DELMON POST LOGO

المحاري في مؤتمر التراث الاثري لتقنيات الري :  اكتشاف قنوات ري وشبكات ممتدة إضافة إلى كواكب (جواجب) بحرية

الدكتور سلمان : : سنقدم اقتراحات حول كيفية تنشيط مواقع الري بالبلاد القديم وباربار وقلعة البحرين

الباحث السعودي الراشد : كشـفت التنقيبـات الاثريـة فـي الَرَبـذة عـن نمـط فريـد فـي حفـظ الميــاه داخــل المبانــي الســكنية

المشاركون بمؤتمر التراث الأثري لتقنيات الري وإدارة المياه في العالم الإسلامي يؤكدون تميز العالم الإسلامي بتقنيات الري ويراهنون عليها لصناعة المستقبل

تستمر جلسات مؤتمر التراث الاثري لتقينات الري وإدارة المياه في العالم الإسلامي ، وتقديم العديد من المشاركين اوراقهم وتجاربهم ودرساتهم حول كيفية استخدام هذه الدول في مصر والجزائر وتونس واندوسيا وعدد من الدول الإسلامية التقنيات القديمة والاثرية في الري وإدارة المياه .

وقد قدم الدكتور سلمان المحاري مديراً لإدارة الآثار والمتاحف في هيئة البحرين للثقافة والآثار ورقة عمل قال فيها ، ساهمت أعمال التنقيب الاثرية الأخيرة لاحدى ينابيع المياه وقنوات الري المرتبطة بها، في منطقة مدينة حمد وسط البحرين، في إلقاء الضوء بشكل معمّق على تقنيات الري والاساليب التي استخدمت في بناء أنفاق قنوات المياه وفتحات الصيانة الخاصة بها.

كذلك كشفت أعمال التنقيب عن قصور الاهتمام بالاثار المتعلقة بإدارة المياه في البحرين مقارنة بغيرها من الاثار كطرق التجارة القديمة ّ واعمال الفخار الاثرية والقلاع  من خلال هذه الدراسة، سيتم تلخيص ومراجعة الدراسات الاثرية المتفرقة الموجودة حول إدارة المياه والري في مناطق بالبلاد القديم وباربار وقلعة البحرين، وتقديم اقتراحات حول كيفية تنشيط هذه المواقع وغيرها من المواقع ذات الصلة ً وتفسيرها وعرضها للجمهور.

وتبرز أهمية إلقاء الضوء على تقنيات الري وإدارة المياه القديمة في ظل ما يمر به العالم من التغيرات المناخية التب تؤدي أحيانًا ً أخرى، ً وحدوث الفيضانات والكوارث الطبيعية أحيانًا إلى القحط وشح المياه أحيانًا والتي بدورها تؤثر بشكل كبير على المجتمعات البشرية. كما أن الاثار المتعلقة ً من حرص الاجداد والمجتمعات القديمة على الحفاظ بإدارة المياه، تكشف لنا جانبًا على هذا المورد الثمينة، المياه، وإدارته بطرق خلاقة وإبداعية.

كما قدم البروفسور سعد الراشد أستاذ الاثار الاسلامية، جامعة الملك سعود قدم ورقة عمل بعنوان : المنشآت المائية القديمة في مدينة الَرَبذة الاسلامية على طريق الحج من الكوفة إلى مكة المكرمة قال فيها : شـهدت الجزيـرة العربيـة مـن فجـر التاريـخ نهضـة حضاريـة متتابعـة، وكان البحـث عـن المـاء وتقنيـات حفظـه وإدارتـه هـو أسـاس وجودهـا عبر القـرون.

فـكان حفـر الابـار جزاء لا يتجـزأ مـن حيـاة الانسـان فـي الجزيـرة العربيـة، ثـم تبعهـا إنشـاء السـدود علــى مضايــق الاودية، وعلــى ممــرات الســيول فــي الواحــات ومراكــز الاســتقرار البشري، كذلــك أنشــئت البرك وقنــوات الميــاه، حــول المــدن والقــرى وعلــى امتــداد طــرق القوافــل.

