حسن إسماعيل بجمعية نهضة فتاة البحرين : مقترح بتعديل المادة المتعلقة بحضانة الأم " تنتهي حضانة النساء ببلوغ الذكر والانثى ثمانية عشرة سنة " 2-4
بناءً على العمل بمبدأ الاجتهاد في الفقه الإسلامي الجعفري، فأن الآراء الفقهية في سنّ الحضانة تختلف بين الفقهاء
المحور الثاني سن الحضانة (متى تنتهي حضانة النساء؟) المادتان (124) و125
يواصل اسماعيل ورقته بالقول ، في هذا المحور نسأل هل يجوز نزع الطفل من حضانة امه وهو في السابعة من عمره كما هو الحال في الفقه الجعفري؟ اليس في ذلك اخلال بمصلحة الطفل الفضلى ويؤثر نفسيا وعقليا ليس على الأطفال فحسب بل على الأم الحاضنة، كيف يمكننا القبول بأن تنزع حضانة الأم لطفلها التي هي أحق بالحضانة بعد سبع سنوات ارتبط هذا الطفل بها وتعلق؟ ما هو الاجتهاد الفقهي في الفقه الجعفري؟ هل هناك مانع شرعي من تحديد سن الحضانة بثمانية عشرة سنة تنتهي به حضانة النساء؟
ثار جدل واسع في جمهورية مصر العربية حول نزع حضانة الأم إذ كان قانون الأحوال الشخصية المصري القديم رقم / 25/ لسنة 1929م المعدل بالقانون / 100 لسنة 1985 ينص على ينتهي حق حضانة النساء ببلوغ الصغير سن العاشرة وبلوغ الصغيرة سن (12) سنة. ويجوز للقاضي بعد هذا السن إبقاء الصغير حتى سن الخامسة عشر والصغيرة حتى تتزوج في يد الحاضنة دون أجر حضانة إذا تبين أن مصلحتها تقتضي ذلك، غير تعديل جرى عليه بموجب القانون رقم / 4 / لعام 2005م وأصبح كالتالي: ينتهي حق حضانة النساء ببلوغ الصغير أو الصغيرة سن الخامسة عشر ويخير القاضي الصغير أو الصغيرة بعد بلوغ هذا السن في البقاء في يد الحاضنة وذلك حتى يبلغ سـن الرشد وحتى تتزوج الصغيرة. ويوجد الان مشروع قانون جديد بتعديل قانون الأحوال الشخصية يبقي على هذا النص دون تعديل، غير أن هناك من يعترض على ذلك طالبا تخفيض هذا السن.
غير مصدر الجدل في الشارع المصري كان سبب مسلسل "فاتن أمل حربي"، الذي تلعب بطولته الفنانة نيللي كريم، تسليط الضوء على المشكلات التي تتعرض لها المرأة المطلقة وضياع حقوقها بسبب ثغرات في قانون الأحوال الشخصية المصري ومن أهم النقاط التي تطرق إليها العمل الدرامي ما يتعلق بحضانة الأطفال، بعد محاولات البطل أخذ ابنتيه من طليقته.
وقد حسم شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب هذا الجدل وأكد على ما يلي:
(لا يوجد نص صريح في القرآن أو السنة يقول إذا بلغ الطفل 7 سنوات والبنت 9 سنوات ينزع من الأم ويذهب للأب، وهذا من إعجاز الشريعة الإسلامية التي نصفها بأنها صالحة لكل زمان ومكان الشريعة قالت إن حضانة الأم تنتهي حين يستغني المحضون عن حضانة حاضنته، .....، وفي زمن الفقهاء الأقدمين لم يحددوا سنًّا، بل جاء هذا الأمر متأخرًا، لأن السن يختلف من جيل لجيل، وربما من بيت لبيت، مشددًا أنّ الشرائع كلها أعطت حضانة الأم لطفلها، وهذه حقيقة من الحقائق،.لافتًا أنه في السابق كان من الممكن أن يستغني الولد عن أمه في سن 7 سنوات، أما الآن لا يمكن أن يستغني عن أمه في هذا السن، ويتساوى الولد والبنت وتنتهي حضانة الكل في سن 15، هذا لا يتعارض مع الشرع، وهناك أقوال قديمة ترى أن حضانة البنت تنتهي بالزواج وليس بسن معين، وهذا يراعي مصلحة البنت حتى بعد أن تكبر، والولد حتى يصل لسن البلوغ.
