بقلم: محمد الانصاري
كشفت تصرفات وتصريحات المرشحين للمجالس النيابية والبلدية عن مكامن قوة او ضعف أصحابها، فبعض المرشحين فعلاً مواقفهم و تعبيراتهم تبشر بان لديهم خلفية معرفية وعلمية متميزة وواعدة ، وشخصية تؤهلهم لخوض معترك البرلمان او المجالس البلدية ، في حين إن شطحات البعض الآخر أظهرتهم وكأنهم قادمون من كوكب آخر ، فبعضهم يعد الناخبين بأمور لا يصدقها العقل ، و بعضهم يمنِّي الناس بأحلام " خعنفقية " لا يقبلها حتى الأطفال ، وآخرون لا يميزون بين عمل مكاتب تخليص المعاملات والعمل البرلماني والبلدي ، اما الجمهور فقد أظهر وعياً أثار إعجاب المراقبين ، فبعد ٢٠ سنة من التجربة البرلمانية لم يعد المواطن كما كان اول مرة يخوض فيها تجربة الانتخابات ، لقد أصبح الناس أكثر حنكة ، وقد أدركوا أن صوتهم مهم ،و اختيارهم مؤثر ، لذلك سوف يصوت الناخب هذه المرَّة للأكفاء و يسقط من دون ذلك ، و سوف لن يصل هؤلاء الذين خيبوا ظن الأمة عندما صوتوا خلاف رأي وتطلعات الشعب.
من جانب آخر فان هذه الانتخابات كشفت حتى الآن عن اتساع الفهم السياسي لدى العامة، و اضمحلال الأصوات الطائفية وانسحابها لجحورها ، و زيادة في تفاعل الشباب ، و ارتفاع في اعداد النساء المرشحات ، وتنوع في مستوى الخبرات من الجنسين في مختلف مناطق البحرين، هذه المؤشرات كلها إيجابية ، وفي المقابل هناك من لا يزال يحاول ان يستعمل المجلس لمصلحته الشخصية ، أو يخدع الناس بوعود غبية لا يصدقها أحد ، او يستعمل دعاية مضللة حول إمكانياته أو شعبيته ، هذا النوع على المجتمع وبصوت عالي أن يرفضه ويحرجه و يكشفه للجميع.
من ضمن من طلع علينا بخزعبلات "خنفشارية" أحد المرشحين الذي وعد الجمهور من خلال لقاء مصور معه ، بأنه إذا فاز سوف يضاعف رواتب العمال بنسبة 100 % ولا ادري هل يعلم معنى ما يقوله ورغم ذلك " يخنبق " في حديثة وتلك لوحدها مصيبة ، ام أنه لا يعلم و تلك مصيبة أكبر.
ومرشح آخر ظهر علينا " بفنتك "جديد عندما سأله احد الاعلاميين عن برنامجه الانتخابي ، فكان رد سعادة المرشح الموقر بأن برنامجه سري حالياً ، وسوف يعلن عنه اذا فاز في الانتخابات ، فترى على أي أساس يتم تقييم هكذا مرشح ، وهل هذه النوعية فعلاً سوف يكون لها حظ في اختطاف بعض الأصوات من مرشحين أكثر كفاءة منهم.
وهناك بعض النواب الحاليين الذين اعادوا الترشيح ، بعضهم يتعرض لهجوم كبير في وسائل الإعلام بسبب موقفهم من وقف زيادة المتقاعدين و القيمة المضافة ، أحد هؤلاء النواب و لكي يرد على الهجوم من قبل أهالي دائرته وعموم الناس قام بالاستعانة بحسابات وهمية للدفاع عن نفسه ، فعندما تطرح الصحف أو حسابات التواصل الاجتماعي أي موضوع يخص هذا النائب ينهال سيل الشتائم والنقد على النائب من الجمهور ، ثم تظهر بعض الحسابات التي تدافع عنه ، وعندما تدخل الحسابات تجدها وبوضوح وهمية يمتلكها شخص او شركة تتخصص في إضافة اللايكات او التعليقات او المتابعين ، نصيحتي له ولغيره دافع عن رأيك بطريقة أخرى لان الناس الآن أصبحت تلاحظ هذه الأمور.
عموما هذه المرة الأجواء العامة أفضل من السابق ، فالوضع السياسي الداخلي متجه نحو التحسن ، والمؤشرات الاقتصادية مبشرة بالخير ، كما تشير التوقعات الى تسجيل فائض في الميزانية العام الجاري لتصل بل و تتجاوز هدف التوازن المالي ، و ايضاً التوقعات تشير الى نمو الإيرادات «غير النفطية» بنسبة تصل 6.2 % حتى عام 2023 ، و توقعات بنمو احتياطيات النقد الأجنبية الخارجية ، الى جانب استمرار تعافي قطاعات المالية والسياحة والضيافة، كما ان تعديلات الحكومة الأخيرة ضخت دماء شابة في مجلس الوزراء وأعطت لخطط الحكومة دفعة كبيرة ، وأيضا من الناحية الأمنية تشير الإحصاءات الي تدني معدلات الجريمة بحوالي 30 % ، كل هذه الجوانب تدعم ضرورة ان يكون اختيار أعضاء المجلس القادم يتماشى مع طموح وتطلعات هذا الشعب الكريم وقيادته الحكيمة.
لذلك فإن انتخابات 2022 سوف تكون وسيلة المواطن لإيصال صوته، وفي نفس الوقت ميزان لمعرفة مدى رضا الناس عن أداء البرلمانيين السابقين.