تمكنت المدَّوِّنات من صناعة مفاهيم جديدة في عالم الإعلان والدعاية جعلتهُنَّ يتسيدنَّ المشهد الإعلاني في الترويج والتسويق
"أسهمت مُدَوِّنات الموضة في دول مجلس التعاون الخليجي في إحداث نقلة نوعية في نشر ثقافة التجميل لدى الفتيات المتابعات، حتى صارت عمليات التجميل جزءًا مهماً في إطلالة الفتيات بين فترة وأخرى، وأصبح الاهتمام بتناسق الجسد وإظهار معالم الأنوثة ثقافة الفتيات في الوسط الاجتماعيّ.
ذلك بسبب الانفتاح والتواصل الرقمي، روَّجَتْ مُدَوِّنات الموضة لثقافة الصورة الجمالية، وأولت قيمة كبيرة لجمالية الصورة، حتى تغيرت الاعتبارات الشخصية لقيمة الفتاة علمياً، فتزايدت قيمة الصورة في ذهنية الفتيات وصارت جمالية الصورة والجسد هما عنوان الثقافة، وهما الأكثر إثارةً وتفاعلاً في وسائل التواصل الاجتماعيّ بين الفتيات.
كما أسهمت مُدَوِّنات الموضة بشكل فعَّال في الترويج للظواهر الاجتماعيّة السلوكية التي تظهر بين الحين والآخر، سواءٌ أكانت هذه الظواهر مرغوبًا فيها، أم غير مرغوب فيها."
هذا تقرير ما خلص به الباحث فاضل حيدر علوي في دراسة بحثية بعنوان " مُدَوِّنات الموضة )الفاشينستا( والتغير الثقافيّ لمنظومة القيم لدى فتيات دول مجلس التعاون في ضوء ثقافة العولمة "
واشار في بحثه بان قلة وضوح مصطلح مُدَوِّنات الموضة كمفهوم أدبي لدى الفتيات المتابعات والمدَّوِّنات أنفسهن في دول مجلس التعاون الخليجي ،حيث إن المراجع العربية افتقرت لهذا المصطلح بالممارسة التي تظهر بها المدَّوِّنات والتي تارة تُعبر عن معاني مختلفة ومتناقضة في الوقت نفسه، فالبعض يشير إلى أن المدَّوِّنات أنهن عارضات لأزياء مختلفة باستخدام أجسادهن مقابل الحصول على أموال العرض والتصوير والتسويق.
العلاقة الازدواجية بين مفهوم مُدَوِّنات الموضة )الفاشينستا( والذي يُشير إلى اختيار الملبس وطريقة التنسيق والظهور في وسائل التواصل الاجتماعيّ، وبين التسويق للسلع المتنوعة الصنف، كالتسويق للمطاعم والأكلات والاكسسوارات والماركات العالمية التي ليس لها علاقة بالملابس.
تمكنت المدَّوِّنات من صناعة مفاهيم جديدة في عالم الإعلان والدعاية، جعلتهُنَّ يتسيدنَّ المشهد الإعلاني في الترويج والتسويق، بل أصبحن الايقونة المؤثرة في قرارات الشراء للسلع المختلفة، وأسهمنَّ بشكل كبير في خلقْ الذووق العام تجاه الموضة والأزياء، وذلك بسبب حصولهن على أعداد كبيرة من المتابعين الذين يتابعون نمط حياتهم.
تمتلك المدَّوِّنات شعبية جماهيرية واسعة في المجتمع الخليجي ،حتى أصبحنَّ ينافسنَّ البرامج التلفزيونية التي تُقَدْم في أشهر المحطات الخليجية، ولهذا سارعت شركات الدعاية والإعلان باحتكار الشهيراتِ منهُنَّ بعقودٍ ضخمة لحملات التسويق والترويج لمختلف السلع، وحققنَّ أرباحاً وعوائدَ مالية كبيرة جراء تلك العقود، حتى أنها فاقت عائدات الإعلان التلفزيوني.
