بُعيْد تأسيسها تحولت هرمز الجديدة من موقعها الأساس في جزيرة (جيرون) إلى مملكة ذات روح استعمارية
مقدمة تمهيدية عن مملكة هُرمز:
هُرمز العربية: وفقا لما ذكره (توران شاه) أحد ملوك هُرمز، فإنه في عام493هـ (1100م) تقريبًا، كان لهُرمز القديمة سلالة خاصة من الحكام العرب. وقد دون هذا الملك عملًا تاريخيًا أطلق عليه الشهنامة (شاه نامه) أي (تاريخ الملك أو الملوك). وقال إنه بدأه مع قصة آدم عليه السلام وبداية العالم. إلا أن هذا العمل للأسف مفقود حاليًا، وليس لدينا معلومات عنه. ولا يوجد إلا مجرد ملخص له ذكره لنا المؤرخ البرتغالي (بيدرو تيشيرا) في كتابه الموسوم بـ "أسفار بيدرو تيشيرا"، مع ترجمة إنجليزية له.
وقال الدكتور محمد حميد السلمان في محاضرة له بعنون " مملكة هُرمز العربية.. حكاية لم تنتهِ " بحسينية الغدير الثلثاء الماضي ، بان أول حاكم يُعتبر مؤسس السلالة العربية لهُرمز، هو محمد درهم- كو أو كوب (Muhammad Dirhem-Ku, Kub)، وهو على الأرجح من اليمن أو عُمان، حيث جاء معظم حكام ووزراء هُرمز في وقت لاحق، وبالذات من ميناء ومدينة قلهات. وهذا يؤكد بأن أهل عُمان يُشكلون أكبر عدد من سكان المملكة.
ومنذ العام 1228م. الساحل العُماني بموانئه التجارية بين صُحار، ومسقط، وقريات، وقلهات، كان خاضعاً بشكل ما لسلاطين هُرمز التي كانت على البر الشرقي للخليج عند مصب نهر "ميناب".
وفي مطلع القرن الرابع عشر، بُعيْد تأسيسها، تحولت هرمز الجديدة من موقعها الأساس في جزيرة (جيرون)، إلى مملكة ذات روح استعمارية، تهدف إلى فرض سيطرتها على تجارة الخليج عبر التحكم جغرافياً بالموانئ الحيوية عنوة. ففي عهد الشاه قطب الدين تهمتن الثاني (1318 – 1346) دخلت هرمز في حرب ضد جزيرتي قيس والبحرين، كان قد أشعل شرارتها التنافس التجاري والملكية المتنازع عليها في مصائد اللؤلؤ المحلي وينابيع الماء العذب. وقد استولى شاه هرمز على القطيف وجزيرة ﮔرج، وديراب (وهي جزيرة قريبة من شط العرب)، وأجبر كلا من السواحل الفارسية والسواحل العربية على دفع اتاوة سنوية لخزينة هرمز. وتدريجياً توسعت هرمز إلى ما وراء منطقة الخليج. ففي النصف الأول من القرن الرابع عشر كانت كلا من مدن: قُرَيات، خورفكان، شبعا (شبا)، كلبا، وصحار تحت سيطرة هرمز. ويبدو أن ملك أو شاه هرمز في مطلع القرن الخامس عشر قد مارس سلطته غرباً حتى حدود جزيرة خرج على الساحل الشرقي شمالاً وشرقاً حتى مكران، وجنوباً حتى رأس الحَد في جنوب عُمان وخضعت لحكمه ولاية مسقط، وعدة مواني على ساحل عُمان من بينها قلهات، طيبي، كلبا، خور فكان، دبِا، ليما، صحار، ومدن أخرى ذكرها ابن بطوطة.
وسكان جزيرة هُرمز كان بين 30,000 -40,000 نسمة فقط، معظمهم تُجار.
جذبت هجزيرة ُرمز مجموعة عالمية كبيرة من التجار من السواحل الشرقية والغربية للمحيط الهندي ، هُرمز نشأت كتكوين مدني طارئ على الجزيرةِ بدون أي عمق تاريخي وحضاري حقيقي، أَو هوية ثقافية تميّزها عن غيرها.لكن من أغرب ما يسجله التاريخ لجزيرة هُرمز الصغيرة القاحلة؛ أنها كانت مملكة وسيطرت على الخليج لأكثر من 200 سنة تقريبًا قبل وصول البرتغاليين في بداية القرن السادس عشر.
