حذّر سماحة الشيخ حسن الصفار من تراجع معدلات الخصوبة والإنجاب في المملكة العربية السعودية وسائر دول الخليج ، مشيدًا بدور الأمومة كأعظم دور ووظيفة في المجتمع الإنساني لأنه يُعنى بصناعة الإنسان.
جاء ذلك ضمن خطبة الجمعة 13 جمادى الأولى ١٤٤٦هـ الموافق 15 نوفمبر ٢٠٢٤م في مسجد الرسالة بالقطيف شرقي السعودية بعنوان: الزهراء والأمومة النموذجية.
وأوضح سماحته أنّ دور الأم في التربية النموذجية للأولاد يتحقق عبر الوعي وإدراك المسؤولية، وامتلاك الطموح، الذي يدفعها للاهتمام أكثر بتنشئتهم وتربيتهم.
وتابع: إنّ اكتساب المعرفة والخبرة يمكّن الأم من اتباع أفضل طرق وأساليب التربية، وإنّ بذلها الجهد الأكبر، والمساحة الأوسع من الوقت للاهتمام بالأولاد، يتيح لهم الفرصة للاستفادة من عطاء الأم، وحسن تربيتها.
وأضاف: إنّ مستوى الالتزام القيمي والأخلاقي للأم هو ما يؤهل الأولاد أكثر لتمثل الصفات الكريمة الفاضلة عن طريق المحاكاة والاتباع، وترسيخ القيم والسلوك الإيجابي في نفوسهم وحياتهم.
وقال: إذا كانت الأدوار والوظائف تقاس بمدى أهمية منتجاتها، ومستوى تأثيرها في الحياة، فإن دور الأمومة هو أعظم دور ووظيفة في المجتمع الإنساني، لأنه يُعنى بصناعة الإنسان خلقًا وخُلُقًا، وجسمًا وروحًا.
وتابع: إن مستوى إداء هذا الدور يتفاوت بتفاوت مستوى وعي الأم وإخلاصها وتطلعها إلى إيصال أولادها إلى مدارج متقدمة من الصلاح والكمال.
واستنكر سماحته انحراف الثقافة المادية السائدة اليوم، فقد أخذت منحى مخالفًا للفطرة ولمصلحة الحياة الإنسانية.
وتابع: أصبحت هذه الثقافة تعمل لإضعاف دور الأمومة في الوسط النسائي، وعدم الإقبال عليه، وذلك بتضخيم النزعة الأنانية الذاتية، ودفع المرأة لإعطاء الأولوية للمكاسب المادية، والملذات والرغبات الآنية، والعزوف عن الزواج، وعن تحمّل أعباء الأمومة.
وذكر أن البيانات تُظهر أن معدل الخصوبة العالمي، أي متوسط عدد المواليد لكل امرأة، انخفض من حوالي 5 أطفال في عام 1950 إلى 2.2 في عام 2021.
ونقل أن معدلات المواليد انخفضت في السعودية بنسبة 67% في العام الحالي، مقارنةً بمعدلات المواليد في عام 1950م، حيث كان عدد المواليد حينذاك 53.34 لكل ألف شخص، وتراجع هذا العدد في العام الحالي 2023 ليصل إلى 15.7 لكل 1000 نسمة.
وأضاف: إن نسبة الخصوبة في منطقة الخليج متراجعة بشكل يثير القلق، إذ يبلغ معدل الخصوبة الإجمالي لمنطقة دول مجلس التعاون الخليجي 1.8 في عام 2022، وهو أقل من 2.0، وهو المعدل العالمي لمستوى الإحلال اللازم للحفاظ على ثبات عدد السكان.
وأشار إلى أنّ المجتمعات الغربية صارت تصرف فائض العاطفة الإنسانية على تربية الكلاب بديلًا لتربية الأطفال. هي تقليد مرشح للانتشار في سائر المجتمعات المتأثرة بالثقافة المادية الغربية.
وبمناسبة ذكرى وفاة فاطمة الزهراء قال سماحته: إن السيدة الزهراء قدّمت النموذج الأمثل في الأمومة والتربية الصالحة، فقد تخرج من أحضانها سيدا شباب أهل الجنة وعقيلة الهاشميين بطلة كربلاء زينب، وأختها الفاضلة الكريمة أم كلثوم.
وأبان أن الظروف التي عاشتها الصديقة الزهراء كانت شديدة، حيث كان زواجها وإنجابها وحياتها العائلية، في ظل ظروف الكفاح المرير الذي كان يخوضه أبوها رسول الله ، وبعلها أمير المؤمنين علي ، في تبليغ الرسالة، وبناء المجتمع، ومواجهة الأعداء من مشركين ويهود ومنافقين.
وتابع: رغم كل الظروف نجدها تقدّم صورة الأمومة النموذجية، فقد أنجبت في عمرها القصير خمسة مواليد، الحسن والحسين وزينب وأم كلثوم، وآخرهم سقط عرف بالمحسن.
ومضى يقول: مع محدودية ما سجّله التاريخ من سيرة الصديقة الزهراء ، إلا أنّه يعرض لنا عددًا من المشاهد والصور، لما كانت تغمر به أولادها من حب وحنان، ولاهتمامها بالحديث لهم عن معارف الدين ومكارم الأخلاق، كما يظهر من رواياتهم عنها.
وأضاف: لقد جسّدت أمام أبناءها القدوة الحسنة بسيرتها وسلوكها في العبادة والزهد والعطاء للآخرين، والتضحية وتحمّل مسؤولية الدفاع عن الدين إلى آخر أيام حياتها.