DELMON POST LOGO

على خفيف .. تحذيرات وزارة العدل

الكاتب

بقلم : علي صالح

التحذير الذي اصدرته وزارة العدل للجمعيات السياسية بمناسبة قرب انتخابات مجلس النواب  وقالت فيه انه حرصا على التطبيق الامثل لميثاق العمل الوطني ومبادئ الدستور والقواعد القانونية ذات الصلة فان الوزارة تلفت نظر الجمعيات السياسية الى ضرورة ان يكون اتصال الجمعيات بالتنظيمات السياسية الاجنبية بالتنسيق مع وزارة الخارجية ..
الوزارة او الحكومة ارادت من هذا التعميم او التحذير ان تمنع الجمعيات السياسية والمترشحين لهذه الانتخابات من التواصل مع الهيئات السياسية والحقوقية الاجنبية في الداخل والخارج والتداول معها في عيوب هذه الانتخابات والقيود المفروضة على المشاركين فيها من جمعيات وافراد والتي تتعلق اساسا بعدم ديمقراطية هذه الانتخابات .
منع الجمعيات السياسية هذا مرتبط اساسا ومنذ الانتحابات الاولى في عام 2002 بعدم السماح للجمعيات والمنظمات الحقوقية في دول العالم بالمجيئ الى البحرين ومراقبة الانتخابات ومن ثم اصدار تقاريرها الرقابية عن مدى نزاهة تلك الانتخابات وهو ما يحدث في جميع دول العالم الديمقراطية وشبه الديمقراطية ما عدا البحرين التي دأبت على منع حضور المراقبين الدوليين ومنع  تواصل البحرينيين المشاركين في الانتخابات معهم .
والغريب ان الحكومة بتشييدها هذه الاسوار حول العملية الانتخابية تظن انها تنجح في اخفاء ما يدور داخل هذه الاسوار عن الذين يتابعون مجرياتها من غير البحرينيين في الداخل والخارج وهو وهم اشبه ما يكون باعتقاد النعامة ..!
فما يجري في البحرين وغيرها من الدول تتابعه بالساعة والدقيقة البعثات الدبلوماسية للدول الاجنبية وتعرف عنه الكثير من الحقائق والتطورات التي لايعرفها اعضاء وقيادات الجمعيات السياسية والمرشحين للانتخابات ، وبالتالي فان اللقاءات التي تحذر منها وزارة العدل وغيرها من الجهات الحكومية نتائجها لاتعدو كونها تحصيل حاصل .
والامر كذلك ينطبق على الصحافة العربية والعالمية ووكالات الانباء ووسائل التواصل الاجتماعي التي تتابع وتعرف مايجري قبل واثناء وبعد الانتخابات وتنشره ويتداوله المتلقون في البحرين والعالم مما يجعل محاولات الحكومة لحجب الحقائق والمعلومات بشأن الانتخابات او حتى حقيقة الديمقراطية كمن يحجب الشمس بالمنخال .
والسؤال هو لماذا تطلق الحكومة التحذيرات والانذارات في فترة الانتخابات ولماذا تربط هذه التحذيرات بالميثاق والدستور اللذين يخلوان من اي نص يدعم هذه التحذيرات او يبررها ، والجواب يكمن في عيوب الديمقراطية والعملية الانتخابية اللتين تأخذ بهما البحرين منذ عام 2002 .
فالبحرين ليس بها هيئة مستقلة للانتخابات مثل الدول الاخرى تتولى مسؤولية تحديد الدوائر  الانتخابية حسب الكثافة السكانية وبالتالي تقسيمها الى خمس دوائر ينتخب المواطنون في كل دائرة  ثمانية نواب وبحرية اوسع واكثر عدالة ، من حق انتخاب نائب واحد في 40 دائرة وبالتالي تحد من حرية الاختيار .
هيئة مستقلة تقوم وحدها بالاشراف على اجراء انتخابات وضع قانونها مجلس نواب وليس الحكومة التي وضعت ايضا قانون مجلس النواب والشورى وقانون مباشرة الحقوق السياسية واللائحة الداخلية للمجلسين وغيرها الكثير من التي تسمى تجاوزا بالقوانين .
هيئة تدير وحدها الانتخابات النيابية والبلدية وتؤكد على احقية كل مواطن بلغ السن القانونية للانتخاب والترشح ان يشارك فيها بغض النظر عن انتمائه السياسي وموالاته او معارضته للحكومة .
هيئة مستقلة تفتح الابواب امام من يرغب في مراقبة الانتخابات من جهات ومنظمات حقوقية داخلية وخارجية ومن ثم تمكنها من نشر تقاريرها عن سير ونزاهة الانتخابات .
وبالعودة الى تحذيرات وزارة العدل للجمعيات السياسية فانه منذ ان اصبحت هذه الجمعيات تحت مظلة هذه الوزارة وكنف قانونها لعام 2005 والمزيد من التضييق ينهال على هذه الجمعيات باتجاه ان تغلق ابوابها وان تصبح مفلسة وطاردة للاعضاء القدامى والجدد الذين اصبح انتمائهم الى هذه الجمعيات تهمة وحجة مانعة لممارسة دورهم الطبيعي في منظمات المجتمع المدني .
علما بان الجمعيات السياسية في البحرين هي اخوات الاحزاب في الدول الديمقراطية تمثل في تنوعها مختلف اطياف الشعب وتغذي مجلس نواب الشعب بمن يدخلونه على هيئة كتل حزبية تمارس دورها التشريعي والرقابي على اعمال وتصرفات السلطة التنفيذية دون منع ولا عزل ولا تحذير ولاملاحقة .
وما رأيناه على مدى العشرين سنة الاخيرة ان الحكومة بدلا من ان تسد هذه الثغرات في الديمقراطية المنقوصة وان تحقق للشعب مطالبه في خلق ديمقراطية حقيقية ومتكاملة اسوة بالدول الاخرى في الشرق والغرب ، فانها تعمل المزيد من سلب هذا الشعب حقوقه وتطلعه الى الايام والاوضاع الجميله التي لم يره بعد ، بدلا من ذلك تواصل معاملته كقاصر يوجه بالتحذيرات .