بقلم : محمد الانصاري
يشغل سمو الشيخ محمد بن مبارك ال خليفة حالياً منصب نائب رئيس مجلس الوزراء البحريني منذ عام 2002 ، وهو ايضاً رئيس مجلس أمناء " جائزة عيسى لخدمة الانسانية " ، كما وهو مهندس الكثير من المشاريع و الانجازات الحكومية ، على يده وتحت قيادته تم حل وتسوية الخلاف مع النقابات العمالية ، حيث قام ١٣ اتحاداً عمالياً من مختلف دول العالم بتسجيل شكوى ضد مملكة البحرين بمنظمة العمل الدولية بعد الاحداث المؤسفة التي عصفت بالبلاد في فبراير ٢٠١١ والتي لاتزال بعض آثارها مستمرةً حتى اليوم.
بررت المنظمات العمالية تقدمها بالشكوى لدى منظمة العمل بمخالفة البحرين للاتفاقية ١١١ المعنية بالتوظيف والترقي والمهنة ، وقد حدث ذلك نتيجة لقيام بعض الشركات في القطاع الخاص وبعض المؤسسات الحكومية بفصل حوالي ٤٠٠٠ عامل لاسباب مختلفة اهمها المشاركة في الاضرابات العمالية والغياب لفترات عن العمل.
ادار سمو الشيخ محمد بن مبارك هذا الملف بأمر جلالة الملك حفظه الله ورعاه ، وقد ضرب سموه مثلا في ضبط النفس و الحكمة و الاعتدال ، حيث أدار المفاوضات مع منظمة العمل الدولية والتنظيمات العمالية محلياً ودولياً بتأني ورويه ، رغم ما كانت تمر به البحرين من ظروف صعبة ومتوترة ،وقد استمر في تفكيك عقد هذه القضية طوال ٧ اعوام ، دون كلل او ملل ، حيث لم يتعب من متابعة اوضاع كل عامل فرداً فردا ، حتى تم تسوية الحالات بنسبة تتجاوز ٩٥٪ من الحالات المسجلة ، وعلى اثرها تم سحب الشكوى المقدمة من النقابات العمالية ، بل وتكريماً لهذه الجهود الصادقة تم انتخاب البحرين لعضوية مجلس الادارة لنفس المنظمة الدولية التابعة للامم المتحدة التي سجل فيها الشكوى العمالية وهي منظمة للعمل الدولية.
في احدى الاجتماعات المهمة اثناء متابعة ملف المفصولين عن العمل و الشكوى المقدمة امام منظمة العمل وجهة سمو الشيخ محمد بن مبارك الكلام لسعادة وزير العمل السيد جميل بن محمد علي حميدان و لي ايضاً وعندها كنت وكيلاً مساعداً لشئون العمل ورئيساً للجنة الثلاثية المعنية بحل ملف المفصولين والمعتمدة من منظمة العمل الدولية وايضاً من اطراف النزاع ، حيث قال سموه " اننا جميعا ًمسئولين عن ارزاق و لقمة عيش هؤلاء المفصولين بل وكل بحريني طالب رزق وباحث عن عمل " ، و قد وجّه بمتابعة حالة كل فرد وعدم إغفال اية حالة لانها تمثل اسرة تحتاج الى من يتابع شئونها ، وقال نصاً " ان الحكومة عملها مساعدة الناس في الحصول على عمل مناسب يوفر لهم الحياة الكريمة ، ولا عليكم من التجاذبات السياسية فقط قموا بواجبك وكلنا يساند هذا العمل " لقد كان لهذا التوجيه في تلك الفترة أثر كبير حيث ان مجرد التواصل مع فئة العمال المفصولين كافياً كي يجعل اي شخص وخصوصاً المسئولين في موضع شك في الولاء الوطني ، اما سمو الشيخ محمد فقد كان ينظر لابعد من ذلك و يعتبر الجميع محب لوطنه و نقاط الخلاف يمكن تسويتها وتقريبها وفقاً للقانون و حسن النوايا.
كما ان سمو الشيخ محمد بن مبارك تأثر كثيراً بمرحلة عمله قاضياً ، فألقى ذلك الوقار في سلوكة ، كما جعله يقدم القانون على اية ميول او مواقف شخصية يتخذها ، واذكر هنا ان احد مسئولي الشركات الكبيرة كان متعسفاً وشديدا مع النقابة العمالية في شركته بسبب المواقف السياسية المعارضة من جهة و اختلاف النقابة مع توجهات وسياسات ذلك المسئول من جهة اخرى ، الى جانب اصطفاف بعض اعضاء تلك النقابة مع الجمعيات المعارضة وتعاطفهم معها ، لكن سموه قال " هذا ليس عملنا فنحن لا نتخذ مواقفنا بناءً على ردود الفعل بل على اساس القانون ، ويجب ان لا نسمح لاحد ان يأخذه الحماس فيكسر القانون " ، وقد وجهة سموه في وقتها بالحديث مع مسئول الشركة وإعطاء النقابة كامل حقوقها وفقً للقانون.
ومن مفاصل الحياة المهنية لسمو الشيخ محمد بن مبارك عمله مديراً لدائرة العلاقات العامة ومديراً لدائرة الإعلام ، وليس سراً بان سموه في مختلف فترات الحياة السياسية البحرينية قد احتفظ بعلاقات ممتازة مع جميع المكونات السياسية في البلد بما فيهم المعارضة ، حيث انه من الشخصيات القليلة في البحرين التي استطاعت ان تحافظ على اتزانها في اصعب الاوقات.
ختاماً ان سمو الوالد الشيخ محمد بن مبارك ال خليفة قامة وطنية كبيرة و عمود من اعمدة الحكمة و الاعتدال السياسي و الفكري في البحرين و الوطن العربي ، نسأل الله ان يحفظه و يطيل عمره و ينعم به البحرين و نستنير بفكره و رؤيته الحكيمة.