واشــتهرت الممالك  العربيــة الجنوبيــة والشــمالية بخبرة كبيرة فـي تقنيـات المنشـآت المائيـة وإدارتهـا مثـل مملكـة سـبأ وقتبـان ومعن وحضرمـوت وحمير وممالـك دادان ولحيـان والانبـاط، ولا زالـت آثارهـم باقيـة إلـى اليــوم شــاهدة علــى تجــارب فريــدة فــي علــم الميــاه الجوفيــة والاســتفادة مــن الامطـار وجريـان السـيول.

تلـك التجـارب امتـدت خلال العصـور الاسلامية ولا زالـت شــواهدها الاثريــة والمعماريــة باقيــة إلــى اليــوم.

وتتنــاول الورقــة فــي هــذا الاطـار منشـآت الميـاه علـى طـرق الحـج والتجـارة فـي الجزيـرة العربيـة التي ربطـت الحرمين الشريفين بالحواضـر الاسلامية خـارج حدودهـا وأقاليمها الداخلية.

وسـيتم التركيز علــى طريــق الحــج مــن الكوفــة إلــى مكــة المكرمــة والمدينــة المنــورة، وإعطـاء شيئا مـن التفصيـل علـى المنشـآت المائيـة المكتشـفة فـي مدينـة الربـذة الاسلامية التي  تأسســت علــى طريــق الحــج )درب زبيــدة( شرق المدينــة المنــورة.

وتعــد الَرَبــذة مــن المواقــع الاسلامية المبكــرة فــي الجزيــرة العربيــة، وتميزت بنشــأة مدينــة عربيــة اسلامية، فــي قلــب منطقــة محميــة لابــل الصدقــة وخيــل المسلمين، وسـكنها عـدد مـن الصحابـة والتابعين وفـي مقدمتهـم أبـو ذر الغفـاري الــذي عــاش ومــات فيهــا، وعــاش فيهــا عــدد مــن أصحــاب التجــارات، ومــر بهــا الخلفـاء والسلاطين، وآلاف مـن قوافـل الحجيـج علـى مـدى ثلاثـة قـرون، حتى تـم تخريبهـا بسـبب هجمـات القرامطـة فـي سـنة 917م، وهجرهـا سـكانها وأصبحـت أثرًا بعـد عين. وقـد كشـفت التنقيبـات الاثريـة فـي الَرَبـذة عـن نمـط فريـد فـي حفـظ الميــاه داخــل المبانــي الســكنية.

كما أكد خبراء في علم التراث والآثار أهمية تحفيز الإبداع نحو إيجاد حلول مستدامة للتحديات البيئية التي تواجه العالم، مقدرين اهتمام مملكة البحرين بالملف المناخي وفقاً لرؤى القيادة السياسية ، وبينوا أهمية عرض تجارب الدول في ما يتعلق بأساليب الري القديمة من أجل الاستفادة منها والخروج بمرئيات تفيد المستقبل.

وقالوا في تصريحات خاصة لوكالة أنباء البحرين(بنا) على هامش مؤتمر التراث الأثري لتقنيات الري وإدارة المياه في العالم الإسلامي ان المؤتمر يوفر فرصة لتبادل المعرفة والخبرات وأفضل الممارسات العالمية في هذا الشأن.

مدير إدارة الآثار والمتاحف بهيئة البحرين للثقافة والآثار الدكتور سلمان المحاري قال إن هذا المؤتمر الذي يعقد في مملكة البحرين يأتي متواكبا مع مجموعة من الاكتشافات البحرينية التي تمت في مواقع مختلفة من المملكة خلال الأعوام الماضية، إذ تم اكتشاف قنوات ري وشبكات ممتدة إضافة إلى كواكب (جواجب) بحرية، كما وتم مسح الينابيع الطبيعية الموجودة في البحرين، ودراسة كل ما يتعلق بالزراعة القديمة، وأماكن تجمع المجتمعات البشرية، وفهم التقنيات التي  استخدمت لتوزيع المياه والمنشآت المتعلقة بها.

