بقلم : محمد الانصاري
تتواصل سلسلة الاجتماعات بين مجلسي النواب والشورى من جهة والحكومة من جهة اخرى بهدف التوصل لإتفاق على الموازنة العامة للدولة للسنتين الماليتين ٢٠٢٣ - ٢٠٢٤ ، و حتى الآن يبدو ان الأفق مغلق والنتائج مخيبة للآمال ، الخيبة هذه ليست فقط على مستوى النواب بل وصلت وبشكل غير مسبوق لتعم الشارع البحريني ، ما أدى إلى توافق وطني جارف في أمر تحسين الظروف المعيشية بشكل جذري ، ولا ادري هل يعلم المسئولين ما يدور بين الناس ، وهل يدركون خطورة خذلان الشعب في مطلبه الأكبر والأهم.
بدأت الآمال كبيرة ومتفائلة في فترة اعتماد برنامج عمل الحكومة ، وقد خرج معظم النواب بتصريحات أكدوا فيها ان الحكومة وعدتهم بتمرير الزيادة السنوية في معاشات المتقاعدين بنسبة ٣٪ للجميع ، كما أكدوا التوافق مع الحكومة على رفع اجور العاملين في القطاع العام بشكل فوري ، وإيجاد آليات لرفع اجور العاملين في القطاع الخاص من خلال برامج الدعم في الأجور التي تقدمها تمكين.
التصريحات الوردية التي صدرت بداية العام من قبل نواب الشعب ، بدأت تتآكل وتتراجع خلال الأسابيع الثلاثة الماضية ، وبالمقابل تتالت التصريحات المتشائمة من موقف الحكومة من كل برامج وخطط تحسين الوضع المعيشي للمتقاعدين والعاملين ، هذه التصريحات الجديدة إن كانت صحيحة فأقل ما يقال عنها أنها صادمة ، والشعب من حقه ان يعرف مايجري و من حقه ان يطالب بشكل لا لبس فيه بامرين واضحين وهما :
اولا : إعادة الزيادة السنوية لمعاشات المتقاعدين التي تم وقفها بشكل غير مرضي للشعب ودون تحقيق نهج التوافق الذي اعتمدناه في مملكتنا الغالية ، وضرورة رفع أجور العاملين في القطاعين العام والخاص بنسبة محددة ومعقولة مع وضع الآليات المناسبة التي تحقق ذلك .
ثانياً: المجتمع يطالب بمعرفة اساس تصريحات النواب التي اكدوا فيها قبل عدة أشهر موافقة الحكومة على زيادة اجور العاملين في القطاع العام و ايجاد آليات لزيادة العاملين في القطاع الخاص مع اعادة زيادة السنوية لمعاشات المتقاعدين ، هل كان النواب عندها يحلمون ؟ ام فعلاً وعدتهم الحكومة بتلك الأمور وهي الآن تراجعت ؟ ام هناك مسألة ثالثة لم نفهمها فيما جرى.
ختاماً :
١- إننا اعتمدنا نهجاً واضحاً في البحرين لمختلف الأمور السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها وهو نهج التوافق ، فمتى ما توافق الشعب على أمر أصبحت مساحات المناورة و المجادلة معدومة أمام النواب والحكومة ، ولا أعتقد ان هناك أمر قد توافق علية الشعب أكثر من تحسين اوضاع العاملين والمتقاعدين بشكل حقيقي وشامل ، اما المقترحات التي قدمتها الحكومة حتى الآن لا تحقق رضى وطموح الناس.
٢- تعللت الحكومة بعدم وجود سيولة وموارد مالية من اجل تغطية الموازنة المطلوبة لرفع الأجور وزيادة معاشات المتقاعدين ، من جانب اخر تحفظ مجلس التنمية الاقتصادية على فرض ضريبة صغيرة جداً مقدارها ٥٪ من أرباح الشركات ، هذا المورد الذي يكفي لتغطية نفقات الرغبات الشعبية المطروحة كلها ، وقد سببت تحفظاتها على فرض ضريبة الشركات باحتمالية تأثير الضريبة على جذب الاستثمارات الجديدة ، ترى ما فائدة الشركات المحلية أو الأجنبية اذا لم توظف البحرينيين ولم تدفع ضريبة للمساهمة في بناء الدولة ؟ والضريبة هذه اساساً مفروضة في باقي دول الخليج وبنسب أكبر.
٣- تحفظ المصرف المركزي على فرض ضريبة جديدة بنسبة ٢٪ على تحويلات العمالة للخارج ، وهذه نسبة صغيرة جداً مقابل المليارات التي تتسرب من الاقتصاد الوطني ، و حجج التحفظات لم يبلعها المجتمع ، وهذه الضريبة تناوب على طلبها كل المجالس النيابية التي مرت و اصبحت مطلباً عاماً لا مبرر للتأخر فيه ، ويمكن فرضها على الأشخاص الذين يقومون بتحويل مبالغ كبيرة كي لا نضغط على العمال متدني الأجر.