وبحلول نهاية القرن الرابع عشر، سيطرت هرمز على سواحل الخليج تقريباً بضفتيه العربية والفارسية؛ حيث لم يتمكن جيرانها من تهديدها عبر البحر، وذلك لكونهم يفتقرون إلى الأساطيل اللازمة لذلك في مياه الخليج وبحر العرب. ولكن، لا يعني هذا بالضرورة أن هرمز كانت قوة ذات أساطيل بحرية عظيمة؛ بل كانت المملكة على العكس ضعيفة في هذا الشأن. وإذا كانت تلك القوة التي امتلكتها بحكم ثرائها التجاري كافية لبسط سيطرتها محلياً، غير أنها بكل تأكيد لم تكن تعني شيئاً في الصمود أمام الأساطيل البحرية الحديثة للبرتغاليين في بداية القرن السادس عشر للميلاد. إلا أن أمن المدينة ورخاؤها كان يتمثل في موقعها الجغرافي الطبيعي عند مدخل المضيق المسمي باسمها.
ونظام الوكيل التجاري الرئيسي ذي السلطة السياسية العريضة نيابة عن الملك؛ هو النظام الإداري السائد في مملكة هُرمز. وقد قوي هذا النظام في عهد الملك أو (سلغور شاه)، مع نهاية القرن 15م. ومطلع 16م. وشهد نمواً لافتاً للمواني العربية على ضفاف الخليج الغربية. اتضح هذا النظام بشكل أكثر في: جلفار، وصحار، وخورفكان، ومسقط، وقلهات، وقريات، وصور، وغيرها، من مواني ومدن المملكة الرئيسية في الساحل العربي، التي تُعدُّ المورد الأساس لثراء المملكة وليس ساحل أو تجارة الساحل الشرقي للخليج.
سيطرة هُرمز على المواني العربية ودورها في المملكة:
• تحتل عُمان نحو ثلث الخط الساحلي لجنوب شبه الجزيرة العربية، وتسيطر على مدخل الخليج مناصفة بينها وبين جزيرة هُرمز. اعتبر (صبح الأعشى) بأن عُمان "مرسي السفن من الصين، والهند، وبلاد الزنج".
• بين كتلة داخل عُمان، وكتلة الساحل، تتكرر ظاهرة سيطرة الأجانب على الساحل المفتوح على المياه الدولية، والداخل للقوى العربية.
• موانئ عُمان الدعامة الأساسية في كيان مملكة هُرمز الاقتصادي، والسياسي، والجغرافي على امتداد الضفة العربية للخليج طوال 300عام.
• مراكز تجارية، وموانئ، وجزر رئيسة في الخليج مُمعظمها عربية: جزر البحرين، وقيس، وقشم، و"نابند"، وميناء "لنگه"، و"گمبرون"، وشيخ شعيب، و"جارك"، و"كنـﮔون"، بالإضافة إلى "موگستان"، والمنطقة الواقعة في الساحل الشرقي للخليج إلى الشرق من مضيق هُرمز.
كانت جلفار، كمثل، واحدة من أهم مناطق السيطرة الهرمزية في الساحل العربي وهي تقف عند مدخل الخليج. ولذا فقد كانت أي حركة تمرد من قبل القبائل العربية في المدينة تعتبر تهديد ضد هرمز نفسها لقرب جلفار منها جغرافياً. وهذا ما استغله حاكم مقاطعة " لار " العدو الأول لهرمز التي تنافسه في تجارة الهند الخليجية. الذي بقي يترقب الفرصة لضم هرمز لمملكة لار تحت حكمه إذ أن المملكتين تتكاملان اقتصادياً وتعتمدان في معيشتهما على تجارة الهند. لذا أرسل أحد رجاله المخلصين من رؤساء القوافل التجارية البرية - كما يذكر أوبين الفرنسي- ويدعي أبا بكر لاري، لمساندة تمرد قبائل جلفار العربية بين عامي 1498 -1499، والذي أمده الجلفاريون بحوالي60 سفينة ملئوها بالمحاربين لدعم هجومه ضد جزيرة "جيرون" أو هرمز. ولكن هذا الهجوم مُني بهزيمة ساحقة على يد أحد عبيد الملك سلغور وهو خواجه عطار (أو عطا الله وهو الأصح). الذي كان برفقته ستون محارباً هرمزياً فقط، إلا أنه استطاع مفاجئة المهاجمين عند ميناء جيرون وقضي على هجومهم وقتل قائدهم أبا بكر لاري. ولهذا قامت السلطات الهرمزية منذ عهد سلغور شاه ببناء مجموعة جدران وقلاع حصينة بين موانئ جلفار وصحار والبحرين وبين حدودها البرية حماية لها من هجمات القبائل العربية في الداخل، أو كما كان يطلق عليه آنذاك هجمات "البدو". وعُين في تلك الموانئ وكلاء تجاريين وسياسيين يدينون بالولاء التام لمملكة هرمز والملك شخصياً.
• هناك وثيقة ايطالية تذكر: العُمانيون الذين كانوا في جلفار، رغم وجود سلطة هُرمز، قاموا بالتجارة عن طريق جزيرة قيس ثم "شيراز" وإلى "تبريز" ومن ثم العكس إلى جلفار.
