بقلم : محمد الانصاري
في الماضي كان التحدي الأكبر أمام الأسرة هو كيفية إختيار أصدقاء أبنائهم ، حيث كان من السهل منع الأبناء من مرافقة من هم أكبر منهم سناً، او اللعب مع الكسالى وغير المجتهدين ، كما كان سهلاً منعهم من الاختلاط بالأطفال الذين يلاحظ عليهم سلوكيات خاطئة مثل التدخين او كثرت المشاكل و المشاجرات ، كل ذلك حتى قبل عشر سنوات كان ممكناً أما الآن فقد أصبحت الأمور بسبب التطور التكنولوجي خارج السيطرة.
كانت الأسرة وايضاً الجيران والمدرسين كلهم يساهمون في تربية الأطفال ، حيث كان ولا يزال وزارة التربية والتعليم تلعب دوراً كبيراً في تعليم و تهذيب الأطفال ، وكان التلفزيون تحت رقابة وطنية محكمة ، فلا يعرض اي برنامج للأطفال إلا بعد التحقق من كونه برنامج هادف ومفيد ، في تلك الأيام كان الأطفال يلعبون في الحارة أمام مرئى ومسمع الجميع ، والكل كان له دور تربوي في مراقبة ما يجري ، اما الان فقد الجميع ذلك الدور التقليدي بسبب عدم أمكانية مراقبة الأطفال وهم يلعبون في هاتفهم الخليوي الصغير داخل غرفتهم.
يشعر بعض أولياء الامور خطأً بالاطمئنان عندما يتركون أبناءهم في غرفهم يلعبون في هواتفهم النقالة وأجهزة الحاسوب المتصلة بالعالم دون رقيب ، حيث أنهم اقتصروا الخطورة في ابتعاد أبنائهم عن السيارات المسرعة او ضربات الشمس بسبب الحر او المشاجرات بين الأطفال ، لكن ما خفي في البيت هذه الأيام أعظم وأخطر من خارجه اذا ترك الأطفال وحتى الشباب من غير مراقبة و إشراف.
لا تزال شبكات التطرف و الارهاب تتخذ من وسائل التواصل الاجتماعي ساحتها الأولى لجذب الانصار ، خصوصاً بعد ان تم تضييق الخناق عليهم في المجتمع وتم طردهم من دور العبادة ، لقد تمكنوا من خداع آلاف الشباب والشابات من مختلف البلدان ، كما نجحوا في إقناعهم بالهجرة والانضمام لمنظمات ارهابية مثل داعش ، لقد كانت وسيلتهم الوحيدة لجر هؤلاء المساكين هذه الأجهزة الصغيرة بين يدي الشباب و الأطفال البريئين ، ومن خلال هذا التواصل قاموا بغسيل أدمغتهم وإقناعهم بفكرة الهروب من أسرهم والانضمام لهذه المجموعة الارهابية المتطرفة ، ثم أجبروهم على حمل السلاح وقتل الناس بدم بارد.
اما شبكات الاتجار بالبشر أو بالمخدرات فقد راجت كثيراً في الفضاء الإلكتروني ، حيث ان السيطرة عليها أصبح امراً صعباً ، وان وزارات الداخلية وأجهزة محاربة الفساد و المخدرات والجريمة المنظمة في دول العالم بما فيهم مملكة البحرين وباقي دول الخليج يبذلون جهود كبيرة لمواجهة العدو القابع في مناطق خارج السيطرة ، ومع ذلك يستطيع ذلك العدو من خلال العصابات المدربة ان تتواصل مع أبنائنا عبر وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة دون المرور بنقاط التفتيش.
ان تجار المخدرات اصبحوا يبيعون سمومهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي ، و قد تجاوزوا تلك المرحلة التقليدية في التسويق باختراع مخدرات جديدة تسمى بالمخدرات الرقمية ، وهي لا تحتاج سوى دولار او دولارين لشراء مقطوعات موسيقية وعند الاستماع اليها عبر سماعات الاذن يكون لها تاثير مشابه لتأثير المخدرات ، وبعد استعمالها عدة مرات يصبح الشخص معتاداً ومدمناً عليها مثل بقية أصناف المخدرات.
كما صار هناك في شبكات التواصل عصابات تستهدف الأطفال وتستغلهم مالياً وجنسياً من خلال أساليب كثيرة ، حيث بلغ مستوى الانحطاط لدى هذه العصابات في الأغرار بالأطفال وجرهم لأمور خاطئة ثم تهديدهم بها وجبرهم على القيام بأمور غير انسانية في بعض الأحيان ، واحياناً أخرى جبرهم على الاشتراك في جرائم توزيع المخدرات او السرقة او الاتجار بهم والعياذ بالله او غيرها من الأمور الخطيرة.
ختاماً :
١- ترك الأبناء دون مراقبة مستمرة مع هواتفهم النقالة خطر أكثر ب ١٠٠٠ مرة من تركهم يلعبون قرب شارع سريع.
٢- توعية الأطفال منذ سن مبكر أصبح مهماً جداً ، وهذه المسألة منوطة بالأسرة والمدرسة و الأعلام كل في محلة.
٣- تشجيع الدور التقليدي للأندية و اللعب في الحارة مع الأطفال الآخرين تحت مراقبة الأسرة أفضل بكثير من اراحه البال وترك الأطفال في غرفهم مع هواتفهم النقالة.
٤- تحديد البرامج المسموح بتنزيلها في هواتف الأطفال وقصرها على البرامج المناسبة لسنهم أمر مهم.