القائد السبسي لم تستطيع تعديل قانون الميراث بالبرلمان رغم تاريخ تونس لتحرير المرأة بقيادة الطاهر الحداد
كتب – محمد الغسرة
كشفت الكاتبة والروائية التونسية أميرة غنيم اهية مشاركة المرأة التونسية في ثورة الياسمين بشكل قوي وفعال على امل ليس فقط الحفاظ على مكاسبها التي اكتسبتها منذ الاستقلال بل كانت تطمع بمزيد من الإنجازات والقوانين التي تنصف المرأة.
وكشفت غنيم في محاضرة لها بملتقي مركز الشيخ إبراهيم بن محمد آل خليفة للثقافة والبحوث، كانت بعنوان " النساء والمواطنة... الحالة التونسية مع نماذج من المغرب الكبير"، دور المرأة التونسية في تعزيز مكاسبها رغم عدم قدرة حكومة السبسي تعديل قانون الإرث بالبرلمان بسبب معارضة التيار الديني.
وأضافت ، هنا سوف اروي قصة حدثت امام اعين جميع التونسيين ، في وسط احداث الربيع العربي ، وضعف أجهزة الدولة او تراخيها ، ونحن في الجامعة التونسية بتاريخ 7. مارس 2012 ، قام احد المتشددين الدينيين بصعوده على مبنى الكلية وانزل العلم التونسي ووضع بدله علم " داعش " الأسود المكتوب عليه لا اله الا الله محمد رسول الله ، وامام الناس واندهاشهم ، لا احد تحرك ، احتجاج لكنه سلبي .
واذا بمواطنة تونسية تصعد الى نفس المكان وتمنع المتشدد مواصلة عمله وترفع العلم الداعشي وتعيد العلم التونسي على ناصيته . هذا الحادث يؤجد شغلة مهمة وهي ان المرأة التونسية التي حصلت على مكاسب كبيرة لا تريد احد انتزاعها منها ، مثل فرض الحجاب او منع الخلط في المدارس او الجامعات وبالتالي حققت المواطنة الحقيقية للمرأة.
موضحا بان المرأة التونسية المتعلمة كانت سباقة الى العمل السياسي وتسعى الى الحصول على المواطنة الكاملة ، وقد ساهمت في الحراك السياسي في ثورة الياسمين بكل محطاته، بهدف تحقيق العدالة والحرية الإعلامية الغائبة حينها ، وتثبيت الدولة المدنية التي كانت قائمة والتي أعطت المرأة حقها في الغالب ، وما حدث عام 2014 عندما فشلت الدولة من خلال البرلمان التي يسيطر عليه التيار الديني من تمرير مساوات الجنسين في الإرث .
الناس في ثورتها تطالب من خلال الوعي الاجتماعي المشترك زيادة مسار الحريات والمساواة ، لاسيما ان تونس هي التي أصدرت اول وثيقة رسمية تلغي الرق في العالم عام 1846 .. ولكن تيار اخر قطع راس تمثال الطاهر الحداد وسط تونس ، ما يعكس استهداف مكاسب المرأة التونسية والتي حافظت عليها بقوة .
قصة أبو جعفر المنصور والقيروانية
في بداية حراكه السياسي ضد الأمويين هرب أبوجعفر المنصور إلى مدينة القيروان، وذلك بعد أن لاحقه جنود بني أمية؛ إذ نزل سراً عند رجل يُدعى منصور بن يزيد الحميري، كان قد أتى من اليمن منذ سنوات طويلة ليستقر في القيروان،
في أوائل العقد الثالث من القرن الثاني للهجرة، قصد أبوجعفر المنصور إفريقية لما بينه وبينها من رحم وأشجّة التماس النجاة من طلب بني أميّة له وحلّ ضيفاً عزيزاً على منصور بن يزيد الحميري أحد كبار التجار بمدينة القيروان".
وكان للحميري ابنة فائقة الذكاء والجمال تُدعى أروى، وهي الفتاة التي انبهر أبوجعفر بجمالها وطلب يدها من أبيها ليتزوجها، وافقت أروى على طلب الزواج، ولكنها وضعت شرطاً كان له أثر بعيد للغاية؛ شرطها كان ألا يتزوج عليها أبوجعفر المنصور أبداً، وألا يتخذ الجواري معها، وإلا فيمكنها في هذه الحالة أن يكون طلاقها بيدها على عادة أهل القيروان، وافق أبوجعفر على الشرط، ولكنه لم يكن يعلم أن حال الدنيا سينقلب رأساً على عقب، وسيصبح بعد عشر سنوات من الزواج خليفة في بلاط مليء بالجواري."
من هذه القصة تبين أهمية منع تعدد الزوجات وهم في القرن الثالث الهجري والذي تأصل في الدولة المدنية .
