدلا من فلسطين، بل إن أكبر الخسائر منيت بها اقتصاديات الدول المطبعة حيث غرقت في وحل الديون والأسر للمؤسسات المالية الدولية التي تضع اليوم شروطا مهينة لتقديم بضع مليارات من الدولارات يتم توظيفها في تسديد الديون وفوائدها وليس إنعاش الاقتصادات الوطنية المترنحة بسبب السياسات الاقتصادية والمالية البائسة. وحتى تركيا التي لم تتوقف عن تزويد الكيان باحتياجاته من السياجات التي يعتزم الإحتلال توظيفها في تسييج مناطق في اقدس والمسجد الاقصى ومن مواد البناء، فضلا عن الإتفاق العسكري الإستراتيجي، لم تسلم من الضغوطات الغربية على اقتصادها وعلى عملتها الوطنية "الليرة" التي فقدت نحو 80 بالمئة من قيمتها في السنوات الخمس الماضية، وفي العام الماضي فقدت 37 بالمئة من سعر صرفها.. أما الجنيه المصري فحدث ولا حرج، حيث تدحرج إلى مستويات خطرة.

النتائج الكارثية للتطبيع والتحالف مع الكيان ألقت بظلالها على اقتصاديات ومجتمعات الدول المطبعة، لكن حملات المقاطعة قد أنعشت الآمال لفعل المقاطعة باعتباره نضالا مقاوما لكل هذه الانزلاقات والتحالفات التي قسمت المنطقة إلى فسطاطين: الأول شريك وداعم ومتحالف مع الكيان الصهيوني، والثاني مساند للمقاومة الفلسطينية وشعبها الذي يخوض معركة الكرامة والعزة من أجل تحرير الأرض والإنسان. ومع استمرار الصراع واحتدامه يتحول فعل المقاطعة إلى نهج مقاوم يستهدف داعمي الكيان الصهيوني وداعميه والمطبعين معه والمتعاملين مع الذين انزلقوا إلى مستنقع التطبيع.

مقاطعة تقوم بها بفعالية كبيرة منظمة (بي.دي.إس) على مستوى العالم والمنظمات المحلية من طراز الجمعية البحرينية لمقاومة التطبيع مع العدو الصهيوني التي تبدع في فعالياتها الاسبوعية المتضامنة مع الشعب الفلسطيني وجمعية مناصرة فلسطين.