زواج المسلمة من غير المسلم بين القانون المغربي والاجتهاد الفقهي .. مؤتمر بالأردن
القاضي سعدون : أصدرت المحكمة الابتدائية بطنجة أول حكم قضائي أقر مبدأ حق الطفل المولود خارج اطار الزواج في انتسابه لأبيه البيولوجي
نظمت جمعية اتحاد المرأة الأردنية مؤتمر بعمان بعنوان " مشروع تعزيز قيم المساواة في الإجراءات والتشريعات " بالمملكة الأردنية- في الفترة 26-28 يوليوز الماضي ضمن أشغال المؤتمر الاقليمي حول القضايا التمييزية ضد النساء شاركت في المؤتمر وفد قانوني ونسائي من مؤسسات المجتمع المدني بالبحرين وابدوا وجهات نظره القانونية والنسائية والاممية .
وقد قدم محمد عبد الوهاب رفيقي مستشار وزير العدل المغربي ورقة عمل بعنوان" زواج المسلمة من غير المسلم بين القانون المغربي والاجتهاد الفقهي " ، شارحا فيها أربعة قضايا مهمة وهي
زواج المسلمة من غير المسلم في القانون المغربي . وزواج المسلمة بغير المسلم في العمل القضائي . والإشكالات المتعلقة بمنع زواج غير المسلمة من المسلم . بإضافة الى الاتجاه الفقهي وآفاق الاجتهاد.
ويعتبر الدكتور رفيقي ان الزواج علاقة بين شخصين مستقلين لا بين ديانتين، حتى يتم تحويلها إلى نقاش في مقارنة الأديان وأفضلية أحدهما على الآخر، فضلا عن أن مسائل الزواج لا يتم ضبطها بمعتقدات أو توجيهات دينية فقط، بل تنظمها قوانين وأعراف اجتماعية وقيم أخلاقية تسود مجتمعات اليوم، ومن ثم فإن مثل هذه التعليلات الخطابية لا توفر المعقولية المطلوبة.
وخلص الباحث ورقته بانه لا يوجد أي نص قطعي في دلالته على تحريم زواج المسلمة من غير المسلم، وأن الحكم الفقهي الذي يكاد يتفق عليه الفقهاء، انبنى في حقيقته على تنزيل النصوص المستدل بها بما يتوافق والسياقات التاريخية المرافقة، وبالتالي يبقى حكما ظنيا قابلا للاجتهاد مع تغير هذه السياقات، وما عرفته العلاقات الدولية وقوانينها من تطور، وما عرفه العالم من تحولات على مستوى العلاقات وطرق التواصل، بل ما عرفته أيضا المتغيرات التي عرفتها الفلسفات الغربية وقوانينها، والتي تضمن اليوم حرية العقيدة، فلا خوف على المرأة ولا على أبنائها من تأثير النشأة أو دين الزوج، حيث أصبحت القناعات الدينية اليوم تتحكم فيها عوامل مختلفة، بعيدا عن دور الأب أو الأم في ذلك، وحتى لو سلمنا بذلك فإن دور المرأة اليوم في التربية والتنشئة أقوى من دور الأب، فكيف يباح للمسلم الزواج من غير مسلمة دون الخوف على أبنائه، فيما تمنع المرأة من ذلك خوفا على أبنائها.
ولما كانت إباحة مثل هذا الزواج، ترفع عنا تهمة التمييز بسبب الدين، وهو ما يلبي الالتزامات والاتفاقات الدولية التي صادقت عليها المملكة المغربية، كما من شأنه حل كثير من الإشكاليات التي تعترض فئة من المواطنين، سواء داخل المغرب أو خارجه، دون اللجوء إلى الإسلام الصوري الذي يلتجأ إليه بعض الأزواج للتحايل على القانون، لذلك من المهم جدا إعادة النظر في هذا الموضوع، وفتح باب الاجتهاد في هذه القضية، تحقيقا للمصلحة العامة دون إخلال بالنظام العام.
بالمقابل قدم الباحث في قانون الأسرة المغربي والمقارن الدكتور القاضي أنس سعدون عضو نادي القضاة ورقة عمل بعنوان " مداخلة حول إشكالية النسب والبنوة في مدونة الأسرة بالمغرب " ، تطرق فيها الى ستة محاور هي :
أولا- الطبيعة القانونية للنسب وهدر المصلحة الفضلى للطفل
ثانيا: التمييز الاجرائي بين الجنسين في اعمال وسائل اثبات النسب
ثالثا: التمييز بين الجنسين في تحمل المسؤولية الإنجابية (آثار البنوة)
رابعا- "الوصم" القضائي للطفل المزداد خارج إطار مؤسسة الزواج
خامسا-محدودية "السوابق القضائية" في حماية حق الطفل في النسب
سادسا: حماية حق الأطفال في النسب في ضوء مشروع تعديل مدونة الأسرة.
