بقلم : د. جاسم حاجي
في عالم اليوم الرقمي سريع التطور، تسود مفاهيم مثل الذكاء الاصطناعي والبرمجة التقليدية كمحركات رئيسية للابتكار. ومع ذلك، غالبًا ما يتم الخلط بين هذين المصطلحين، مما يؤدي إلى سوء فهم لإمكانيات وتحديات كل منهما. لذا، من الضروري للشركات أن تدرك الفرق الأساسي بين البرمجة التقليدية وبرمجة الذكاء الاصطناعي لتسخير طاقتهما الكاملة والاستثمار في المجال المناسب لاحتياجاتها. الذكاء الاصطناعي والبرمجة التقليدية يمثلان طريقتين مختلفتين لحل المشاكل في مجال علوم الحاسوب. يكمن الاختلاف الرئيسي بينهما في أساليب العمل، مجالات الاستخدام، القدرات، وأنواع المشاكل التي يبرع كل منهما في حلها. يظهر بوضوح أن هناك أفرادًا يدعون بأنهم يقومون ببرمجة الذكاء الاصطناعي، وفي الواقع يتبين أنهم يقومون بإطلاق ادعاءات مضللة حيال وجود قسم متخصص في الذكاء الاصطناعي، في حين يكون هذا القسم عبارة عن برمجة تقليدية والتي تبعد كل البعد عن مفهوم الذكاء الاصطناعي.
البرمجة التقليدية:
في البرمجة التقليدية، يكتب المبرمج تعليمات واضحة (كود) تحدد للحاسوب ما يجب عليه فعله بالضبط. ثم ينفذ الحاسوب هذه التعليمات لحل مشكلة معينة أو تنفيذ مهمة محددة.
الطريقة:
يحلل المبرمج المشكلة، ويقسمها إلى مهام أصغر، ثم يكتب كودا لحل هذه المهام. البرنامج يأخذ مدخلات، يطبق كود المبرمج، ويولد مخرجات.
مجالات الاستخدام:
تستخدم البرمجة التقليدية للمهام ذات القواعد الواضحة والمدخلات والمخرجات المعرفة. تستخدم غالبًا في تطبيقات مثل تطوير الويب ومعالجة البيانات وتطوير البرامج.
القيود:
البرمجة التقليدية محددة وتستطيع فقط حل المشاكل التي صُممت لحلها. لا تتعلم ولا تتكيف مع بيانات أو مواقف جديدة إلا إذا تم تحديث الكود يدويًا.
الذكاء الاصطناعي:
يعمل الذكاء الاصطناعي، وخاصة التعلم الآلي، بشكل مختلف. بدلاً من البرمجة التقليدية للقيام بمهمة محددة، يتم تدريب أنظمة الذكاء الاصطناعي على كمية كبيرة من البيانات، مما يسمح لها بتعلم الأنماط واتخاذ القرارات أو التنبؤات بناءً عليها. تخيل أنك تعطي طفلك خريطة بوصلة وتطلب منه الوصول إلى الجهة الأخرى من الغابة. سيتعلم الطفل شيئًا فشيئًا، ويحدد المسار الأنسب بناءً على الظروف المتغيرة.
الطريقة:
في التعلم الآلي، تعطى الخوارزمية كمية كبيرة من البيانات ومهمة يجب إنجازها. تتعلم الخوارزمية أداء المهمة من خلال إيجاد الأنماط في البيانات. على سبيل المثال، يمكن تدريب خوارزمية التعلم الآلي على التعرف على صور القطط من خلال عرض صور عديدة لها.
مجالات الاستخدام:
يُستخدم الذكاء الاصطناعي في المواقف التي يكون فيها كتابة الكود التقليدي معقدًا أو غير عملي، مثل معالجة اللغات الطبيعية، والتعرف على الصور، والنمذجة التنبؤية. يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي أيضًا في الأنظمة التي تحتاج إلى التكيف مع معلومات جديدة، مثل خوارزميات التوصية.
القيود:
تتطلب خوارزميات الذكاء الاصطناعي كميات هائلة من البيانات عالية الجودة للتدريب، مما قد يكون مكلفًا ويستغرق وقتًا طويلاً. قد يصعب فهم المنطق الداخلي لأنظمة الذكاء الاصطناعي، وهو ما يثير مخاوف بشأن الشفافية والتحكم. كما قد تعاني نماذج الذكاء الاصطناعي من التحيز أو عدم الدقة أو الإفراط في التكيف إذا لم تُدار بشكل صحيح.
وفي الختام:
البرمجة التقليدية تتعلق بإنشاء مجموعة ثابتة من التعليمات ليطبقها الحاسوب، بينما يختص الذكاء الاصطناعي بإنشاء خوارزميات تسمح للحاسوب بالتعلم من البيانات واتخاذ القرارات أو التنبؤات. لكل منهما نقاط قوته وضعفه ومجالات استخدام ملائمة له.