نظمت جمعية نهضة فتاة البحرين ومركز عائشة يتيم للارشاد الاسري ، حلقة حوارية بمناسبة اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة بمقر الجمعية صباح اليوم الثلاثاء .
وقدمت الاستاذة ايمان جابر / جامعة البحرين ، ورقة بعنوان " تقبل المرأة للعنف الزواجي وعلاقته ببعض الخصائص الشخصية والاجتماعية لدى عينة من الزوجات المعنفات" وهو بحث مقدم لاستكمال متطلبات الحصول على درجة الماجستير في الارشاد الاسري ، ولاهمية البحث ننشرها بالكامل :
العنف ضد المرأة وبالأخص ضد الزوجة أصبح قضيةً عالميةً، وهي ليست مقتصرةً على زمان دون آخر، أو مكان دون آخر، أو مجتمع دون آخر، بل ظاهرة لها أبعاد تاريخية وحضارية مرتبطة بوجود الإنسان وعلاقة الرجل بالمرأة، وهي أيضًا تُعد قضيةً ومشكلةً ذات أبعاد اجتماعية، ونفسية، وصحية، واقتصادية.
فقد أشارت الكثير من والأبحاث والدراسات إلى حجم هذه الظاهرة وما تعانيه الكثير من النساء في العالم، سواء العالم الغربي أو العربي، وأن ما بين 40-60% من جرائم قتل النساء في العالم من قبل الشريك، وأثبتت نتائج دراسة منظمة الصحة العالمية التي صدرت في نوفمبر 2005 أن أكثر العنف شيوعًا ضد المرأة من قبل الشريك
وفي الدول العربية، تظهر جميع الدراسات المتعلقة بظاهرة العنف الأسري في المجتمع أن الزوجة هي الضحية الأولى، وأن الزوج هو المعتدي الأول،
ومن هنا عُدّ العنف ضد المرأة رمزًا دوليًا يواجه النساء بشكل يومي وفي جميع مجالات الحياة اليومية، وأصبح حقيقةً من حقائق هذا العصر وظاهرةً عالميةً، وكذلك عدّته منظمة الصحة العالمية وباءً عالميًا يجب التصدي له؛ لما له من عواقب وخيمة وتداعيات خطيرة لا تنعكس على المرأة فحسب، بل تمتد جذوره لتشمل البناء الاجتماعي والأسري، خاصة على نمو الأطفال النفسي والاجتماعي وتماسك الأسرة التي تُعد اللبنة الأولى والأساس في بناء المجتمعات، وقد شهد العقد الأخير اهتمامًا مكثفًا بقضية العنف بما لم يشهده المجتمع الدولي من قبل.
فقد عرفت الجمعية العامة للأمم المتحدة في إعلانها العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة الصادر 1993م أنه "أي اعتداء ضد المرأة على أساس الجنس، والذي يتسبّب بإحداث إيذاء وألم جسدي أو نفسي، ويشمل أيضًا التهديد بهذا الاعتداء والضغط أو الحرمان التعسفي للحريات، سواء في إطار الحياة العامة أو الخاصة" (جمعية الأمم المتحدة، 2021).
وعلى رغم ما وصلت إليه المجتمعات في وقتنا الحالي من تطوّر وانفتاح على المعلومات والمعرفة والوعي بالحقوق والواجبات لكل فرد في المجتمع، و ما شهدته الكثيرمن الدول في السنوات الأخيرة من جهود في سنّ التشريعات والقوانين التي تتعلق بشؤون المرأة وأحوالها الشخصية وحقوقها وحرياتها من أجل حمايتها ورفع الظلم عنها، إلا أنه لا تزال هناك فئة كبيرة من المجتمع تمارس العنف ضد المرأة، خاصة الزوجة، بشتى أنواعه،، ومقابل ذلك نجد قبولًا وخضوعًا واستسلامًا من جانب المرأة لهذا العنف الواقع عليها، فهناك ظروف معينة تشجّع على العنف ضد المرأة والزوجة بالخصوص، سواء هذه الظروف كانت متعلقة بالمعنِّف أو المعنَّفة، ومنها عوامل الشخصية والاجتماعية، أو الاقتصادية، وغيرها.
اهداف البحث
1- تهدف الدراسة إلى التعرّف إلى مدى انشار العنف الزواجي بين الزوجات المتقبلات للعنف الزواجي.
2- التعرّف إلى الخصائص الشخصية والاجتماعية والاقتصادية للزوجة المتقبلة للعنف.
3- التعرّف إلى الفروق بين المتقبلات للعنف الزواجي وغير المتقبلات في الخصائص الشخصية والاجتماعية والاقتصادية.
