DELMON POST LOGO

على خفيف .. البحرين غير .. وغير

الكاتب

بقلم : علي صالح

في الوقت الذي يعاني فيه العالم من غلاء الاسعار وارتفاع التضخم و تباطئ الاقتصاد وشح المواد الغذائية المنتجة محليا والمستوردة .
وفي الوقت الذي تتسابق فيه الدول والوكالات المتخصصة على نشر البيانات المالية والاقتصادية ومصارحة الشعوب بكفاية الانتاج والاستيراد ومدى القدرة على الصمود .
وفي هذا الوقت الذي تتحدث فيه الدول عن انعكاسات الهجوم الروسي على اوكرانيا وتأثير ذلك على توفر الحبوب والقمح بصفة خاصة كمادة غذائية اساسية تنتجه الدولتان المتحاربتان بحوالي 60 % على مستوى العالم وادى انقطاع المستورد منه الى ان تعاني دول وشعوب من الجوع والاحتجاجات وسقوط حكومات ..
في هذا الوقت الذي يتطلع فيه شعب البحرين الى حكومته مترقبا ان تخرج عليه ببيانات مالية واقتصادية مدعومة بالارقام تشرح انعكاسات هذه التطورات على الاقتصاد الوطني وعلى احتياجات المستهلك وعلى الاسواق من حيث الانتاج والاستيراد وارتباط كل ذلك بمداخيل المستهلكين من عمال وموظفين ومتقاعدين وهم الذين اشتكوا ولازالوا من استمرار غلاء الاسعار وارتفاع التضخم .
في هذا الوقت تخرج علينا الحكومة في ختام احتماعها الاسبوع الماضي بقرار مقتضب وغامض ومتحفظ تقول فيه : ( وجه المجلس بمواصلة تبني المبادرات التي تكفل تحقيق الامن الغذائي في المجالات الزراعية والحيوانية والبحرية وتزيد حجم المنتج الوطني بما يكفل تأمين الغذاء واستدامته وسلاسل الامدادات ، وذلك في ضوء الاطلاع على المذكرة المرفوعة في هذا الشأن من وزير الاشغال والبلديات .
واضاف : فيما كلف المجلس وزارة البلديات ووزارة التجارة بتكثيف مراقبة اسعار المنتجات وضمان توافرهاوفقا لاحتياجات السوق الاستهلاكية ) .
والواضح في هذا القرار خلوه من اي رقم يفيدنا بأي شيئ ويأخذنا الى اي اتجاه ، فهل البحرين تعاني من نقص في المعروض من المنتجات الغذائية في الاسواق وما حجم هذا النقص وفي اي المجالات .
ثم ماهي المبادرات وماهي النتائج المرجوة من الاخذ بها ، وماهي الزيادة المتوقعة من تلك المنتجات وماهي احجام المنتجات الحالية ومن ثم التغيير الذي ستحققه هذه المبادرات ، وما يتضمن تقرير وزارة البلديات ووزارة التجارة عن كميات واسعار المنتجات حاليا ومن ثم الوسائل التي ستتبعها لتخفيض هذه الاسعار وسد النقص في المنتجات الغذائية بانواعها ..
وبما ان قرار الحكومة هذا يخلو من الارقام والمعلومات والتوجهات المحددة والواضحة وهو اسلوب اصيل منذ السبعينيات فاننا لن نتوقع الحصول على اجوبة تفيد المستهلك باسباب وحجم زيادات الاسعار في السوق وعلاقة ذلك بالتضخم المستورد والذي يأتينا مع حوالي 90% من السلع التي نستوردها من الخارج .
فهذه المنتجات ارتفعت في البلدان المنتجة والمصدرة واثر ذلك على حجم توفرها وعلى مداخيل ومصروفات  سكان تلك البلدان ومنها بريطانيا على سبيل المثال التي كادت احتجاجات الناس هناك ان تؤدي الى اسقاط الحكومة  فيما لو كانت الانتخابات الاخيرة تشريعية .
فاذا كان ارتفاع اسعار المستهلك ومعها ارتفاع التضخم قد هزا دولا صناعية كبرى كالولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا ، ودولا نامية وفقيرة كثيرةفي العالم وتداعت حكوماتها الى الاعتراف بحجم الاضرار التي سببتها في الاسواق وعلى مداخيل ومعيشة المواطنين والمستهلكين ، فبأي منطق تكون البحرين وحدها في العالم مختلفة عن تلك الدول وانها لم تتأثر السعار فيها ولم يزد التضخم بدليل عدم وجود رقم واحد بالسلب او الايجاب في قرار الحكومة المذكور ..
وسياسة اخفاء الارقام تملصا من تمل مسؤولية السالب منها قديمة وعادت الى الظهور مؤخرا عند الاعلان عن خطة التعافي الاقتصادي التي لم تبين حجم الضرر ولا الحجم المستهدف بالارقام ، وكذلك خطة التوازن المالي والتي لم تتحقق في موعدها فتم تأخيرها دون ان يدري احد شيئا عن ارقامها الحالية والمستقبلية وماهو تأثير الزيادات الكبيرة في اسعار النفط على موعد تحققها .
وعلى ذكر ارتفاع اسعار النفط والتي تعتمد عليها ايرادات الدولة بنسبة 85% فقد شهدت هذه الاسعار منذ منتصف العام الماضي ارتفاع سعر البرميل الى ما بين 100و 120دولار في حين ان ميزانية الدولة 2021- 2022 تعتمد 60 دولارا للبرميل ، اي ان ايرادات الدولة النفطية قد زادت بنسبة تتراوح بين 80 و 100% ومع ذلك فالبحرين التي هي غير الدول الاخرى المنتجة للنفط في العالم لم تقل كلمة واحدة عن هذه الزيادات ولا حتى ما اذا كانت قد غطت العجز وحققت التوازن المالي قبل عام 2023 كما هو مقرر .
جميع حكومات دول الخليج اعلنت عن تخلص ميزانياتها العامة من العجز واعلنت عن تحقيقها فوائض واين قامت بتوظيفها الا حكومة البحرين الصامتة والمختلفة عن غيرها ، التي تحرص على عدم الاعلان عن اي رقم او تطور يدعوها الى توظيف الزيادات في اسعار النفط والفوائض المتحققة منها في تعويض ابناء شعبها الذين قصمت ظهورهم مضاعفة القيمة المضافة والتطبيق المبالغ فيه لزيادتها ثم الغاء علاوة المتقاعدين وعدم زيادة رواتب الموظفين منذ حوالي خمس سنوات وعدم تعويض المواطنين كذلك عن ارتفاع التضخم الذي تقدره بعض الوكالات المتخصصة بحوالي 4% ومن ثم اسعار المستهلك التي تزيد بصورة متواصلة وبالتوازن مع زيادة اسعار النفط وتطورات الغزو الروسي لاوكرانيا وشح المواد الغذائية وزيادة اسعارها .
وقبل ذلك بعدة سنوات منعنا نشر تطورات اسعار المستهلك من قبل وزارة التجارة وضيقنا الخناق على جمعية حماية المستهلك حتى توقفت واختفت بعد ان كانت ملاذا للمواطنين يلجأون اليها للشكوى من زيادة الاسعار ولحقت بزميلاتها من جمعيات المجتمع المدني التي ادخلت جميعها في عالم الصمت المطبق ، عالم البحرين غير .. وغير ..