بقلم : محمد الانصاري
اصبح الإعلام العربي ساحةً جاذبةً لكل من هب ودب ، ومن ضمنهم الافاقين و النصابين والباحثين عن المال والشهرة ، كما صارت وسائل الاعلام كالعمارة من غير بواب ، يمكن لمن شاء متى شاء ان يلقي ما عنده ويمضي في سلام ، من دون حسيب ولا رقيب ، تحت عنوانين عديدة منها حرية الصحافة والإعلام ، أو الدفاع عن الفكر والمبادئ ، والضحية هو والجمهور والأسرة العربية ، والإنسان بشكل عام المتلقي لهذه الجرعات الفاسدة من الوقائع والأحداث والقصص والروايات ، ووصلات الفن الهابط و الكلام الساقط و التفسخ الفكري والديني والأخلاقي.
لقد فهم الناس في مجتمعنا حرية الصحافة والإعلام بشكلٍ خاطئ ، فوسائل الاعلام هناك تفتح الباب واسعاً لكل الناس لتقول كل ما عندها من أخبار بشرط ان تكون موثقة وصحيحة ، كما تتيح للجميع حق التعبير دون قيد ، على ان تحاسب وبشدة كل قول خلاف الحقيقة ، أما الافاقين والنصابين في الغرب فيتم دعوتهم للظهور على وسائل الاعلام كي يتم مناقشتهم وكشفهم وفضحهم للعالم ، في حين ان القانون عندهم يسمح لاي شخص او جهه أن تقاضي المسئول عن اي كلمة تقال في وسائل الاعلام اذا لم تكن صحيحة ، و يدفع الكذاب والافاق مقابل ما نشر سنواتً من عمره وملايين من مالة .
من المستهجن استمرار بعض القنوات الفضائية في استضافتها شخصيات فقدت مصداقيتها ، دون إحترام للمشاهدين وحقوقهم في تلقي الحقيقة الخالصة ، و الغريب عدم احتجاج الناس و رفضهم ظهور تلك الشخصيات رغم معرفتهم ان هؤلاء عبيد المال والشهرة ، فحتى اليوم تقوم العديد من القنوات الفضائية بإجراء لقاءات مع كاتب عربي معروف بانه مستعد ان يقول اي شيء مقابل الدولارات ، كما تقوم القنوات الخليجية باستضافة دكتور خليجي معروف بانه يختلق باستمرار قصص خيالية عن لقاءاته وبطولاته مع أشخاص ماتوا وشبعوا موت ، حيث لا يمكن التحقق من رواياته أبداً ، والأغرب انه لا يرويها الا بعد موت جميع شخوص الحدث.
ان الاعلام مسئولية ، يجب ان يشترك الجميع في تقويمها ، اما ما نشاهده اليوم لا يعدو سوى عبث ، واستخدام خاطئ لإمكانيات كبيرة متاحة بين أيدي أشخاص لا يشعرون بالمسؤولية ، وليس لديهم إحساس لحجم الدمار والخراب الفكري والقيمي الذي تسببوا فيه للمجتمع ، لقد أصبحت التفاهات بفضل الإعلام الأعوج اولويات يتسابق اليها هذا الجيل ، ففقدوا بوصلة الصح والخطأ لدرجة ان الفتاة صارت ترسل صورها بالمايوه في وسائل التواصل الاجتماعي ليشاهدها الجميع ، وزوجها يعمل لها لايك دون حياء ولا خجل.
لقد أصبحت القنوات الفضائية ووسائل التواصل الاجتماعي محطات لبث الفتنة و الفرقة في المجتمع ، من خلال استضافة انصاف المتعلمين وانصاف شيوخ الدين ، وطرح مواضيع لا يصلح طرحها إلا بين العلماء و في مجالس مخصصة ، لقد بلغ الامر أن يُستفتى الجاهل في شئون الدولة ، و يستشار على الهواء مباشرة الراقصة و الطبال في فقة الدين و الشرع والأسرة والمجتمع ، و يُخوَّن أصحاب الرأي والمبدأ ، و يصفق للمرتزقة و النكرات ، وكل ذلك في وسائل الإعلام المتاحة للكبير والصغير و العالم والجاهل ، والتي هي مفتوحة أمام الأسرة دون رقيب.
ختاماً :-
١- لا بد من تصنيف لوسائل الإعلام ، وتخصيص بعض القنوات الفضائية الصالحة لمشاهدة الأسرة ، والتي يطبق عليها المعايير الأخلاقية و الثقافية المنسجمة مع مجتمعاتنا.
٢- من الواجب على الدول وكما صارت تضع معايير للمهندسين و والأطباء و والصيادلة و المحامين ، ان تضع ايضاً معايير محددة لرجل الدين وخصوصاً الذي يجوز لهم الافتاء للأمة على الهواء.
٣- لكي لا نسقط في هاوية الإعلام لابد من نشر الوعي ، و الوقوف في وجه الإعلام الهابط.