كتاب "امرأتنا في الشريعة والمجتمع" للطاهر الحداد
في مطلع الثلاثينات من القرن الماضي اصد الطاهر الحداد كتابه " "امرأتنا في الشريعة والمجتمع" ، داعيًا فيه إلى تحرير المرأة من أصفاد التقاليد البالية التي سجنتها قرونًا طويلة، بين مطرقة الجمود في فهم النصوص وسندان المجتمع، و من سيطرة القراءات الخاطئة لنصوص الشريعة وأحكام الدين.وقد نبه فيه إلى أن تيار التطور الحديث سيفرض نفسه، فمن الأفضل معالجة ملف المرأة في مجتمعاتنا، بدل الإعراض أو التغافل الذي لا يزيد الأمور إلا تفاقمًا.وفي هذا الكتاب رؤية في قراءة النص الديني تختلف عما كان سائدًا، سعى الحداد من خلالها إلى تأسيس خطاب إصلاحي، قوامه الفصل بين الثابت و المتحول، أو بين جوهر الاسلام (روح الشريعة) و بين ما هو عرضي يمكن أن يطاله قانون التدرج الذي لا يقف عند جيل أو قرن ، وضرب مثلا عن تحريم الرق ، وكيف فرض علينا ذلك ، ومن الضروري خلق المساواة بين الرجل والمرأة ، وتساوي الإرث وعدم تعدد الزوجات وعدم اجبار النساء على الزواج ، واجه الحداد الكثير من الانتقادات من رجال الدين والسلطة الحاكمة ( الاستعمارية حينها ) ، ومات بعد عدة سنوات فقيرا معدما ، فصل من عمله .
ثم جاء الرئيس بورقيبة بعد عقدين من الزمن ، أي عام 1956 بعد الاستقلال وشرع العديد من القوانين التي تخدم المرأة ، وبموافقة شيوخ الزيتونه انفسهم الذين كفروا الطاهر الحداد ، وتمت مراجعة في المنظومة الفقهية حينها .منها بدأ تعليم النساء والخلط في المدارس وعدم تعدد الزوجات ، وسار الرئيس بن علي على خطى بورقيبة ، وتم تمكين المرأة في الوظائف ونشأ الوضع الحقوقي للمرأة وحصولها مثل الرجل على التعليم والصحة والخدمات .
ثورة الياسمين
ثم جاءت الثورة ، التي كانت مطلب لزيادة الحريات وزيادة حقوق المرأة ولكن تم اصدار دستور 2014 بدون تساوي النساء والرجال في الإرث بعد تدخل البرلمان الذي يسيطر عليه التيار الديني .
كيف كانت بدايتك مع كتابة الرواية؟
- حدث الأمر بلا تخطيط مسبق، كالقضاء يقع ولا يستأذن. كنتُ قد شرعتُ في كتابة أطروحة الدكتوراه حينما تملكّني سأم قاتل، ورغبة لا تقاوم في سرد حكاية، لستُ أدري كيف التأمت أحداثها في ذهني، ولا متى. وإذا بي ذات مساء أدفع بظهر يدي، ليس دون شيء من الخجل وتأنيب الضمير، وثائق البحث الجامعيّ، وأفتح على الحاسوب ملفّاً جديداً؛ جعلت له على سبيل التعمية اسماً أكاديمياً، كمن يتستّر على فعلة نكراء.
وخلال أشهر قليلة، وبحماسٍ مازلت - إلى اليوم - أستغربه؛ ألفيتُ نفسي أروي قصّة غسّان الجوّادي، وهكذا نشأ مخطوط رواية «الملفّ الأصفر»، التي رصدت - في كتابة عفويّة - التحوّلات التي شهدها المجتمع التونسيّ بعد قيام الثورة، وآثارها. ثمّ تدخّلت الأقدار بعد خمس سنوات كاملة، ودونَ أملٍ حقيقيّ أرسلتُ المخطوط للمشاركة في جائزة «راشد بن حمد الشرقيّ للإبداع» بإمارة الفجيرة، ففاز بالمركز الثاني. والحقيقة أنّ ذلك الفوز كان نقلة نوعيّة في مساري ككاتبة؛ فهو الذي شجّعني على نشر رواية «نازلة دار الأكابر»، التي عرفت نجاحاً كبيراً في تونس حال صدورها.
وعن اللجؤ الى الادب والرواية لتفادي الانتقادات واللوم قالت ، ان الرواية هي للجميع ، كل الناس باختلاف مقاماتهم ، بينم المقال او البحث الاكاديمي للنخب ، ولا شك ان ما يستطيع الكاتب / المؤلف / الرواية قوله في الرواية اكثر حرية ، واني اكتب تلك الروايات للأجيال المقبلة وليس لجيلنا الحالي الذي على علم بما يحث .