على دول مجلس التعاون الخليجي اعادة دراسة جدوى خطط التحول الى مرحلة ما بعد النفط بسبب اهمية الطاقة الاحفورية
من المتوقع ان تتفاقم التاثيرات المحتملة للحرب الجارية على زيادات حادة في معدلات التضخم وتهدي الامن الغذائي في معظم دول العالم الثالث فضلا عن الضغوطات على الموازنات الحكومية وغيرها من التداعيات الانسانية والاجتماعية .
ارتفاع معدلاد التضخم :
وقد تسبب التدخل العسكري الروسي في اوكرانيا في ارتفاع لافت لاسعار الحبوب عالميا باعتبار ان البلدين من اكبر منتجي المحاصيل الزراعية في العالم ، اذ قفزت اسعار القمح والذرة مع بداية الحرب نبسبة تتراوح بين 5-8 % واستمرت لتتراوح بين 50-70 % .
الضغوط على الموازنات الحكومية :
سيؤدي ارتفاع الاسعار العالمية للسلع الاساسية الى تفاقهم عجز الحسابات المالية والجارية في عدد من دول المنقة ، علاوة على زيادة مستويات الدين العام بها .
تاثيرات متفاوته على الطاقة وامداداتها :
رغم زيادة اسعار النفط المفيد لبعض الدول المصدرة له ، الا ان عدد من الدول سوف تواجه صعوبات في تلبي الاحتياجات المحلية للنفط والوقود الخاص بانتاج الكهرباء ،وفي ظل ازمة شح العملات الصعب .
مخاطر الامن الغذائي :
تعتبر روسيا واوكرانيا من اكبر منتجي القمح والحبوب في العالم والحرب تعطل الصادرات مهما للعالم .
انعكاسات الحرب على جغرافيا وامن الطاقة:
اخر مرة تجاوز فيها سعر برميل النفط عن 100 دولار عام 2014 نتيج العقوبات الدولية على ايران بسبب برنامجها النووي والتوترات الجيوسياسية في المنطقة العربية ، عاد الى الارتفاع الان باعلى بكثير وصل الى 130 دولار.
موقف دول الخليج تجاه الحرب الروسي الاوكرانية :
دول الخليج بدأت تتحرك بخطوات متتابعة نحو الانفراد بسياساتها الخارجية ولتخفيف من درجة من درجة الاستجابة للتوجيهات الغربية في تشكيل القرار الخليجي الخارجي ، لاسيما ان امريكا قررت الابتعاد عن مصالحها في المنطقة العربية والتوجه شرقا لمواجهة الصين وهو ما اوجد وضعا مغايرا بالنسبة الى دول الخليج فرض عليها ايجاد قنوات جديدة لحمايتة وجودها واستقرارها ، فظهرت الاتفاقيات الثنائية والجماعية للعواصم الخليجية مع عواصم دولية اخرى منها بكين وموسكو.
فرضت الرياض وابوظبي زيادة حجم الانتاج لكبح الاسعار ، وامتنعت الامارات مرتين لقاريين امميين لصالح امريكا يطالب روسيا بوقف عملياتها العسكرية في اوكروانيا رغم تغيير الموقف في 2 مارس 2022.
قطر التي احتضنت القمة السادس للدول المصدر للغاز في 22 فبراير 2022 ، جاءت التصريحات تغليب لغة السلام ولم تقدم القمة اي وعود قطعية لقارة اوربا بشان زيادة كميات انتاج الغاز في اطار منارة سياسية مع الغرب .. لذا قررت قطر رفع انتاجها من الغاز بنسبة 40 % عام 2027.
معدلة الربح والخسارة لطاقة دول الخليج :
بعد الهجوم الروسي على كييف ارتفع سعر النفط من 100 دولار الى 130 ، ثم هبط على 110 دولار ( حسب الاحصائيات فان ارتفاع سعر النفط 10 دولارات للبرميل يضيف 65 مليار دولار الى عائدات التصدير النفطي لدول التعاون ، وارتفع سهم ارامكو 4.2 % ، ما يعني استفادة دول الخليج من الزيادة الاستثنائية بسبب الحرب.
