"لا تصدق كل ما تسمعه أذناك وصدق نصف ما تراه عيناك واترك الباقي للعقل" حكمة كانت سائدة قبل الذكاء الصناعي وسطوة سلاح الاعلام الذي يبرمج حتى تفكيرنا ، لو صيغت الحكمة حاليا لأصبحت " لاتصدق كل ماتسمع اذناك وما تراه عيناك ونصف ما يذهب به عقلك "
جازفت وزرت أوربا الشرقية في فترة الثمانينات ، التي سمعنا عنها هوايل الشيوعية ومنها الفقر والعربدة وانعدام المثل والاستقلالية الفردية وأن الناس مبرمجين وأن المخابرات تحبس أنفاس الأفراد وأن السجون تغص والاعدامات في الشوارع والساحات. .. حتما من عاش الفترة سمع هذا وأكثر ولكني أردت أن ترى عيني وتسمع اذني .
لذا جازفت وسافرت من تركيا إلى بلغاريا ف يوغسلافيا وتشيكلوسافكيا والمجر ( هنغاريا ) و بولندا واتضح 90% مما سمعت عنه وقرات عنه وشاهدته على التلفاز غير صحيح وهو نتاج الحرب الباردة والبربوغندا الغربية والتخويف في منطقتنا وبلدنا الذي يعادي المعسكر الاشتراك .
مثال اخر في دورة الخليج الأخيرة في البصرة الكل انبهر وانصدم مما راه وما سمعه وهو مخالف تماما للصوره النمطية عن العراق المتخلف والمهدم والمتهلل .
والغارق في المناوشات الطائفية والعرقية وافتقاده للامن والأمان ومن زار لبنان وسوريا والجزائر واليمن وحتى فلسطين المحتلة رغم اختلاف الظروف ايضا سنجد ان هناك مغالطات واكاذيب تكاد تكون واحدة في كل الدول والمجتمعات الخارجة عن طوق الدول الغربية ومن يدور في فلكها وتجربة أهلنا في غزة الان خير مثال للتحريف والكذب والافتراء .
كل ما ذكرته يعزز ان الاعلام البترو دولار يكون لدينا صور نمطية تسيطر حتى على حكمنا وتشخيصنا لما نراه ونسمعه لان العقل الباطن غير صافي ونقي...
مؤخرا شاركت شخصيا في رحلة جماعية إلى إيران تضمنت شيراز وهمدان ويوم طهران والشمال وقبلها زرت طهران و اصفهان ومشهد وبحيادية سانقل لكم بعض المغالطات التي تكونت لدى أو التي غلبت على العقل الجمعي لدينا في البحرين والخليج والعالم العربي
١- دولة بنيتها التحتية متهالكه : رغم الحصار الخالق لعقود توقعنا ان نجد دولة مهلهلة ولكنا وجدناها من ناحية البنية التحتية ليست بجودة تركيا ولكنها افضل من دول عديدة منها دول انفصلت عن الاتحاد السوفيتي.
٢- دولة عمايم : خلال ١٧ يوم وجدت عمامتين فقط .. وفي زيارة سابقة لم أجد عمايم إلا في مشهد
٣- الحجاب : حسب تصوري الشخصي وجدت ان ٧٠% يلبسن غطاء يغطي نصف الراس و١٠% حجاب كامل واغلبهن كبيرات السن والمفاجاة ان ٢٠% لا يضعن اي حجاب أي سفور تماما ( بشكل عام لبس النساء الدارج هو البنطلون الطويل وغالبا جينز مع قميص أو جاكيت خفيف طويل )
٤- فرض الحجاب قسرا : لم أجد اي رجال دين يحملون عصاة ويضربون السافرات كما صور لنا الاعلام الغربي وجدت لافتات تطلب بلطف وضع غطاء الراس في الاماكن الرسمية والمزارات والاماكن الدينية ( وجدت مثلها عند زيارتي للكنائس التاريخية وبعض الاماكن المقدسة لدى أديان عديدة ) وكما شاهدت بأم عيني في مطار طهران فتاتين لابسين عباءة راس ومحجبات يطلبن بلطف احداهن بوضع غطاء الراس ولكن عندما اجتزنا الجوازات لاحظت كثيرات سفور وبدون غطاء
٥- شعب متطرف دينيا : لم نجد اي مظاهر على أي تطرف لا بالشكل ولا بالمضمون بل بالعكس وجدت اننا بالخليج اكثر التزاما بالعبادات ومظاهر الدين من لبس وغيره ( عندنا تجد على السيارات عبارات وآيات وأحاديث ) بل أجد إسلامية تركيا أوضح من ايران ولذا من العادي جدا ان تجد الشعور الطويلة ولبس السلاسل الذهبية والفضية للشباب والرجال ايضا" بل وجدنا في زيارتنا لاحد الشلالات في شيراز شباب يدخن الترياق !
