ارتفعت أسعار النفط بعد حرب 1973 حوالي 400% وعاشت البحرين برفاهية
كلفني عاهل البلاد بمراجعة الأسماء بعد عودتنا من ايران للتاكد من استحقاقهم للجنسية البحرينية
دشن الدكتور عبد الحسين ميرز الرئيس التنفيذي لشركة بابكو وزير النفط السابق وزير الطاقة السابق وزير الكهرباء والماء السابق ، وتسعة مناصب رئيسية تبوئها منذ عام 2000 حتى تقاعده في اخر تعديل وزاري ، كتاب سيرته الذاتية بعنوان " مسيرتي" مؤخرا في مجلد ضخم ضم 750 صفحة ، سجل فيها سيرة حياته حتى تقاعده وعلاقاته مع القيادة السياسية في وقت الرخاء واحلك الأوقات في كتاب مشوق مرفاق الصور التذكارية التي اخذها مع القيادة السياسية ومع اهله واصدقاءه وفي رحلاته .
يعود ميرزا الفضل الأول في تعليمه الى شركة نفط البحرين بابكو التي بعثته للخارج للدراسة الجامعية والتي أسهمت في صقل شخصيته وساهمت في تحقيق نجاحاته .
وأشار في مقدمة كتابه الى انه استبعد المواضيع السرية التي لا يجب البوح بها اثناء عمله خلال تلك الفترة ، وسرد بشكل مفصل احداث 14 فبراير 2011 بتفصيل دقيق به معلومات شيقة وجميلة تنشر لأول مرة.
ولد ميرزا عام 1944 في فريق المشبر القريب من قلعة البحرين ، ويتذكر تظاهرات عمال بابكو امام القلعة وعمره عشر سنوات وهم يطالبون بالافراج عن مساجين احداث 1954 ، والتي انتهت بمقتل ثلاثة متظاهرين .
يتذكر الاجراس الكبيرة المعلقة في شارع المتنبي ، والتي وضعت بعد الغارة الإيطالية على مصافي النفط عام 1940 ، وبقيت لانذار الناس بوجود حريق في مكان ما بالمنطقة ( شب حريق عام 1936 بسوق المنامة استمر عدة أيام اكلت معظم المتاجر – على اثرها تم انشاء فريق لمكافحة الحريق عام 1938).
لم يكن مواليد الحرب العالمية الثانية وانا منهم محظوظين حيث شهدت بلدان العالم بينهم البحرين شحا في المواد التموينية بسبب تقطع خطوط الملاحة ، وقل الإنتاج الزراعي في العالم ببب الحرب.
كنت الابن الثالث من بين اسرة تتكون من اثني عشر اخ واخت.
مدرستي الأول كانت الغربية ( الجعفرية سابقا ) القريبة جدا من بيتنا، وكان حسن الجشي مديرا للمدرسة .
كان اول عمل لي بعد تخرجي من الثانوية العامة تجاري وبناءا على نصيحة والدي عملت في المحكمة ككاتب بالمحكمة الصغرة الثالثة عام 1960 ، وكان القاضي الشيخ عبد الله بن خالد ال خليفة حينها.
يقول ميرزا ، ان عمله لم يمنعه من البحث عن بعثة دراسية للجامعة وقد حصل على قبول من جامعة البنجاب في لاهور والتحق بها وتفقوت بالسنة الأولى، وبعد عودتي للبحرين عملت في الصيف بشركة بابكو مؤقتا ، لكن أصبحت موظف دائم بعد النظر الى شهاداتي وتفوقي في الثانوية العامة السنة الأولى جامعة وبعث الى لندن للدراسة .
عدت الى بابكو من لندن بعد التخرج وتقلت العديد من المناصب في الشركة، ومن الحوادث التي تزامنت مع تواجدي بالشركة هو انفجار وقع في احد الخزانات ونتج عنه حريق كبير ، لكن الخبر المفرح بان أسعار النفط ارتفعت 400% بعد حرب 1973 ، ، وبعدها بعد ثورة ايران عام 1979 وصلعسعر النفط 39.5 دولار ، فقررت الحكومة ان تؤل كامل حصتها من النفط الى شركة بناكو التي تاسست عام 1976 وبدأ التفاوض على نقل الملكية وكنت مشارك أساسي في هذه العملية ، انتهت بتملك الحكومة بالكامل لشركة بابكو عام 1997 وتم دمج بابكو عن بناكو عام 1999.
بعد الطفرة النفطية عام 1974 ، وتشبع السوق بالنفط عاد الكساد الى تلك الأسواق انخفضت أسعار النفط عام 1983، واضطرت الشركة الى خفض المصاريف تم تكليف المهمة لي ، أولى المهام تخصيص قسم المواصلات وتحويلها الى القطاع الخاص ( outsources ) واقترحت تحويل مستشفى عوالي ( وهو ثالث مستشفى في البحرين انشأ عام 1937 وكان في السابق مقتصر العلاج لموظفي بابكو ) الى مستشفى خاص لكن مجلس الإدارة رفض وتم فتحه للعموم وزادت ايراداته .