أكتملت هُرمز عناصرها كمملكة ضاربة الجذور في منطقة الخليج العربي وساحل عُمان وخصوصاً بعد التعديلات السياسية والاقتصادية التي أضافها لها آخر الحكام الأقوياء فيها قبل وصول البرتغاليين إلى الخليج، وهو سلغور شاه. وكانت مملكة هرمز التي أضحت "إمبراطورية" بمفهوم ذاك الزمان؛ تعتمد إلى حد كبير في اقتصادها على السلع المتبادلة بين الهند والخليج العربي، باعتبارها تقع في قلب الشبكة التجارية الضخمة في المشرق الإسلامي. وكانت تلك التجارة البينية لتلك الشبكة، بين المنطقتين الجغرافيتين، تعتمد أساساً على الرياح الموسمية وخصوصاً بين شهري أبريل وديسمبر، فهي التي تحدد مستوي الربح والخسارة وارتفاع وهبوط الأسعار في تلك الشبكة البحرية.
إلا أنها شهدت بداية القرن الخامس عشر للميلاد أولي طوالع النحس، إذ بدأ الضعف يتسرب إليها من الداخل بسبب النزاعات فيما بين أفراد العائلة المالكة، وتم تهديدها من الخارج بسبب مخاوف من هجوم القبائل من الساحل الشرقي للخليج القريب من جزيرة هرمز. ولسوء حظ المملكة أيضاً أن الحرب الدامية التي اندلعت فيما بين المنشقين من العائلة الهرمزية دمرت وقار الدولة الملكية. وقد شجع هذا النزاع القبائل العربية على طول شواطئ شبه الجزيرة العربية للتحرك ضد هرمز لنيل حريتهم واستقلالهم. وإلى جانب هذا، جاءت الصراعات العائلية بـ "سيف الدين أبو نادر أو نذر" إلى العرش، وهو ذي الأحد عشر ربيعاً، بتأييد من الوزير القوي في المملكة خواجة (عطا الله).
حيث لم يستطع سيف الدين فعل شيء بشأن إدارة المملكة، ولم يستطع التحكم بالتجارة وبالأراضي التابعة له سواء داخل الخليج أو خارجه، لأنه كان صغيراً وغير ذي خبرة، فلم يتخذ أي إجراءات ضد أسطول القائد البرتغالي (أفونسو دي البوكيركAfonso de Albuquerque- ) حينما وصل أول مرة في عام 1507 أمام سواحل الجزيرة. بل إن كل الترتيبات لمواجهة حملة البوكيرك قام بها الوزير خواجه عطار، ومع ذلك فإن البوكيرك، بقوته البحرية الحديثة، لم يكن قادرا على إخضاع هرمز تماماً.
في ظل تلك الظروف التي أحاطت بمملكة هرمز الخليجية، برزت على الضفة الغربية من الخليج، اي السواحل العربية، قوة سياسية عربية صاعدة مع بواكير القرن السادس عشر للميلاد، تلك القوة القبلية العربية أنشأت ما أطلق عليه البرتغاليون في أول دخولهم للمنطقة الخليجية " مملكة الجبور" كما أطلقوا علي حاكمها لقب" ملك الجبور".
في عهد الملك الهرمزي سلغور، وربما بسبب زواجه من أميرة عربية من عًمان هي ابنة سليمان بن سليمان النبهاني بما يمكن اعتباره زواجاً سياسياً بامتياز؛ بدأت تنمو بشكل لافت الموانئ العربية على ضفاف الخليج الغربية مثل جلفار، صحار، خورفكان، ومسقط بالطبع، في موازنة - كما يبدو- كانت ضرورية بين الموانئ الفارسية- الهرمزية والموانئ العربية في مملكته. ولذا قام الملك سلغور بكسب ود العنصر العربي الذي أقترن به.
• ميناء مسقط: كان تحت رئاسة الشيخ راشد بن أحمد بن ربيع المسقطي، وهو الحاكم الإداري له زمن الهرامزة مطلع القرن 16م.
• دخل جمارك هُرمز بين الخليج والساحل العُماني يصل إلى حوالي 198,000 اشرفي، معظمه يأتي من الضرائب في المواني. ويرتكز على تجارة البحر العُماني، وصيد الأسماك، ومنتجات الزراعة، والخيول والماشية.
• الموانئ العُمانية النشطة في حقبة مملكة هًرمز وسيطرتها على سواحل عُمان، هي ذاتها قبل السيطرة الهًرمزية عليها:صور- قلهات- قريات- مسقط وهي مستودع رئيس لهُرمز وأفضل مركز لتموين المراكب التجارية تموينها من الباطنة في الداخل- صحار- خورفكان- جلفار.