بقلم : محمد الانصاري
سوف يذكر التاريخ كيف بدأ تشكيل نظام عالمي جديد ، وسيذكر فيما يذكر الانهيار العظيم لأكبر وأعظم دولة في التاريخ ، ولأكثر دولة قتلت ودمرت البشرية ، للدولة الوحيدة التي قصفت القنبله الذرية على وجه الأرض ، سوف تنهار الولايات المتحدة الامريكية تدريجياً وبتسارع كبير خلال أقل من عقدين من الزمن ، وسوف يعيش سكان تلك الولايات والعالم بأسره حالة ذهول و شك و صراع داخلي كما حصل عند إنهيار الإتحاد السوفيتي ، لكن لأسباب وظروف مختلفة.
أعتمدت الولايات المتحدة الامريكية في سيطرتها على العالم على هيمنتها و تفوقها في جانبين وهما اولاً : قيادتها النظام الاقتصادي العالمي المنحاز والمصمم كي تستبقي أمريكا على رأس الهرم الاقتصادي والمالي بغض النظر عن وضعها الحقيقي وديونها الداخلية والخارجية ، ثانياً : على تفوق السلاح العسكري والتكنولوجي لديها ، فقواتها الحربية الجوية والبحرية والأرضية التي تستخدمها لحماية وفرض النظام المالي المذكور على الدول كانت الأعظم في التاريخ ، وقد استخدمتها لتجبر العالم على تنفيذ خططها و برامجها ، و لتفرض الحصار وتجوِّع الشعوب والأمم التي تختلف معها.
لكن لابد من تحقق سنة الله في خلقة ، ولابد من إنهيار الحضارات ، وكما شرح ابن خلدون في مقدمته فان الحضارات كما تبدأ و تتسع وتعظم وتصل لغاية عمرانها ، لابد ايضاً ان تنتهي وتنهار ، إننا نشاهد الآن تآكل الحضارة الكونية التي فرضتها الولايات المتحدة الامريكية ، وبزوغ دول وحضارات أخرى ، ونظام إقتصادي جديد بدأت تتشكل ملامحة ، كما وظهرت قوى عسكرية وميدانية صارت تقترب بسرعة من أن تكسر التفوق النوعي الامريكي.
لقد حقق تشكل مجموعة بريكس في العقدين الماضيين تحوّلاً عميقاً في المشهد الاقتصادي والجيوسياسي العالمي، أدى إلى تحطم الهيمنة التقليدية لمجموعة السبع ، حيث تجاوزت دول "بريكس"، المؤلفة من البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا، مجموعة السبع G7 من حيث ناتجها المحلي الإجمالي المجمع ، ووفقاً لصندوق النقد الدولي، فإن الكتلة مجتمعة شكلت 32.1 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي هذا العام 2023 ، وهذا قبل ان يضاف لهم السعودية والإمارات ومصر وإيران و الارجنتين.
اما الهيمنة العسكرية الامريكية رغم تفوقها النسبي الحالي ، الا انه استطاعت كل من الصين والهند وروسيا ان يقتربوا بشكل كبير من كسر هذه الهيمنة والتفوق ، و بات التفوق الكبير الامريكي يتضائل بسرعة ، و أصبحت التكنولوجيا الحربية الروسية والصينية و الهندية وبشكل غير مسبوق مساوية او قريبة من التكنولوجيا الامريكية لدرجة أنها تمكنت من تحيد تأثير التمييز الامريكي على مدى ٥ عقود مضت.
ختاماً :
١- إننا سوف نشهد إنهيار الولايات المتحدة الامريكية بسرعة كما سرعة إنهيار الإتحاد السوفيتي ، وسوف لن يمنع ذلك شيىء.
٢- الدول الواعية والواقعية هي تلك التي تسرع وتجد لها مكان في النظام العالمي الجديد وعلى طاولة متقدمة.
٣- الواهمون هم الذي يستبعدون سقوط الولايات المتحدة الامريكية ، وقبلهم كان وهم عدم سقوط الاتحاد السوفيتي ، وعدم سقوط بريطانيا العظمى ، وعدم سقوط روما نفسها.