وبناءً على العمل بمبدأ الاجتهاد في الفقه الإسلامي الجعفري، فأن الآراء الفقهية في سنّ الحضانة تختلف، بين من يذهب إلى أنّها للأم لمدة سنتين لكلٍّ من الأبن والبنت، وبعدها تكون للأب؛ ورأي آخر أنها للأم لمدة سنتين للابن، وسبع سنوات للبنت، وبعدها تكون للأب؛ ورأي ثالث أنّها للأم لمدة سبع سنوات لكلٍ من الأبن والبنت، وبعدها تكون للأب؛ وتوجد آراء أخرى مختلفة في الموضوع، وهذا الرأي الأخير هو الذي نص عليه قانون الاسرة البحريني في الفقه الجعفري.
مما تقدم يمكن القول ما يلي:
أولاً: أن السن التي تحدده تشريعات الأحوال الشخصية والاسرة في البلدان العربية بما فيها قانون الاسرة البحريني لحضانة الأم هو اجتهاد وليس نصاً ملزما، وهو اجتهاد مبني على ما قرره الفقهاء قديماً وهو استغناء الطفل عن خدمة النساء وقدرته على القيام بحاجاته الأولية. وإذا كان التقدير له ما يبرره في القديم فالأمر على خلاف ذلك تماما في الوقت الحاضر فليس مناط نفع الطفل متعلق بقدرته فقط على القيام بخدمة نفسه ولكن متغيرات الواقع الآن تفرض نظرة جديدة لسن الحضانة، فالطفل أبن أو بنت في السابعة من عمرهما كما هو في الفقه الجعفري، مازالا في مرحلة التعليم الابتدائي ولا يتصور نزع الابن أو الابنة من حضانة الأم ومن محيطه الدراسي والاجتماعي ونقله إلى مجتمع آخر بدون أن يؤثر هذا سلبياً على استمراره في العملية التعليمية باستقرار يؤدي إلى النجاح وبدون أضرار نفسية، وهذه النقلة وهو في هذه السن الصغيرة والواقع يشهد على ذلك والأمثلة كثيرة.
ثانياً: على الرغم من الإيجابية التي نصت عليها المادة (124) وفقاً للفقه السني بأن حضانة النساء تنتهي ببلوغ الذكر خمس عشرة سنة وبالنسبة للأنثى حتى تتزوج ويدخل بها الزوج. متقدما على الفقه الجعفري الذي نص على أن حضانة الأم تنتهي عند اتمام سن السابعة للأبن أو البنت، وبعد سن السابعة تكون الحضانة للأب. غير أن هذا النص في الفقهين يظل متعارضا وغير منسجم مع تعريف الطفل الذي حددته اتفاقية الطفل التي وقعت عليها البحرين بدون تحفظ ، على انه " كل إنسان لم يتجاوز الثامنة عشر من عمره" ولا مع القانون الدولي الإنساني الذي أوجب مراعاة المصلحة الفضلى للطفل ، فتكون الأم والامومة أولى بحضانته ريثما يتجاوز هذا السن ، وعليه تعين استبدال نص المادة المذكور بحيث يكون موحدا بإلغاء التفرقة بين الفقهين والنص على انه ( تنتهي حضانة النساء ببلوغ الذكر والانثى ثمانية عشرة سنة ) ، واستتبع ذلك استبدال نص المادة ( 125 ) بالنص على انه إذا بلغ الذكر والأنثى ثمانية عشرة سنة فلكل منهما الخيار في الانضمام إلى من يشاء من أبويه أو ممن له الحق في حضانته.