انعكاسات الحرب الروسية على الطاقة الخليجية :
ان دول الخليج تتشارك مع روسيا وعدد من الدول الاخرى في مسألة ادارة سوق النفط العالمية ، دون ان يعني عدم وجود تنافس بين تلك الدول في مسألة تحقيق الربح وتجارتها النفطية .لذا من الارجح استمرار سياسات الخليج الاقتصادية والامني المعلنة والحيادية من موقفها عن اطراف الصراع .
الانعكاسات على تدعيم خطط التحول الى ما بعد النفط :
اظهرت الحرب الروسية حجم الحاجة العالمية الى الموارد النفطية والتي اظهرت عجز الطموحات الغربية المتمثلة في الطاقة الخضراء والاعتماد العالمي عليها في الفترة لحالية .
هذا التوجه العالمي يفرض على دول الخليج اعادة دراسة جدوى خطط التحول الى مرحلة ما بعد النفط او على الاقل التخفيف من سرعة تلك الخطط لاسيما ان الدول الصناعية معتمدة بشكل لا متناهي عن مصادر الطاقة الاحفورية .
الانعكاسات على خطوط الامداد الخليجية ومنافذ صادرات النفط :
--- الحرب الروسية قد تؤدي على المدى الطويل الى زيادة المطالب على السياسين الغربيين بتقليل الاعتماد على الطاقة الروسية ، والبحث عن مصادر اخرى ما يترجم زيادة فرص مستقبلية للدول الخليجية بالاستثمار في خطوط الامداد النفطية عوضا عن روسيا ، لاسيما ان الدول الغربية توصلت مع دول التعاون الى تفاهمات جدي بشأن ضمان مصالح الخليج الامنية والسياسية .
--- هذه الفرص الاستثمارية تتوقف على مدة الحرب واثارها على الاقتصاد العالمي فطول المدة ق يؤدي الى انهيار عالمي ومن ثم يضعف الطلب على النفط .
الخلاصة :
على الرغم من المؤشرات الايجابية نسبيا لسوق الطاقة الخليجية نتيجة لحرب الروسية على اوكراينا فان ذلك لا يعني ان الانباء الجيدة سوف تستمر وقتا اطول مما هي عليه الان ، فلا احد يعلم متى بقا الاسعار مرتفعة فضلا عن اثار الحرب الروسية الوخيمة على الاقتصاد العالمي ، لاسيما مع رزمة العقوبات الاوبية وحملات المقاطعة الاقتصادي هنا وهناك وهو يعني احتمالية انخفاض نمو الاقتصاد العلمي ورمبا يتبعه انخفاض في حجم الطلب على النفط على المدى المتوسط .
الدول الخليجية تعيش مرحلة مغايرة نوعا ما من حيث مكتسباتها الاستراتيجية ، فعلاقاتها الخارجية امتدت الى معكسرات جديدة ، واستثمرت بكثافة تحالفاتها مع الصين وروسيا لتوسيع مصاد رالامن والطاقة والاستثمار الاقتصادي ، فضلا عن استشعار الجانب الغربي لاهمية الدول الخليجية في المجال الدولي واستقرار اسواقه العالمية .
هل يؤدي استمرار الصراع بين الغرب وروسيا الى تدعيم الموقف الخليجي بالتوجه شرقا ، لاسيما مع عدم تقديم الغرب اي مقابل للمصالح الخليجية ، او اتجاهه الى خفض العقوبات على ايران واستيراد النفط والاز منها وتفعيل العلاقات الدبلوماسية معها ؟ ام ان الحرب الحالية ستفرض على الدول لخليجية ان تعيد النظر في حساباتها الخارجية مع معكسر الشرق ، خاصة اذا ما توجه الموقف الغربي الى قطع الصلة تماما بروسيا وحلفائها ، وامكانية استغلال دول الخليج ذلك في سد الفجوة الروسية مقابل منافع متبادلة مع العالم الغربي.
الاكاديمية العليا للدراسات الاستراتيجية الامنية - مركز الدراسات الدولية .( الامزمة الروسية الاوكرانية – مؤثراتها وتطوراتها المحلية والاقليمية والدولية ).