٦- شعب مبرمج ومؤدلج: صراحة وجدتهم شعب مثقف ويقرا بشكل عام ( صورت اكثر من موقع قرب الفندق لبيع الكتب على بسطات وهذا نفتقده عندنا بالخليج ) شعب متعدد الثقافات ومعتز بأصله وجذوره يقدر مفكريه وشعراءه مثل حافظ شيرازي وسعدي شيرازي بل وجدت باصات تنقل طلاب الابتدائي لزيارة متاحفهما وكذلك متحف ابن سينا في همدان .
٧- شعب نكدي : الشعب الإيراني شعب متذوق للفنون ومنها الغناء والرقص والعزف وبقية الفنون وقد وجدنا الناس والشباب يغنون ويعزفون في الشوارع وفي أماكن الترفيه وخاصة الطبيعية ويكفي فن الموزيك وحياكة السجاد لكي نعرف مقدار علو كعبه فنيا
٨- شعب فقير معدم : لم نجد أي مظاهر للفقر بل العكس وجدنا الناس مرتبة الهندام والمطاعم والمقاهي الغالية مكتضه بالايرانيين، أعتقد والله أعلم إن معظم الشعب متوسط الحال وأن هناك طبقة صغيره فاحشة الثراء وطبقه أكثر منها فقيرة وهناك حتما طبقة معدمة .٩- شعب بدون حقوق ولا مكاسب ومغلوب على امره :
كل عائلة لديها حد اقصى من البترول المجاني وعند تجاوز الحد يمكن الشراء بسعر السوق وهو يعادل ١٨ فلس وهو الاقل سعرا" في أنحاء العالم بل يعادل عشر سعر نفط الخليج وكذلك لديهم تمديدات غاز للبيوت واستهلاك الغاز مجانا ( صراحة انقهرت )
لو نظرنا بحيادية لوجدنا ان الشعب الايراني شعب حي فهو يعبر عن رأيه ويعارض الحكومة ويخرج في مسيرات واتذكر ان في وفاة المغني الايراني الشهير محمد رضا شجاريان في ٢٠١٨م خرجت النساء والرجال متجاورين لتشيعيه في طهران ومشهد بمظاهرات مختلطة متحدين الحكومة التي تحججت بوباء الكورونا .
١٠- الايرانيين عنصريين يكرهون العرب وطائفيين يكرهون اهل السنة : مجموعتنا كانت ١٨ شخص اغلبها من الطائفة السنية وأغلبهم من اخواننا الهولة عدا ٣ من الطائفة الشيعية . صراحة إنصدمنا من الترحيب الشعبي وأن الايرانيين يحبون العرب وعندما يعرفون إننا من البحرين يرحبون ويصورون معانا . شخصيا سافرت في بداية السبعينيات واتذكر كلمة ( عربو ) وعنصرية الايرانيين وهذه اعتقد انها اختفت تماما .
الختام هذه وجهة نظري ك رحال وليس ك سياسي ولا علاقة له بالدين او المذهب او الأصل والفصل . قد يختلف معي البعض وقد يكونوا على حق فالحوادث والمواقف الفردية قد تحدث بشكل مختلف لذا تغير وجهة نظرنا او تعززها كما ان الاماكن والازمان ايضا تختلف .