لم يكبر الرفاق القادة والكوار بقدر السنوات والشهور، ولم يمرضوا بقدر السنوات والدهور كانوا كبارا بنضالاتهم ومعتصمين بقوة العزيمة وثبات الشكيمة وبقوة دفع النضال القومي الوطني الديمقراطي والتقدمي الاممي، كانوا جمرة وشعلة وعطاء الوهج السياسي.
في يوم الجمعة 16 سبتمبر 2022 غادرنا بهدوء وسكينة قامة نضالية فريدة ومهنية صناعية عتيدة، اكمل دراسته في مدرسة الصناعة والتحق ببابكو، حيث تم ابتعاثه للمملكة المتحدة انهي فيها دبلوم التخطيط الصناعي بعد عام ونصف العام، ولعلني قليل التواصل معه ، هي لقاءات محدودة وعابرة لكن حبل ودها واندغام مشاعرها كبيرا، كيف لا، وهو وليد البيئة والمنطقة ومسيرة النضال التي ترعرعت فيها انا ، شريط ثري ومكتنز بفوران وعنفوان نضالات الرعيل الأول في الفكر الوطني التقدمي ، شريط القضيبية – الحورة – راس رمان - الفاضل .. يموج منذ مطلع الخمسينات بتأجج الشعور الوطني ضد الاستعمار ونضالات الاستقلال الوطني وتباشير الأفكار القومية والديمقراطية والتقدمية الأممية كانت بحرين الخمسينات على تماهي عصر عبد الناصر والنهوض القومي والمد اليساري، هيئة الاتحاد الوطني – خطيب الكويت والطليعة المبكرة وحكومة مصدق الوطنية في ايران .
شكل انقلاب الجنرال زاهدي ضد حكومة مصدق الوطنية وعودة الشاه ردة فعل مجنونة لجهاز السافاك ضد الجبهة الوطنية وحزب توده فكان الفرار الكثيف للكثيرين من المعارضين وحزب توده عبر الاهوار في البصرة وعبر الامارات والبحرين ، في هذه المرحلة تفتحت آفاق المرحوم المناضل إبراهيم ديتو الفكرية عبر اختلاطه سواء في المدارس ( مدرسة العجم - الاستاذ محمد كريمي ) او بابكو او قرطاسية المؤيد وعبر المناضلين حسن نظام وعلي مدان ومحمد حسن جناحي وحسين نجادي وفق رؤيا لتحرر وطني وخلق تنظيم يساري ( شيوعي) القت عناصر توده بظلالها عليه في 15 فبريرا 1955 بطابعها الاممي لكن وجود الكثير .
من المؤسسين وفي مقدمتهم الرفيق المناضل احمد الذوادي الأمين العام اضفى خصوصية وطنية وحضورا في القضايا القومية – وعلى خط موازي كان طموح المرحوم إبراهيم التعليمي بارزا بعد دبلوم التخطيط الصناعي industrial planning
اضفت مهارته في الرسم وفن الرسم الهندسي والتصوير مع صديق عمره خليفة شاهين موهبة لامعة ساعدته طوال حياته العملية – مناضلا من الرعيل الأول عبر السجون في اعتقالات 1961( مع يوسف العجاجي والدكتور يعقوب جناحي ومحمد حسن جناحي ) -1965-1966 وبعد ذلك في ضربة الجبهة التنظيمية العنيفة 1968 ومحاكمته وابعاده للكويت، كويت الخطيب والطليعة ،كويت الملجأ القومي واحتضنته كما احتضنت مبكرا في مطلع الستينات الأستاذ حسن الجشي وجاسم مراد وعلي سيار وراشد القوتي ومال الله الانصاري واحمد الشملان وعلي صالح في الطليعة والمحامي محمد السيد في اتحاد العمال 1972-1973 وعبد النبي العرادي وسلمان زيمان في الثمانينات .. الخ
كانت الكويت للمرحوم المناضل ابراهيم ديتو أبا محمد محطة عمر في أوساط الحركة الوطنية التقدمية وتخصصه المطلوب والمرغوب في سوق العمل فكانت الفرص متاحة تباعا في شركات النفط وفي معامل الجيولوجيا – بكلية العلوم جامعة الكويت .. ملتزما بافكاره التقدمية متميزا بعلاقاته النضالية وفق رؤيا سياسية واضحة.
رزينة باناقة وابتسامة وثقافة الحضور وهدؤ الرؤيا .
تم رفض عودته للبحرين مرارا ، في مطلع التسعينات كان على وشك الالتحاق بشركة بابكو وفق محاولات مع وزير النفط والصناعة الأستاذ يوسف الشيرواي عبر محاولات حثيثة قامت بها زوجتي المرحومة وداد المسقطي المديرة في الوزارة ، مع مساعي اخرين ، لكن خلفيات احداث وحل نادي الفجر في الحورة بنهاية الخمسينات القت بظلالها خاصة وان الوزير – الجسر – كان مايسترو حل النادي والمواجهة وفق الادعاءات مع الشيوعيين( خالد الذوادي واخيه احمد الذوادي ) !!!.
استقر به الحال في البحرين مطلع 2006 – متواصلا مواصلا موقفه النضالي ورؤياه التقدمية، شكلت وفاة شقيقه الدكتور جاسم ديتو ( تخرج من موسكو وتخصص في طلب العائلة ) وتوأمه الفكري والنفسي في 2013 وقفة تأملية وفق عبارة نحزن وفكرنا يتقدم،
كان المرحوم رجل عائلة بامتياز خلق من أولاده نماذج جميلة فتميزوا بعلاقاتهم الانسانية وربما اصبح فكرهم وتواصلهم اكبر من عمرهم – دائم الابتسامة كتب ابنه محمد خاطرة قديما ربما في 2008 عنوانها كل العمر سفر نحو الابتسامة – وهذا الشبل من ذاك الأسد فكان عنوان المقال مستوحى من خاطرة محمد .
رحم الله المناضل إبراهيم ديتو أبا محمد، وسيظل اسمه خالد في ذاكرة الوطن، ذاكرة السجون والمنافي ذاكرة الفن الصناعي المهني ذاكرة النضال وذاكرة الاحباب والاطياب والرفاق، نعزي الجميع ونعزي رفيقة دربه ام محمد وأولاده محمد وفهد ومنى، وهدى وندى .
انزل الله السكينة والصبر والطمأنينة على قلوبهم ، وفي وفادة رب كريم رحيم وفي اعلى عليين ومنزلة الصابرين .