بقلم : محمد الانصاري
من غير المفهوم سبب تأخر السلطتين التشريعية والتنفيذية في إتخاذ قرارات حقيقية وفاعلة لإصلاح سوق العمل ، كما ومن المستغرب إستمرار التمسك بنظريات إقتصادية قديمة روجت لها بعض الدول وعلى رأسها الولايات المتحدة في خمسينات و ستينات القرن الماضي ، عندما كانت تحاول اقتحام أسواق جديدة حول العالم ، حيث إستخدمت في تلك الفترة خدعة السوق المفتوحة أو ما سمي بالاقتصاد الحر لإجبار الدول على فتح أسواقها أمام بضائع الدول الرأسمالية.
قدمت نظرية الاقتصاد الحر الحجج والذرائع الكافية لفرض قوانين مجحفة تسببت في تشويه أسواق العالم بما فيها أسواق الخليج ولا سيما البحرين ، كما تسببت في حرمان المواطنين من فرص العمل تحت مبرر عدم رغبة الحكومات في فرض إجراءات حمائية تتعارض من ما تقوم به الدول الكبرى ، وقد انطلقت الدولة في سلوكها من أدبيات الاقتصاد الحر التي تم إستيرادها من الدول الاستعمارية التي كانت تحتل دولنا لعقود من الزمن ، ومع مرور الوقت شكلت تلك النظريات التي تخلى عنها حتى مؤسسيها سداً يمنع تدخل الدولة لحماية مواطنيها ، كما أوجدت عقيدة إقصائية غير مقصودة لأبناء البلد بسبب ميلان الكف الدائم لصالح العمالة الوافدة.
بالنسبة للبحرين لا توجد فائدة أقتصادية او سياسية من فتح الباب على مصراعيه لكل من هب ودب كي ينافس المواطنين في لقمة عيشهم ، و لا يوجد سبب في عدم قصر بعض المهن و الأنشطة التجارية على المواطنين ، خصوصاً مع وجود آلاف العاطلين الباحثين عن عمل و آلاف الراغبين في البدء بمشاريع صغيرة و متوسطة ، إن السبب الوحيد لعدم حصول عدد كبير من المواطنين على فرص عمل جيدة هو أنظمة العمل التي تم صياغتها على أساس نظريات ثبت فشلها في العالم ، والسبب الوحيد من عدم أمكانية المواطنين في البدء بمشاريع صغيرة منافسة الأجنبي لهم بطريقة غير عادلة بسبب قوانين الاقتصاد الحر .
ما زاد الطين بله في السنوات الأخيرة اعتماد الدولة الكلي في تشخيص المشكلات وصياغة الأفكار و الخطط التنموية الإستراتيجية على شركات أجنبية لا تربطها بنا سوى بعض المصالح المالية الموقتة ، وبالمقابل تم التخلي تماماً عن المفكرين والباحثين البحرينيين في صياغة السياسات والأفكار الوطنية ، رغم ثبوت فشل نفس تلك الشركات الأجنبية في دول أخرى ، ورغم نجاح البحرينيين في إثبات وجودهم وبشكل باهر في المهمات الوطنية السابقة التي أنيطت بهم .
البحرينيون أصبحوا مجمعين و مجتمعين على طلب توفير الحماية لاقتصادهم الوطني ، كما أصبحوا يطالبون بفرض قيود حقيقية على جلب العمالة الأجنبية ، و بقصر بعض المهن على أبناء البلد ، اسوةً بما قامت به باقي دول مجلس التعاون ، وبما تقوم به الولايات المتحدة وأوروبا من أجل حماية أقتصادها من الهيمنة الصينة والهندية ، وبغية الحفاظ على فرص العمل لمواطنيها ، وقد تحولت هذه القناعة لدى المواطنين الى مطلب شعبي يصر علية كل أطياف المجتمع البحريني ، وقد برز ذلك الاجماع في المؤتمر الذي عقد يوم امس السبت الموافق ٧ يوليو ٢٠٢٣ بتنسيق عدد من الجمعيات السياسية الوطنية تحت عنوان " البطالة وتحديات البحرنة " والذي حضره عدد كبير من الخبراء و الباحثين والنقابيين واصحاب العمل و أعضاء مجلسي النواب والشورى.
ختاماً
١- لابد ان تقوم الدولة بواجبها في توفير فرص العمل وفرص الاستثمار للمواطنين.
٢- من واجب الدولة حماية إستثمارات وأعمال المواطنين من اي منافسة ، وتوفر لهم البيئة التي تساعدهم على النمو والتطور.
٣- الاقتصاد الحر خدعة كذب بها الغرب على العالم ، و هم أول و دارو ظهورهم لها.