في مايو 1998 تم تعييني نائب الرئيس التنفيذي لشركة بابكو وذلك لاول مرة يعين بحريني بهذا المنصب ، ووعد وزير النفط تسلم رئاسة الشركة قريبا ، ، وكانت بالمصادفة ان قررت الحكومة بعد عامين المشاركة بحصة 60% في عملية تزويد وقود الطائرات بالمشاركة مع شيفرون الامريكية بشركة ( بافكو) . لاسيما ان بابكو تفتخر بانها من الشركات القلائل التي تجمع جميع مراحل العمليات النفطية من الاستكشاف الى الإنتاج الى التكرير فالتسويق محليا وعالميا أي شركة نفط متكاملة.
وانا في دالاس لاجراء بعض المفاوضات ، صعقت بخبر وفاة والدي ، هذا الوالد الذي خدم البحرين كثيرا، فجهاز الامن الذي احتفل عام 2019 بمرور مئة عام عن تأسيسه ، واليد خدم نصف المدة تقريا حيث انضم الى الشرطة عام 1926 ( في عهد المغفور له الشيخ عيسى بن علي ال خليفة ) حتى تقاعده عام 1977.
بعد العسر يسر
عام 1986 انخفضت أسعار النفط مرة أخرى بعد قرار السعودية عدم الاهتمام لاسعارالنفط والاتجاه الى زيادة الإنتاج ، أدى ذلك الى تعاوت اسعارالنفط الى اقل من 10 دولار للبرميل ، فعاشت دول الخليج أيام صعبة من التقشف، وزادت حرب الخليج الأولى الأمور تعقيدا.
لكن لاح الفرج عندما تم الاتفاق مع المملكة العربية السعودية بان تحسب سعر النفط التي تضخه من السعودية الى مصنع التكرير والذي يبلغ 230 الف برميل في اليوم ، بمبلغ تفضيلي، حسب نظام " صافي سعر النفط" oil netback agreements ، حيث يكرر ويباع ومن ثم يدفع تكلفة النفط الخام بعدها ، وبهذا وصل سعر النفط 8 دولار للبرميل، استمرت العملية حتى مجيئ وزير النفط السعودي هشام ناظر خلفا الى احمد زكي يماني وأعاد التسعيرة مرة أخرى بسعر النفط العالمي حتى الان.
وعن اسم كالتكس Caltex يقول ميرزا ، بانه عندما تاسست شركة بابكو عام 1929، مملوكة من قبل شركة سوكال socal وهي اختصار standard oil of California ، وعندما تم العزم عام 1936 على انشاء مصفاة الشركة ، قامت شراكة بين شركتي سوكال وتكساكو ، Texaco ، ومن هنا اشتق اسم الشركة كالتكس Caltex ، وحسب الاتفاقات بين حكومة البحرين وشركة كالتكس في عام 1980 فان انعقاد مجلس الإدارة يجب ان يكون في البحرين الا في حالات استثنائية.
في مارس 1998 وبعد 15 عاما من الوعود ، دعاني الشيخ عيسى بن علي وزير النفط عهد لي نائب الرئيس التنفيذي للشركة كاول بحريني يتبؤا هذا المنصب ، وبعدها بشهرين ترأست الشركة حتى عام 2002 عندما تم تعييني وزير دولة ، خلال تلك الفترة عملت 14 مشروعا تحديثيا بالشركة اخر مشروع استكشاف الغاز العميق الذي يبدو اننا نعيش تباشيره الان.
طرائف ومواقف
في الثاني من أغسطس علمت بغزو العراق للكويت ، وكان علينا عمل حالة طوارئ للمصفاة ، ونحدثها باستمرار ولمدة ثمانية اشهر مدة الغزو وكانها دهر ، ووجه صدام صواريخه الى المصفاة التي تزود الحلفاء بالوقود.
في مسيرتي عندما كنت في بابكو عرض علي عدد من المناصب مثل رئيس تنفيذي لعدد من الشركات بينها جرامكو والبا واحدى الشركات الكبيرة ،،، ففضلت البقاء في بابكو.
في عام 2000 حضيت بمكرمة عضوية مجلس الشورى برئاسة إبراهيم حميدان ، ولكن من المهمات الصعبة هو دعوتي من قبل جلالة الملك لمرافقته لزيارة طهران ، وفي الطائرة استدعاني الملك واخطرني عن المشروع الإصلاحي الذي ينوي عمله ، وان من ضمن المشروع قرر ارجاع جميع البحرينيين المبعدين من البحرين ويمنحهم الجنسية البحرينية ومن ضمن هؤلاء عدد متواجد في ايران سلمني جلالته قائمة بأسماء البحرينيين المبعدين والمقيمين في ايران وكلفني بمراجعة الأسماء بعد عودتنا للبحرين للتاكد من استحقاقهم للجنسية البحرينية.
يقول ميرزا ، بقدر من سررت بالثقة الملكية السامية الا انني شعرت بعظم المسؤولية ودقتها تجاه ما تم تكليفي به م اعلى سلطة في البلاد.
بعد العودة ، كان لي لقاءات مع لجنة جمعية الميثاق الوطني ، راجعنا الأسماء المبعدين وقدم الى الديوان الملكي ، بعد شهر أرسلت طائرة خاصة من طيران الخليج وكنت على مثنها مع احمد حمزة لعودة المبعدين من طهران ، وقد القيت كلمة قلت فيها بان البحرين تغير نحو الأفضل والبحرين تحتاج الى كل أبنائها ، بعد أسبوع استقبل الملك العائدين.بعد هذه المهمة تم تكليفي بالوزارة ( وزير دولة ) ثم رئيس مجلس المناقصات .