بقلم : الدكتور نبيل تمام
بدأت الجلسة المصغرة بكل أريحية وبساطة بعرض النية التي بثت فينا نفحات إيجابية انطلاقًا للرسم المبسط على ورقة بيضاء خطًا أفقيًا طويلًا مثل لنا حياتنا وتموجات أحداثها بين قمم تمثل الفرح والنجاح والماديات وبين قيعان تمثل الحزن والفقد والاكتئاب والمرض، كمحاكاة لمشهد تسجيلي من فيلم طويل يعرض في قاعة سينما ونحن الممثلين فيه ونعيش أحداثه.
كانت الفكرة غير واضحة في انطلاقتها، ولكن مع خوض الشرح المبسط والتفاعلي اتضحت الرؤية بمزيد من الوعي مع مسار الجلسة التفكرية، أن حياتنا مشاهد متسلسلة تبدأ بمولدنا وتنتهي بمماتنا، بإخراج محكم من المخرج الذي يدير كل شيء.
أوضحت لنا أن خط ومسار حياتنا ما هو إلا جسدنا الذي يتطور عبر السنون وملابسنا التي تتحرك معنا والماديات المتغيرة وسير الاحداث المتغيرة ومعرفة الشخوص في علاقاتنا المتغيرين هم أيضًا وتفاعل عقلنا وفكرنا ومشاعرنا وصحتنا و و و مع تلك الاحداث والمشاعر.
كانت فكرتها التي تحاول ايصالها لوعينا الداخلي هي أن نحاول التفكر والنظر لتلك الأحداث والايام والسنين من حياتنا بعين المراقب عن بعد وكأننا المتفرجين في قاعة السينما وليس كأننا الممثلين والشخوص في شريط الفيلم المسجل أمامنا.
بينت لنا الآليات التي بها نستطيع محاولة التحكم في ذلك عن بعد آخر ومبدأ هام جدًا وهو الانفصال من الجسد المادي والذهاب بعيدًا في الفضاء بهدف تفهم وتقوية المراقبة لذلك الحدث الآني لتفعيل النظر عن بعد لرؤية الأمور بوضوح لتفهمها والتعامل معها بحكمة بعد ذلك، وذلك بإعطاء البصيرة "وليس البصر والفعل ورد الفعل السريع" الوقت الكافي والفرصة للوصول لرأي سديد في كل مجريات أحداث دنيانا.
إن فهم والنظر للحياة بتلك الطريقة الابداعية بمفهوم الحياة كمشاهد الفيلم وبالنظر لها بعين المراقب كمتفرج في قاعة السينما، ووجود البعد الأخر بينهما وهو التوازن بين الايجابي والسلبي وبين المتناقضات في الحياة والنظر لها بمنظور أخر وهو بالوعي بعدم وجود المتناقضات وانما هناك تدرجات في المفاهيم كأن لا ننظر الى الخير والشر ولكن باعتبار ان الشر هو الخير في ادنى درجاته، وهلم جرا في بقية المتناقضات، وضرورة عدم التطرف سواء تجاه الفرح والخير او تجاه الحزن والشر، بل بالعيش والاحساس بهما بشكل متوازن بهدف التحرر من الانجراف والمحافظة على التوازن بوعي.
ساعتان، مرت كلمح البصر، تفهمنا جزء بسيط من محاولة الوصول للسكون والهدوء والتأمل كنمط حياة صحي والسيطرة على تفكيرنا ومشاعرنا بتوازن وليس بالعدم، فجزيل الشكر للمدربة المتألقة فاطمة بو راشد من دار سكون لتنمية العلاقات والفكر الروحي، واختها الفاضلة منيرة التي ادارت توثيق الجلسة بجدارة.