بقلم : د. نبيل تمام
ببالغ الحزن والاسى ، فجعنا خبر وفاة صالح الغزواي يوم امس اثر وعكة صحية مفاجئة المّت به ، لقد رحل صاحب اليد البيضاء فلروحه الرحمة والمغفرة .
ابو صالح الدكتور يوسف موسى مواليد فلسطين العام 1954، من سكنة غزة، خريج كلية الطب بجامعة الاسكندرية، والماجستير في الصحة العامة بجامعة القدس، وله العديد من المشاركات التطوعية والأعمال الصحية منها المدير الطبي التنفيذي لاتحاد لجان العمل الصحي سابقًا والمدير الاداري لوكالة غوث اللاجئين اونروا في غزة بعد ذلك.
تعارفنا مع أبو صالح الأول كان هاتفيًا، بصحبة الأخ والرفيق الدكتور علي العكري، تفصلنا حدود وهمية متمثلة في جدار متهالك وبوابة يحرسها الأمن المصري من ناحية وأمن حماس من الناحية المقابلة، إبان إعتصاماتنا مع الأطباء العرب يناير 2009 وجلهم من الأطباء المصريين، حيث عبرنا تلك الحدود بعد سبعة أيام من الاعتصامات وقوفًا.
مرت ثلاثة أيام تحت القصف المكثف ونحن في مستشفى الشهيد أبو يوسف النجار، وما زال تواصلنا مع أبو صالح عبر الهاتف، ونحن على بعد لا يتعدي الكيلومتر عن منزله في رفح الفلسطينية.
في اليوم الثالث ومع قرار بوقف اطلاق النار المحدود بساعة ظهيرة الجمعة، كان لنا اول لقاء وجهًا لوجه مع ابو صالح لنحتضن بعض بكل محبة، حيث تناولنا أول وجبة غذاء فلسطينية من طبخ العزيزة أم صالح في بيتهم، لنعود أدراجنا سريعًا قبل انتهاء مهلة وقف إطلاق النار وطعم الشاي الفلسطيني بالمرمية مازال في الذهن والذاكرة.
اصطحبنا ابو صالح في جولة شملت مدينة غزة لنستقر بعدها في مستشفى العودة بمخيم جباليا شمالًا "كان أبو صالح المدير العام للمستشفى انذاك"، لنقيم في إحدى غرف المستشفى وكان عشاءنا فاخرًا لأول مرة حيث تذوقنا الكباب الفلسطيني.
مشروع التؤامة بين مستشفى العودة و جمعية الأطباء البحرينية كان فكرة أبو صالح حيث تناولناها نظريًا، واستطعنا تطبيقها بتوجيه الدعوة الى ابو صالح مرتين لزيارة البحرين عن طريق القاهرة، حيث التقى بالعديد من الاخوة والاصدقاء على الصعيد الشعبي والرسمي.
زيارتان للبحرين، تم توقيع مشروع التؤامة مع جمعية الاطباء برئاسة الدكتور أحمد جمال في القاعة الرئيسية مع ندوة عن الوضع الطبي في غزة، حيث تبرعت الجمعية بسيارة اسعاف مجهزة وتم تأثيث وتجهيز غرفة العناية القصوى في مستشفى العودة.
العديد من الزيارات الرسمية والاجتماعية الى أبو صالح نذكر منها زيارته الى قاعة فلسطين في جمعية العمل الوطني الديموقراطي وعد لتقديم ندوة عن غزة، حيث تبرعت جمعية وعد بسيارة اسعاف مجهزة الى مستشفى العودة أيضًا.
كنا متواصلون لاكثر من عشر سنوات عبر وسائل التواصل الاجتماعي مع ابو صالح، إلى هذه الايام ابان حدوث الجرائم الانسانية والابادة الجماعية من قبل العدو الصهيوني بهدف تهجير الشعب الفلسطيني، الى ان فجعنا بالخبر الأليم بانتقال روح ابو صالح الى خالقها اثر وعمة صحية خطيرة.
جسدك فقط ذهب، روحك باقية بإسمك واعمالك الخيرة للشعب الفلسطيني وعلاقاتك الانسانية مع العديد من الشخصيات في البحرين بلدك الثاني، فنم قرير العين ولروحك السلام الذي افتقدتموه في فلسطين وغزة تحديدًا، والصبر والسلوان الى أم صالح والابناء.
له الرحمة والمغفرة ولنا جميعا الصبر والسلوان .