4- التعرّف إلى العلاقة بين بعض الخصائص الشخصية والاجتماعية والاقتصادية المرتبطة بتقبل المرأة للعنف الزواجي.
النظريات المفسرة للعنف
نظرًا لأهمية معالجة ظاهرة العنف الأسري بشكل عام، وضد المرأة بشكل خاص، فقد حاول الكثير من العلماء والباحثين تفسير ظاهرة العنف من عدة جوانب؛ منها البيولوجية والنفسية والاجتماعية، لفهم وتفسير هذه المشكلة والعوامل المرتبطة بها، بشكل يساعد على التنبؤ السابق للسلوك. وفيما يلي سوف نتناول أهم النظريات التي تفسّر ظاهرة العنف ضد المرأة.
النظرية البيولوجية إذا يفسر العنف من وجهة نظر هم بأنه يكون نتيجةً لوجود خلل في الأداء الوظيفي للمخ، أو الجهاز العصبي، أو ضرر وراثي، أو عدم التوازن الكيمائي الحيوي، فكل هذه تكون مسبّبات تدفع الإنسان إلى العنف.
أما النظرية التحليلية (فرويد) فتذهب في تفسيرها للعنف إلى أن الدوافع لدى الفرد تنبع من طاقة بيولوجية عامة، وتنقسم إلى دوافع الحياة (غريزة البقاء) ودوافع العدوان (غريزة الموت)، وأن غرائز العدوان عند الإنسان فطرية، خاصةً عند الذكر، وليست مكتسبةً، وأن غريزة الموت إذا لم تجد لها طريقًا مقبولةً للتعبير عن نفسها فإنها ستتحوّل إلى العدوان.
بينما ركزت النظرية السلوكية على أن التعزيز والتشجيع للسلوك العدواني في مرحلة الطفولة المبكرة يؤدي إلى تكرار السلوك العدواني، ومع الزمن يحمل موروثًا قيميًا بأن العنف أمر إيجابي.
وتذهب نظرية التعليم الاجتماعي إلى أن سلوك الإنسان متعلم، ويتم تعلمه من خلال الملاحظة والقدوة، وأن الأسرة تشكل المصدر الأول للفرد في تعلم سلوك العنف، والأطفال الذين ينشئون في أسرة يُمارَس فيها العنف، خاصةً من قبل الآباء، فإنهم بذلك يتزوّدون - أي الأبناء - بنموذج عدواني يقلدونه ويتخذونه أسلوب حياة.
وأشارت نظرية الإحباط إلى أن السلوك العدواني مرتبط بالإحباط، أي أنه ينتج عن الإحباط والحرمان، وأن هذا الارتباط بمنزلة مثير للسلوك العدواني، فالزوج غير القادر على مواجهة أعباء الحياة والأسرة، أو يتعرض لضغوط في العمل، يعبّر عن ذلك بالقلق والإحباط الذي يدفعه إلى السلوك العدواني للتنفيس عن إحباطاته.
أما أصحاب النظرية المعرفية فقد ركزوا على طريقة التفكير التي يحلل ويفسّر بها الأفراد العدوانيون الأحداث والمعلومات، ومعالجتها، إذ يرى أصحاب هذه النظرية أن ردود أفعال الأفراد تعتمد على كيفية تحليل وتفسير المواقف نفسها.
ونظرية ثقافة العنف أكدت أن سلوك العنف نتيجة مباشرة لتبنّي المجتمع قيمًا واتجاهات ثقافيةً خاصةً بالعنف، إذ الثقافة تمنح الرجل الحق في استخدام القوة ضد المرأة وتجد له المبرّرات.
من هنا، نجد أن جميع النظريات التي تناولناها تكمل بعضها بعضًا في تفسير العنف، إذ لا يمكن أن نعتمد على نظرية دون أخرى في تفسير سلوك العنف لدى الأفراد بشكل قاطع، بل يجب أن ننظر بشكل مجمل إلى جميع العوامل، وعندما يتم التعامل مع موضوع العنف يجب أن نتناول جميع النواحي دون إغفال أي منها، النواحي النفسية والتحليلية والبيولوجية، بالإضافة إلى النواحي الاجتماعية، والسلوكية، والمعرفية، والثقافية.