وقدم الباحث عدد من التوصيات :
1- توعية الأسر الخليجية عن طريق ورش تدريبية بمخاطر الظواهر الاجتماعيّة والفكرية والاقتصادية لمشاهير السوشال ميديا: مُدَوِّنات الموضة نموذجاً، وحث الأسر على اكتساب القيم المجتمعية الأصلية، ونشر الثقافة الحقيقية التي تمثل المجتمع.
2- تضمين البرامج الاجتماعيّة لمؤسسات المجتمع المدني رسائل توعية، تحث أولياء الأمور على توجيه أبنائهم نحو الثقة بالنفس وتجنُّب تقليد المشاهير ومُدَوِّنات الموضة، وخصوصاً في حال الوقوع تحت ضغط الظروف الاجتماعيّة.
3- عقد برامج تثقيفية مستمرة لمواجهة سلوكيات ظاهرة مُدَوِّنات الموضة التي تنتشر في مواقع التواصل الاجتماعيّ للحد من انتشارها وتأثيرها على سلوكيات الفتيات.
4- إعداد برامج توعية وأنشطة وطنية، تقدمها مؤسسات الإعلام الرسمية؛ للحد من إعلانات المدَُوِّنات في مواقع التواصل الاجتماعيّ التي يكون هدفها الربح المادي على حساب المبادئ والقيم المجتمعية.
5- إيجاد تشريعات وقوانين جديدة تلزم المدَُوِّنات ومشاهير السوشال ميديا بعدم الإعلان لأي منتج غير معتمد أو التحشيد لأيَّة فعالية دون وجود رخصة رسمية أو مادة منشورة تخدش الحياء أو تخالف القواعد المسلكية للحشمة أو العادات والتقاليد والقيم في المجتمع الخليجي.
6- تعزيز القيم الثقافيّة المجتمعية لدى فتيات دول مجلس التعاون الخليجي، بالاقتداء بالشخصيات الثقافيّة والوطنية التي يجب أن تلعب دور القدوة الحسنة، وبالتالي يرتبط السلوك بالقدوة ويكون التأثير بتعزيز روح القيم المجتمعية، وينقل القيم الحميدة التي تمثل المجتمع الخليجي.
7- فرْض رقابة أسرية على مواقع التواصل الاجتماعيّ وبرامجها ،وتشجيع الفتيات على متابعة الحسابات الثقافيّة والاجتماعيّة ذات النفع العام، والتي تركز على تعزيز نشر الثقافة المرتبطة بقيم المجتمع المحلي.
8- تضمين المناهج الدراسية وخصوصاً مواد المواطنة، دروسًا ومواضيع تتعلق بكيفية التعامل مع وسائل التواصل الاجتماعيّ في ظل الانفتاح على العالم، وكذلك إجراء المزيد من الدراسات والبحوث في موضوع مُدَوِّنات الموضة؛ للتعرف على المتغيرات الأخرى التي لم تكشف عنها الدراسة الحالية.
وقد هدفت الدراسة إلى تعرف مفهوم مُدَوِّنات الموضة وعلاقتهن بثقافة الاستهلاك في دول مجلس التعاون الخليجي، وإلى معرفة العلاقة بين ممارسات مُدَوِّنات الموضة ومنظومة القيم الثقافيّة والاجتماعيّة والاقتصادية والأخلاقية في ضوء ثقافة العولمة وتأثيرها في تغيير منظومة القيم لدى الفتيات المتابعات من دول مجلس التعاون الخليجي. المنهجية: بلغ عدد أفراد العينة البحثية) ( مستجيبة من فتيات دول مجلس التعاون الخليجي. وقد استخدمت الاستبانة أداة رئيسة للدراسة.
لقد خلص البحث إلى الازدواجية بين مفهوم مُدَوِّنات الموضة وبين عملهنُّ في مجال التسويق لمختلف الأنشطة التجارية التي تحقق لهن الثراء، كما تُعتبر المدَّوِّنات أكثر من أسهمن في نشر ثقافة عمليات التجميل التي انتشرت مؤخرا.