وتطرق الدكتور سعدون الى حكم محكمة ، غريب على القضاء المغربي بل في سابقة تعد الأولى من نوعها أصدرت المحكمة الابتدائية بطنجة أول حكم قضائي أقر مبدأ حق الطفل المولود خارج اطار الزواج في انتسابه لأبيه البيولوجي، وحق الأم في تعويض عن الضرر الذي لحقها من جراء انجاب ناتج عن هذه العلاقة .
تعود فصول القضية الى أواخر سنة 2016 حينما تقدمت امرأة بدعوى أمام قسم قضاء الأسرة بطنجة تعرض فيها بأنها أنجبت بنتا من المدعى عليه، خارج اطار الزواج، ورفض الاعتراف بها، رغم أن الخبرة الطبية أثبتت نسبها اليه، ملتمسة من المحكمة، الحكم ببنوة البنت لأبيها، وأدائه لنفقتها مند تاريخ ازديادها؛ وأجاب المدعى عليه بكون طلب المدعية غير مؤسس قانونا، على اعتبار الخبرة الطبية المدلى بها في الملف، وان أثبتت العلاقة البيولوجية بينه وبين البنت، فإنها لا تثبت العلاقة الشرعية، وبأن النسب في مدونة الأسرة يثبت بالزواج الشرعي، وبأن البنوة غير الشرعية ملغاة للأب، ولا يترتب عنها أي أثر. مدليا بحكم محكمة قضى
بإدانته من أجل جنحة الفساد طبقا للفصل 490 من القانون الجنائي ملتمسا رفض الطلب.
وقد اعتمدت المحكمة الابتدائية بطنجة على حيثيات غير مسبوقة، معللة قرارها بنصوص من اتفاقيات دولية، ومن الدستور الجديد.
حماية حق الأطفال في النسب في ضوء مشروع تعديل مدونة الأسرة
شكل موضوع نسب الأطفال المزدادين خارج إطار مؤسسة الزواج أحد أبر المواضيع المطروحة للنقاش من طرف هيئة تعديل مدونة الأسرة، من خلال جلسات الاستماع التي نظمتها، حيث أجمعت الجمعيات والأحزاب والهيئات والمؤسسات التي استمعت اليها الهيئة على وجود مقتضيات تمييزية في القسم المتعلق بالنسب والبنوة، وقد تعددت المقترحات المقدمة في هذا المجال، اذ يمكن التمييز بين اتجاهين بارزين:
- الاتجاه الأول: يدافع على حماية حق الطفل في النسب بغض النظر عن الوضعية العائلية للأبوين، ويدعو الى الارتقاء بالخبرة الجينية لتصبح سببا للحوق النسب-مثلها مثل الإقرار- لا مجرد وسيلة لإثباته، كما يطالب بترتيب كل الآثار المترتبة عن النسب في حالة ثبوت البنوة البيولوجية عن طريق الخبرة، من نفقة وتوارث وحرمة مصاهرة، وإلغاء كل تمييز بين البنوة الشرعية وغير الشرعية.
الاتجاه الثاني: يقول بالإبقاء على التمييز الموجود بين البنوة غير الشرعية والشرعية، وتوسيع مجال اعمال الخبرة الجينية، في اتجاه
إلزام الأب البيولوجي بتحمل الالتزامات المالية اتجاه الطفل في إطار قواعد المسؤولية التقصيرية، وتمثل هذا الاتجاه بعض الجمعيات وبعض الأحزاب ذات التوجه المحافظ، حيث تستند على قراءة معينة للنصوص، تفيد بحسب رأيها عدم ترتيب النسب عن الولادات خارج إطار مؤسسة الزواج، من قبيل قوله صلى الله عليه وسلم "الولد للفراش وللعاهر الحجر".
حضر من البحرين المحامي عبد الله الشملاوي المتخصص في الدفاع عن المرأة في المحاكم الشرعية ، والمحامي حسن إسماعيل والناشطة النسائية مريم الرويعي واخريات .