اهم نتائج الدراسة
، وأهم النتائج التي توصّلت إليها الدراسة الحالية هي تعرّض الزوجات للعنف اللفظي والاجتماعي بدرجة أكبر من العنف الجسدي والاقتصادي والجنسي، وان تقبل الزوجات للعنف الجنسي والاجتماعي بدرجة أكبر من العنف الاقتصادي واللفظي والجسد، وكما اثبتت الدراسة وجود علاقة ارتباطية موجبة بين تقبل الزوجة للعنف والعنف ضدها، أي كلما ارتفع مستوى تقبل الزوجة للعنف الزواجي كلما زاد العنف الموجّه ضدها من قبل الزوج، كما وأظهرت نتائج الدراسة انه توجد فروق دالة إحصائيًا بين الزوجات المتقبلات للعنف الزواجي وغير المتقبلات في بعض الخصائص الشخصية والاجتماعية والاقتصادية، تمثلت في عمر الزوجة الأقل من (25) سنة، والوضع الاقتصادي الضعيف لأسرة الزوجة السابقة (أهل الزوجة)، والوضع الاقتصادي الضعيف للأسرة الحالية، فتقبل العنف الزواجي تركّز في هذه الفئات مقارنة ببقية الفئات الأخرى، وانه لا توجد فروق دالة إحصائيًا بين الزوجات المتقبلات للعنف وغير المتقبلات في بعض الخصائص الشخصية والاجتماعية والاقتصادية، تمثلت في عدد سنوات الزواج، المستوى التعليمي، الحالة الوظيفة، عدد الابناء، نوع السكن، دخل الزوجة، كما أوضحت نتائج الدراسة انه توجد علاقة ذات دلالة إحصائية بين تقبل الزوجة للعنف تُعزى إلى متغير العمر، والمستوى الاقتصادي لأسرة الزوجة السابقة، والمستوى الاقتصادي للأسرة الحالية، أي أن الزوجات الأقل من (25) سنةً، وذوات المستوى الاقتصادي المنخفض، سواء في الأسرة السابقة للزوجة أو الأسرة الحالية أكثر تقبلًا للعنف، وانه لا توجد علاقة ذات دلالة إحصائية بين تقبل الزوجة للعنف تُعزى إلى بقية متغيرات تمثلت في عدد سنوات الزواج، المستوى التعليمي، الحالة الوظيفة، عدد الابناء، نوع السكن، دخل الزوجة.
بالنظر إلى نتائج الدراسة الميدانية التي تم استعراضها في الفصول السابقة، وبالاستناد إلى نتائج اختبار فرضيات هذا البحث الرئيسة، فإنّ أبرز التوصيات تم استخلاصها بالنسبة إلى المعنيين بموضوع العنف ضد المرأة، من المؤسسات الحكومية والمجتمعية، وكذلك بالنسبة إلى الباحثين المستقبليين.
أولًا: التوصيات للمؤسسات الحكومية والمجتمعية ذات العلاقة بموضوع العنف ضد المرأة:
• توصي هذه الدراسة بأهمية اطلاع المؤسسات الحكومية والمجتمعية ذات العلاقة بموضوع العنف ضد المرأة على نتائج الدراسة، خصوصًا ما يتعلق بالعلاقة الارتباطية بين مقياس تقبل العنف الزواجي ومقياس العنف الزواجي، وأخذ هذه النتائج في الاعتبار في صورة الاستراتيجيات والخطط والمشاريع والبرامج والتدخلات للحد من العنف الزواجي في المملكة.
• توصي هذه الدراسة باتخاذ إجراءات تعمل على تقليل العنف اللفظي والعنف الاجتماعي بدرجة أولى، وكذلك تقليل العنف الجسدي والجنسي والاقتصادي بدرجة ثانية.
• توصي هذه الدراسة باتخاذ إجراءات تعمل على تقليل تقبل العنف الجنسي والاقتصادي والاجتماعي بدرجة أولى، وكذلك تقليل تقبل العنف اللفظي والجسدي بدرجة ثانية.
ثانيًا: التوصيات للباحثين المستقبليين:
• توصي هذه الدراسة الباحثين المستقبليين بالبحث والدراسة في متغيرات إضافية لها علاقة بالعنف الزواجي وتقبل العنف الزواجي، من قبيل مستوى التديّن، ومستوى الثقافة، ومستوى الالتزام بالقانون، والمنطقة السكنية (المدينة أو المنطقة).
• توصي هذه الدراسة بتصميم برنامج وتدخل يهدف إلى التقليل من مستوى العنف الزواجي وتقبل العنف الزواجي، وقياس أثر هذا البرنامج بصورة منهجية وفق تصميم قياس الأثر قبل وبعد تطبيق البرنامج على عيّنة ضابطة وأخرى تجريبية.
• توصي هذه الدراسة بإجراء بحث مشابه في مناطق المملكة الأخرى.