ولفت الدكتور المحاري إلى وجود تراث مهم في مملكة البحرين من برك وسدود  وقنوات ري وعيون، والتي سوف تساعد على فهم الموجود ومقارنته  ببعض الدول الاسلامية،وقال إن هذا الفهم سوف يسهم في احداث تغييرات على المستوى العالمي، فهناك مناطق مختلفة في العالم تعاني من الجفاف وبالمقابل  هناك مناطق أخرى تعاني من الفيضانات والسيول، من هنا تأتي  أهمية فهم عقلية الانسان القديم والاستفادة منها لفهم الحاضر، وبحث طرق وأساليب يمكن اعادة توجيهها لمواجهة التغيرات المناخية، وقال إن جميع الأوراق والتوصيات سوف تجمع وتصدر في كتيب خاص بعد المؤتمر.

أما البرفسور تيموثي إنسول من معهد الدراسات العربية والإسلامية بجامعة إكسترا بالمملكة المتحدة فأوضح غنى وتميز المواقع الأثرية في مملكة البحرين بأنظمة الري وتقنياتها وتاريخها الزراعي، فعلى الرغم من وجود قصور في الاهتمام بالآثار المتعلقة بإدارة المياه  مقارنة بغيرها، يعتبر تسجيل ودراسة هذا الجانب أمر جاذب للاهتمام.

وقال البرفسور تيموثي إن هذا المؤتمر وبمعية الخبراء من مختلف دول العالم يطرح  أهمية العمل من أجل الحد من التغيرات المناخية التي تؤدي بطبيعة الحال إلى شح المياه، من هنا تبرز أهمية هذا المؤتمر وتوقيت انعقاده، وتمنى أن يتم التعامل مع قضية المياه كما بكل حرص وإدارة ناجحة.

ومن جانبه اكد السيد عجب العتيبي مدير ادارة البحث والتوثيق الاثري بهيئة التراث بوزارة الثقافة بالمملكة العربية السعودية على أهمية عقد مؤتمر وتقنيات الري ، وقال إن هذا  الموضوع يعتبر موضوعا مهما ويعد أحد الجوانب الاقتصادية في التاريخ القديم ،وبين الارتباط الوثيق بين معرفة الشعوب القديمة في الزراعة وتنظيم المياه بالتاريخ الحديث والمستقبل، مشيرا الى ان المؤتمر سيعزز من فهم الزراعة والمياه وارتباطها بالحياة.

وأكد الدكتور العتيبي أهمية موضوع المؤتمر وارتباطه بالمستوطنات القديمة التي تحيط مصادرالمياه، وعليه وفرت القنوات سبل توفير المياه على دروب التجارة والحج وغيرها، وقال إن ورقته في المؤتمر سوف تختص بعرض تقنيات الري بالقنوات المائية في محافظة الافلاج في وسط المملكة العربية السعودية، والتي تتشابه مع شرق الجزيرة العربية والبحرين رغم اختلاف الطبوغرافية والطبيعة البيئية التي تفرض تغير استخدام المواد، ولكن بشكل عام تعتبر أنظمة الري في دول شبه الجزيرة العربية متشابهة في نظم الري بل ثمة تطابق كبير بينهم.

أما الاستاذ الدكتور ناصر الجهوري استاذ علم الآثار بجامعة السلطان قابوس فأكد أهمية العنوان الرئيسي للمؤتمر، فتقنيات الري التقليدية تمتد في سلطنة عمان لأكثر من 5 آلاف عام ، وقال إننا نتحدث عن العصر البرونزي، وعن تاريخ طويل جدا يمتد لعصور ما قبل التاريخ، وأوضح أن سلطنة عمان تختص بعض المناطق فيها بنظام الري بالأفلاج الذي يعود للعصر الحديدي أي قبل 3 آلاف عام من الآن، وهناك نظم مختلفة ستطرح في المؤتمر حسب طبيعة الدول، مع توضيح أوجه التشابه والاختلاف بينها .

