بقلم : د. جاسم حاجي
أعلن سعادة السيد حمد بن فيصل المالكي، وزير شؤون مجلس الوزراء، عن إنجازٍ نوعي يتمثل في برنامج الحكومة (2023-2026) لتطوير 500 خدمة حكومية عبر 24 جهة حكومية مختلفة. يأتي هذا القرار ضمن إطار سلسلة من الإصلاحات الهادفة لتسهيل الإجراءات الحكومية، وتسهيل المعاملات، ورفع كفاءة الأداء، فضلاً عن تحقيق أعلى مستويات الشفافية والعدالة في تقديم الخدمات.
لتنفيذ هذه الأهداف الطموحة، تسعى الحكومة لتنفيذ استراتيجيات شاملة، منها التحول الرقمي الكامل للخدمات الحكومية بهدف تقليص المستندات المطلوبة بنسبة 50%، وتبسيط الإجراءات، وتقليل خطوات تقديم الخدمات الإلكترونية إلى أربع خطوات فقط. كما يهدف البرنامج لتوحيد معلومات الخدمات عبر جميع القنوات الحكومية، مما يسهل على المتعاملين الوصول إلى المعلومات اللازمة بسرعة وكفاءة. بالإضافة إلى ذلك، فإنه يسعى لتطوير كفاءات الموظفين الحكوميين، وتمكينهم من استخدام التقنيات الحديثة في تقديم الخدمات، مع تعزيز الشراكات مع القطاع الخاص للاستفادة من الخبرات والتقنيات المتقدمة.
في ظل التطور التكنولوجي السريع، أصبح الذكاء الاصطناعي جزءًا محوريًا في عملية تطوير الخدمات الحكومية، حيث يمكن استخدامه لتعزيز الخدمات الإلكترونية في مملكة البحرين بطرق متعددة، مما يزيد من كفاءتها وجودتها. حيث يمكن تطوير روبوتات محادثة تعتمد على الذكاء الاصطناعي (Chatbots) لمساعدة المواطنين في الوصول إلى الخدمات بسرعة وسهولة. إضافةً إلى ذلك، يمكن للذكاء الاصطناعي تحليل كميات ضخمة من البيانات الحكومية لاستخلاص الاتجاهات والأنماط، ما يسهم في تعزيز قدرة صناع القرار على اتخاذ قرارات أكثر استنارة. كما يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي في كشف الأنماط غير الطبيعية في البيانات المالية، مما يساعد في مكافحة الفساد والاحتيال.
علاوة على ذلك، تسهم تطبيقات الذكاء الاصطناعي في تخصيص الخدمات لتلبية احتياجات الأفراد والمؤسسات بشكل أفضل، مما يعزز مستوى الرضا العام. وتتيح هذه التقنية أيضًا أتمتة العديد من المهام الروتينية، ما يوفر الوقت والجهد للموظفين، ويتيح لهم التركيز على المهام التي تتطلب مهارات بشرية أخرى.
بالإضافة الى ذلك، من المهم تبني استراتيجيات مستدامة لتعزيز دور الذكاء الاصطناعي في الخدمات الحكومية، من خلال إنشاء مختبرات ابتكار متخصصة واختبار التقنيات الجديدة، بالإضافة إلى تدريب موظفي القطاع الحكومي على استخدام هذه التقنيات، والاستفادة من الخبرات المحلية، مثل تلك المتوفرة في مركز سمو الشيخ ناصر للبحوث والتطوير في الذكاء الاصطناعي، أكبر مركز للذكاء الاصطناعي في مملكة البحرين، مما يعزز البنية التحتية للذكاء الاصطناعي في مملكة البحرين
ورغم الإمكانات الكبيرة التي يوفرها الذكاء الاصطناعي، إلا أنه يواجه بعض التحديات التي يلزم أخذها بعين الاعتبار، من بينها توفر البيانات عالية الجودة، والقضايا الأخلاقية المتعلقة بالخصوصية واستخدام البيانات. لذا فإن السعي لضمان تحقيق توازن بين الاستفادة من قدرات الذكاء الاصطناعي وحماية حقوق المواطنين تعد من أساسيات التقدم التقني.
باختصار، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يحدث تحولًا كبيرًا في كيفية تقديم الخدمات الإلكترونية في البحرين، مما يؤدي إلى تحسين الكفاءة التشغيلية، وتوفير الوقت والجهد للمواطنين، وتعزيز تجربة المستخدمين في مختلف المجالات. تبني هذه التقنيات سيسهم بشكل كبير في دعم التحول الرقمي الذي تسعى إليه مملكة البحرين.