بقلم : محمد الانصاري
لقد تمكنت دول الخليج العربية ان تجتاز بفضل الله اولاً ثم بحكمة قادتها الظروف الحساسة والصعبة التي يمر بها العالم نتيجة للجائحة كرونا من جانب ، و بسبب الصراعات والحروب السياسية والعسكرية في أوكرانيا والسودان وغيرهما من الدول من جانب آخر ، كما نجحت في إرساء التصالح الخليجي و الاقليمي بثبات والانتقال من مرحلة القلق الامني الى مرحلة الاستقرار والتطوير الشامل.
هذا الاستقرار الذي جاء بشق الأنفس مكسب كبير للشعوب و الحكومات على حد سواء ، لكن المحافظة على هذا المكتسب تحدي ايضاً كبير أمام الجميع ، ولكي نحافظ على هذا الاستقرار والنمو الجيد لابد لنا كدول وشعوب ان ننتهج نهج سياسي وامني وثقافي واضح ، كما لا بد ان نتخذ الخطوات الضرورية للمحافظة عليه ، ولابد ان يعلم المجتمع بان استمرار وبقاء هذا الوضع الإيجابي مسئولية مشتركة بين الحكومات والشعوب.
ان الظروف أصبحت مهيئة تماماً لأن ننتقل من دول نامية تستمد قوتها من ما حباها الله به من موارد نفطية ، الى دول مزدهره تنافس على المراتب الأولى في النمو والتعليم والصحة و الثقافة ، ولكن من أجل تحقيق هذا الهدف لابد لنا من ان نتخذ خطوات مهمة و مصيرية على كافة الأصعدة و من اهم تلك الخطوات :
اولاً: المحافظة على الأسس والقيم والمبادىء التي أسس الآباء عليها مجلس التعاون لدول الخليج العربية ، و عدم التخلي عن هذه الثوابت أبداً لانها صمام أمان لإبقاء هذا العقد الفريد مترابطً وقوياً وقادراً على مواجهة الأعداء والدول الاستعمارية الكبرى التي تتربص بنا جميعاً ، ولكي تساهم في بناء بلداننا وازدهارها.
ثانياً : التصالح المستمر بين الحكومات والشعوب ، وبناء علاقة المودة والتراحم و ديمومة نهج البناء الإيجابي في الأوطان ، وتوسيع مساحة المشاركة السياسية للشعوب ، وتحسين الظروف المعيشية خصوصاً للطبقات التي عانت وتعاني من الصعوبات المالية ، وتوفير التعليم والتدريب بكافة انواعها ، والضمان الصحي بالمستوى الذي يليق بكافة أبناء الخليج ، وضمان العدالة والمساواة بين الجميع.
ثالثاً : محاربة التطرف الفكري والسياسي والمذهبي ، وإبعاد المتطرفين عن المشهد العام ونبذهم ، و العمل على تجنيب أبنائنا الانخراط في الصراعات الإقليمية والدولية التي تجرهم للتطرف والتعصب ، وإغلاق قنوات و منابر الفتنة التي تدفع الناس والمجتمعات للصراعات ، وعدم السماح بجلب رجال الدين المعروفين بدعواتهم المتطرفة لدولنا حرصاً على ابنائنا من تسميم أفكارهم.
رابعاً : على الشعوب عدم إعطاء الفرصة لمن يحاول الاصطياد في الماء العكر عبر مواقع التواصل الاجتماعي ، وعبر كافة المنابر الإعلامية والدينية والثقافية والسياسية بغرض زرع الفتن بين الدول وبعضها وبين أبناءً الشعب الواحد ، و نبذ فكرة الانقلابات والثورات التي جابت الخراب و الدمار في الدول ، والسعي من خلال العلم والثقافة والحوار لبناء مجتمع آمن متسامح ، يعيش مستوى مادي جيد و يتمتع بكافة حقوقه السياسية والاجتماعية والثقافية.
خامساً : تطوير أجهزة الدول في السلطات الثلاث التنفيذية والتشريع والقضائية ، من خلال رفع مستوى القيادات التي تدير تلك الأجهزة ، و إختيار الأفراد والقيادات في مؤسسات الدولة بناءً على الكفاءة و الإخلاص للوطن ، ونشر ثقافة المحاسبة و الشفافية و العدالة والمساواة ، وتشجيع التنافسية والتمييز.
سادساً : الاستمرار في خطوات بناء الثقة بين الحكومات والشعوب ، و إتخاذ الخطوات اللازمة من أجل فتح صفحة جديدة على المستويين الداخلي والخليجي ، والتوسع والاستثمار في الخطوات البناءة التي اتخذتها مختلف الأطراف ولاسيما الحكومات في هذا الاتجاه و على كافة الأصعدة والمجالات.
سابعاً : ضرورة تشجيع الاستثمار المحلي ، وبناء الصناعات الكبرى ، وضرورة الإنفاق على البحث العلمي والابتكار ، و رفع سقف الطموح والتطلعات بين أبناء الشعوب و إختيار القيادات السياسية التنفيذية التي تنسجم مع هذا الروح وتشجعه وتنمية.
ختاماً
١- ان مسئولية الإصلاح و البناء مشتركة بين الشعوب والحكومات ، وان العدالة والمساواة و التسامح عمادها ، والعلم و الابتكار و العمل محركها ، وعلى الشعوب والحكومات ان تتوقف من إستيراد الأفكار من الخارج ، بل عليها ان تنمي و تطور فكرها و نهجها التاريخي.
٢- ان الثورات والانقلابات جلبت الدمار للبلدان ، وان الدول الاستعمارية تشجعها من أجل ضمان بقائنا تحت سيطرتها ونفوذها.