وعبر د الجهوري عن سعادته بتنظيم هذا المؤتمر الهام الذي يتحدث عن تقنيات الري التقليدية ودراسة أصولها في عصور ما قبل التاريخ، وهو الأول على مستوى المنطقة، وقال إن المؤتمر سيتحدث ويرصد مقدرة الانسان في التكيف مع البيئة الرطبة وكيفية خلق وسيط للتعامل مع المنتج الزراعي، ودراسة تقنيات الري فيها.

وفي السياق ذاته قال الدكتور محمد سليمان باحث بجامعة ريتسوميكان في اليابان ووزارة الآثاروالسياحة المصرية إن موضوع المؤتمر ليس بعيدا عن اهتمامات العالم اليوم بقضايا المياه، فتنظيم هذا  المؤتمر في المنطقة العربية سوف يساعد على الخروج بتصورات حول كيفية إعادة وتحسين رؤيتنا نحو التراث المائي.

وبين الدكتور سليمان أن توصيات المؤتمر سوف تؤدي إلى الخروج بتصورات تعيد الرؤية لتحسين حياتنا الحالية وبناء المستقبل، فالأمر ليس احياء التراث فقط بل كيفية الاستفادة منه للمستقبل في مجال المياه،

وقال إن الأطر العامة تكاد تكون واحدة إذ تقوم على فكرة توصيل الماء للبشر، ولكن تطبيقاتها قد تكون مختلفة، وهذا هو سر الثراء في العصور الاسلامية، وبين أن ورقته سوف تختص بطرق الري في منطقة الاسكندرية التي تقع بعيدا عن نهر النيل ومطلة على مياه مالحة غير صالحة للشرب وهي واحدة من عدة مناطق سيعرضها الباحثون والمختصون خلال المؤتمر.

من جانبه عبر البرفسور جعفر الجوذري من جامعة القادسية من جمهورية العراق عن سعادته بحضور هذا المؤتمر الهام المتعلق بتراث المياه في العالم الاسلامي،وقال ان انعقاد المؤتمر يأتي  في فترة مهمة تواجه فيها المنطقة تحديات مناخية تستوجب إعادة النظر في طريقة استخدام المياه، فالدول العربية تتميز بتاريخ غزير، ففي ظل المنطقة الصحراوية التي تعم الدول العربية لابد من الإشارة إلى ضرورة استخدام الثروات من أجل حل المشاكل اليومية، وهذا ما نلمسه من خلال اهتمام دول المنطقة وانتباهها لموضوع معالجة أزمة المياه في المنطقة.

وقال البرفسور الجوذري إن علماء التراث يتطلعون إلى الاستعانة بوسائل الماضي لدراسة الحاضر، وهي فكرة يتشاركها جميع الحضور في هذا المؤتمر، فالتغير المناخي والتصحر وقلة مصادر المياه تعد مشاكل تتطلب مواجهاتها بمثل هذه المؤتمرات العلمية، واضاف ان هذا المؤتمر تميز بمشاركة أهم الخبراء والعلماء العالميين في هذا المجال، مؤكدا أهمية مواجهة تحديات المياه بالعلوم والتكنولوجيا الحديثة.

الجدير بالذكر، أن مؤتمر التراث الأثري لتقنيات الري وإدارة المياه في العالم الإسلامي يقام في مسرح البحرين الوطني، خلال الفترة من 7 إلى 9 يناير بتنظيم من هيئة البحرين للثقافة والآثار بالتعاون مع معهد الدراسات العربية والإسلامية في جامعة إكستر بالمملكة المتحدة، ويركز على الطرق التي طورت بها المجتمعات الإسلامية القديمة بنية نقل وإدارة المياه، بهدف الاستفادة منإبداعات المجتمعات القديمة في إيجاد حلول للتحديات البيئية والمناخية التي تواجهها البشرية في الحاضر والمستقبل.

الدكتور سلمان احمد المحاري
الدكتور سعد الراشد