بقلم : عبد النبي الشعلة
يحق لنا جميعًا في مملكتنا الغالية، وللمرأة البحرينية بشكل خاص، أن نشارك المجتمع الدولي بكل فخر واعتزاز في احتفاله اليوم بـ “اليوم العالمي للمرأة” الذي أقرته الأمم المتحدة ليكون مناسبة تتجذر وتتجدد فيها الإرادة والعزيمة على تمكين المرأة من ترسيخ مكانتها وتعزيز دورها في المجتمع، والاحتفاء بما حققته من إنجازات ومكتسبات على طريق ضمان مساواتها بالرجل في الحقوق والواجبات.
وانه لمن حسن الطالع أن يأتي احتفال العالم بهذه المناسبة بعد أيام من احتفال البحرين بذكرى إقرار ميثاق العمل الوطني؛ لنقف أمام واحد من أهم استحقاقاته وهو ما حققته المرأة البحرينية من مكتسبات، وتمكنها بجدارة من استكمال منظومة حقوقها بما في ذلك حقوقها السياسية التي أوصلتها إلى قيادة ورئاسة السلطة التشريعية في دورتها السابقة.
وبهذه المناسبة، وفي هذا اليوم، وفي كل يوم، فإن الواجب يفرض علينا أن نرفع إلى مقام مليكنا المعظم صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة حفظه الله ورعاه أسمى آيات الشكر والتقدير والامتنان على حرص جلالته وإصراره منذ توليه زمام الحكم في البلاد علي أن تكون قضايا المرأة في صلب وفي مقدمة شواغله واهتماماته وأهدافه، فتجلى هذا الأهتمام على رأس الأهداف والمهام التي تضمنها برنامجه الإصلاحي، وانعكس في صورة مبادئ وقيم والتزامات واضحة تضمنها ميثاق العمل الوطني، وتُرجم على الفور بالأوامر الملكية التي أدت إلى إنشاء المجلس الأعلى للمرأة برئاسة سيدة البحرين الأولى قرينة جلالته صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة حفظها الله.
وفور تشكيله باشر المجلس برئاسة سموها تنفيذ المهام والاختصاصات الموكلة إليه والتي تضمنت من بين مهام كثيرة أخرى: تفعيل المبادئ الواردة في ميثاق العمل الوطني ودستور مملكة البحرين فيما يتعلق بالمرأة، ووضع الآليات المناسبة لذلك بالتعاون مع الوزارات والمؤسسات الرسمية ومؤسسات المجتمع المدني، وتمكين المرأة من أداء دورها في الحياة العامة وإدماج جهودها في برامج التنمية الشاملة مع مراعاة عدم التمييز ضدها، ووضع مشروع خطة وطنية للنهوض بالمرأة وحل المشكلات التي تواجهها في كافة المجالات، و متابعة تطبيق القوانين واللوائح والقرارات والاتفاقيات الدولية ذات الصلة بالمرأة للتأكد من تنفيذها بما يحقق عدم التمييز ضد المرأة، ومتابعة تنفيذ البرامج التي جرى تبنيها في الخطط والبرامج الحكومية الخاصة بالمرأة؛ وغيرها من المهام.
