عودة سوريا للمنظومة العربية أصبح واجباً أمنياً وإستراتيجياً
بقلم : محمد الانصاري
عودة سوريا للإطار العربي بات ضرورياً لاستقرار المنطقة ، وبقاء سوريا خارج المنظومة العربية سبب كافي لبحثها عن تحالفات ليست في صالح الجميع ، و تعليق العودة على إنهاء جميع الملفات الداخلية يعني تأجيل الحل السوري - السوري و إقحام المليشيات الموجودة فعلياً على الأراضي السورية في صراعات داخلية لمدة عقود من الزمن.
بعد مرور ١٢ عاماً من الصراع الدامي في سوريا تَكَشف للجميع حجم التدخلات من مختلف الأطراف في الداخل السوري ، حيث ان أكبر المستفيدين من هذه الأزمة القوات الأمريكية والمليشات التابعة لها والتي إحتلت المناطق الحساسة ، وسيطرت على حقول النفط في دير الزور والتنف ، وأصبحت تبيع وتصدر النفط السوري لتمول به المرتزقة والمليشات المتطرفة التي يشتكي منها السوريين والعراقيين والاتراك على حساب قوت الشعب السوري المغلوب على أمره .
ان استمرار الأزمة السورية سوف تكرس من جانب تمرد الأكراد المسلح في سوريا والعراق ، وسوف تعطيهم القوة اللازمة من أجل تحولهم من مواطنين في دول مختلفة الى قوات تستقطع أراضي من سوريا و العراق وربما تركيا لتشكيل دولة هجينة في المنطقة ، هذه الدولة تمتد جذورها وعلاقاتها الى جهات تشكل خطر تاريخي على مصالح وامن المنطقة ، ولا يمكن بعد ان اتضحت خيوط المؤامرة الاستمرار في اللعب على الحبلين فقد بلغت الامور مرحلة الحسم عند كل الأطراف.
ومن جانب آخر فقد تبين لنا ان الشريحة الأوسع والأقدر في صفوف ما يسمى بالمعارضة السورية ليست معتدلة ولا مسالمة ، فالجميع متفقون حول تجريم المجموعات الارهابية التابعة للقاعدة ، و المجموعات التابعة لداعش والمجموعات الكردية المتمردة الطامعة في الانفصال ، والمجموعات التي أقبلت من الشيشان وافغانستان وغيرها ، كل هؤلاء يشكلون مجتمعين الغالبية الساحقة من الميدانيين في المعارضة السورية ، وجميعهم من المجموعات المتطرفة والخطرة على المجتمع.
كما اصبح لزاماً على الحكومة السورية ان تتخذ خطوات أكبر في المصالحة الداخلية ، و بات من الضروري فتح صفحة جديدة مع الجميع في الداخل والخارج السوري ، كما من المهم العمل على إعادة الأفراد والمجموعات التي استعانت بهم لدعمها في الصراع الداخلي ، وعلى الدول التي تتدخل في الصراع السوري لاسيما تركيا وإيران ان تبادر في إثبات حسن نواياها ودعم مبادرات التصالح الداخلي وعدم فرض شروط تعرقل الوصول الى اتفاق وحل نهائي.
ختاماً
١- بقاء سوريا خارج المنظومة العربية مضر لجميع الدول العربية على الصعيد السياسي والاقتصادي والتجاري والأمني ، ومفيد لأعدائنا وعلى رأسهم المتشددين والمتطرفين.
٢- إستمرار بؤر التمرد في سوريا سيفرِّخ المتطرفين والمجرمين ، حيث توفر تلك الجيوب الخارجة عن القانون بيئة حاضنة ومصدرة للارهاب والتطرف ، فهي حالياً لا تخضع للقانون بل تخضع للاكثر سطوة وجبروت.
٣- العديد من الأطراف تستنزف اموال وثروات شعوبها في تمويل حلفائها في سوريا وليبيا والعراق والسودان وهذا النزيف خسارة لا يمكن تعويضها نهائياً ، وهذه الأزمات سوف تجتمع يوماً وتعود على كل بلدانهم بالويلات والخراب.
٤- أحسنت البحرين عندما قررت منذ بداية الصراع السوري النأي بنفسها بعيداً ، وأحسنت ايضا عندما قررت التسريع في فتح السفارات وتشجيع التجارة والنظر بعيداً نحو إستقرار المنطقة وسد باب ذرائع الخلافات والحروب.
٥- تحتضن جامعة الدول العربية اليوم اجتماعاً يهدف للتصويت على عودة سوريا كعضو في الجامعة ، نتمنى أن تكون النتائج جيدة وتعود سوريا الى مكانها الطبيعي.