بقلم : د. قاسم عمران - امريكا
في السنوات الأخيرة، من ضمن مجالات البحث العلمي حول مرض الفقر المنجلي برز عنصر الگلوتامين وهو عنصر مضاد للأكسدة كمادة للبحث والتقصي العلمي لهذا المرض.
بحسب فرضية البحث، فإن هؤلاء المرضى وبسبب سرعة تكسر خلاياهم الحمراء، يستهلكون كميات اكبر من عنصر الگلوتامين، وبالتالي تتسبب عملية تكسّر خلاياهم الحمراء السريعة في نضوب المخزون لديهم، وتبعا لذلك هناك حاجة لتعويض وإمداد خلاياهم بكميات اكبر من هذا العنصر ليعمل على بقاء خلاياهم لمدة أطول كي لا تتكسر عند تزاحمها في الشعيرات الدموية الدقيقة، وتتسبب في حدوث الآلام في عظامهم.
عنصر الگلوتامين المصنف ضمن المكملات الغذائية وانطلاقا من هذه الفرضية البحثية المذكورة أعلاه، قامت الشركة المنتجة بتعليم (اي جعلته ماركة تجارية) Branding هذا العنصر تحت مسمى إنداري Endari ومن ثم قامت بإجراء تجربة سريرية للحصول على حق التسويق له تحت هذه العلامة.
بحسب الدراسة السريرية لعنصر الگلوتامين Glutamine التي أجريت على ما يقرب من ١٦٠ مريضا، انه أدى إلى انخفاض متوسط تكرار نوبات الألم بنسبة 25% عند مرضى الفقر المنجلي، كما انخفض عندهم متوسط الدخول للمستشفيات بنسبة 33%.
كانت هذه الدراسة السريرية هي الأساس الذي اعتمدته إدارة الغذاء والدواء (FDA) الأمريكية للموافقة والسماح للشركة المنتجة بتسويق إنداري Endari في الولايات المتحدة سنة 2017.
ولكنّ وكالة الأدوية الأوروبية (EMA) في المقابل قدمت مراجعة سلبية لفعالية الدواء قللت من شأن هذه الدراسة في علاج فقر الدم المنجلي، وبالتالي لم يتم دراسة الطلب المقدم من الشركة المنتجة للترخيص في اوربا.
في البلد الأم، ومابعد الترخيص للدواء، فإن شركات التأمين الصحي الأمريكية مدفوعة بمبررات الكُلفة العالية لهذا الدواء، إضافة إلى تواضع فعاليته المفترضة، ولتوفره في الصيدليات دون تلك العلامة التجارية بسعر اقل بكثير، لم تستقبل ترخيص إنداري Endari إستقبالا حسن، حيث فرضت قيودا وإشتراطات تحد من صرفه للمرضى.
إضافة إلى ان عدم تحمس اختصاصي الدم المهتمين بعلاج فقر الدم المنجلي عنه كدواء مسيس او اساسي لعلاج فقر الدم المنجلي.
عنصر الگلوتامين Glutamine الذي تسوقه الشركة المنتجة تحت مسمى Endari هو متوفر لدى الصيدليات من دون حاجة لوصفة طبيب وبسعر زهيد مقارنة بالسعر الذي يباع به إنداري Endari والذي يفوقه بعشرات الأضعاف في موقف لا يمكن تفسيره إلا بجشع شركات الصيدلة وإنتاج الأدوية، وقد طرحته احدى الصيدليات في البحرين بسعر يفوق 500 دينار للعبوة الشهرية، بما يعني ان الكلفة السنوية للمريض ستفوق 6000 آلاف دينار، هي كلفة تتضاعف مع استمرار استخدام مريض الفقر المنجلي له.
