بقلم : د. نبيل تمام
ظهر مصطلح الحياد الطبي منذ أكثر من ١٥٠ عاماً وذلك بعد معركة "سولفيرينو" التي خلفت ما يقارب ثلاثين ألف جريح من غير أدنى رعاية طبية في ساحة المعركة، فبات هذا سببا مباشرًا لبدء جدل محصلته كانت انطلاق معاهدات جنيف التي تعنى بضحايا النزاعات وتقديم الرعاية الطبية لهم.
يرتكز مفهوم الحياد الطبي على 3 أركان:
الركن الأول:
القانون الدولي الإنساني الذي يهدف إلى حماية الأشخاص الذين يعانون من ويلات الحرب، وبحسب اللجنة الدولية للصليب الأحمر فإن هذا القانون يعني "مجموعة القواعد الدولية الموضوعة بمقتضى معاهدات أو أعراف، والمخصصة بالتحديد لحل المشاكل ذات الصفة الإنسانية الناجمة مباشرة عن المنازعات المسلحة الدولية أو غير الدولية، والتي تحد -لإعتبارات إنسانية- من حق أطراف النزاع في اللجوء إلى ما يختارونه من أساليب أو وسائل للقتال، وتحمي الأشخاص والممتلكات".
ومن هذا المنطلق وضعت جنيف مبادءها الأربعة والبروتكولين الملحقين بها بشأن تحسين حالة الجرحى والمرضى من أفراد القوات المسلحة في الميدان، وتحسين حالة الجرحى والمرضى والغرقى من أفراد القوات المسلحة في البحار، إضافة إلى أسرى الحرب، وأخيرا مبادئ حماية المدنيين في وقت الحرب.
الركن الثاني:
القانون الدولي لحقوق الإنسان، وهو ما يعرف بالشرعة الدولية لحقوق الإنسان المكون من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (١٩٤٨) والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والعهد الدولي الخاص بالحقوق الإقتصادية والإجتماعية (١٩٦٦) والبروتكولين الملحقين، وهناك خلط شائع مابين الشرعة الدولية لحقوق الإنسان والقانون الدولي لحقوق الإنسان والذي يتكون من إتفاقيات جنيف الأربع الخاصة بالحروب المذكورة أعلاه.
الركن الثالث:
أخلاقيات مهنة الطب، والذي اختصره القسم الطبي منذ ابو الطب "ابقراط" الذي يؤكد على ضرورة احترام الانسانية والمهنة واضعا من خلاله ميثاق شرف يسير عليه الأطباء في سلوكهم إلى أن تمت المصادقة على القسم الطبي في المؤتمر العالمي الأول للطب الاسلامي الذي فصل ذات المفاهيم بصياغة أخرى تتناسب والدين الاسلامي.
من هنا باتت جميع المؤسسات الطبية الدولية تقدر وتحترم مبدأ الحياد الطبي باعتباره ميثاق شرف مهني، وعلى الجميع أفرادًا ومؤسسات، مهنية وعسكرية، ابان السلم والحرب، أن يتم تطبيقه أدبيًا وأخلاقيًا.