وبفضل المتابعة الحثيثة لصاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة والجهود التي بذلها الأعضاء فقد نجح المجلس الأعلى للمرأة في تحقيق أهدافه بعد أن وضع لنفسه خارطة طريق محكمة وخطط عمل مبرمجة أدت إلى تحقيق نتائج ملموسة ومبهرة تجسدت في كل المواقع وعلى جميع المستويات، فصارت المرأة البحرينية متفوقة في تحصيلها الأكاديمي، وارتفعت بشكل ملحوظ ومطرد نسبة مشاركتها في سوق العمل، وتمكنت من الارتقاء بجدارة إلى الكثير من المراكز الإدارية والقيادية العليا في شركات ومؤسسات القطاعين العام والخاص، وزادت مشاركتها في الأنشطة الاجتماعية، وبرز حضورها في الجمعيات ومؤسسات المجتمع المدني، ورأيناها تقف بكل تفان وتضحية واخلاص في الصفوف الأمامية للتصدي لجائحة كورونا، وتوسعت رقعة تواجدها في الحراك السياسي في البلاد، وتضاعف مع مر الدورات أعداد المترشحات منهن للانتخابات البلدية والنيابية؛ إذ بلغ عددهن على سبيل المثال في هذه الدورة 74 مترشحة، وأخذت المرأة البحرينية تحوز بشكل متزايد على ثقة الناخبين، ويبلغ الآن على سبيل المثال أيضًا عدد أعضاء السلطة التشريعية من النساء في البحرين 18 عضوًا تشمل نائبي رئيس مجلسي الشورى والنواب، وصعدت المرأة البحرينية إلى مواقع السفراء على فترات مختلفة في عدد من أسخن وأهم عواصم العالم مثل لندن وبيجين وبروكسل وواشنطن والقاهرة، وزاد عدد الوكيلات والمديرات في مختلف وزارات ومؤسسات الدولة، وكان تعيين أربع سيدات في مجلس الوزراء مؤخرًا أبرز صورة لما وصلت اليه المرأة البحرينية من مكانة وما حققته من إنجازات.
مع ذلك فإن طموحاتنا، قيادة وشعبًا، لا تزال أعلى وأرفع مما تم تحقيقه، إن هذا الطموح نابع من ثقتنا في المرأة البحرينية وقدراتها وكفاءاتها وما تتمتع به من طاقات وامكانيات.
وقد بدأت الأمم المتحدة بالاحتفال باليوم العالمي للمرأة في عام 1975 والذي أطلق عليه اسم “السنة الدولية للمرأة”، وفي العام 1977 دعت الجمعية العامة للأمم المتحدة الدول الأعضاء إلى إعلان الثامن من مارس من كل عام يومًا عالميًا للمرأة يتم فيه تسليط الضوء في كل عام على موضوع أو قضية معينة من القضايا المتعلقة بحقوق المرأة. ويتم إطلاق شعار يتناسب مع الموضوع أو القضية التي سيتم تسليط الضوء عليها، وقد كان شعار العام الماضي “النساء ودورهن القيادي.. تحقيق مستقبل متساوٍ في عالم كوفيد - 19 “ في انسجام مع ما كان يمر به العالم بعد جائحة كورونا وتقديرًا للدور الفعال الذي لعبته المرأة في التصدي للجائحة.
ويحتفل العالم هذا العام بيوم المرأة تحت شعار “الابتكار والتكنولوجيا من أجل المساواة بين الرجل والمرأة”، الذي يهدف إلى التعرف على حجم مساهمة المرأة في التكنولوجيا والتعليم عبر الانترنت، وتسليط الضوء على الفجوة الرقمية القائمة بين الرجل والمرأة وكيفية ردمها؛ إذ تقدر الأمم المتحدة أن عدم تمكن النساء من الوصول إلى عالم الإنترنت بسهولة سيؤدي إلى خسارة 1.5 تريليون دولار في الناتج المحلي الإجمالي لذوي الدخل المنخفض والمتوسط بحلول عام 2025 إذا لم يتم اتخاذ الإجراءات اللازمة.
إننا على إدراك تام بأن المرأة هي نصف المجتمع؛ ولعلها تكون النصف الأهم، وهي حاضنة ومربية وراعية الأجيال، وستبقى معقد أملنا، ومحط ثقتنا، والثروة الغالية التي نفخر بها، والأساس الأصلب لبناء مستقبلنا، ولذا فإن هدفنا يجب أن يبقى الاستمرار في تحفيز واستنهاض دورها والارتقاء بمكانتها، وكل عام والمرأة البحرينية بألف خير.