للشاعر اللبناني المفتي عبداللطيف فتح الله *
العَفوُ مِن شِيَمِ الكِرامْ .... وَالصّفحُ مِن شَأنِ العِظامْ
وَأَخو الشّهامَةِ من عَفا... عَن قُدرةٍ على الاِنتِقامْ
لَيسَ الكَريمُ بِواجدٍ... وَالحِقدُ مِن طَبْعِ اللّئام
لَولا الجِنايَةُ ما حَلا... عَفوُ الفَتى بَينَ الأَنام
الخَوفُ يَكفي مَن جَنى... عَن ذَوقِهِ طَعمَ الحُسام
ذُلُّ الذُّنوبِ أَمَرُّ مِن ... ذَوقِ المنيَّةِ وَالحِمام
وَرِداؤُها بِئسَ الرّدى ... وَسخامُها بِئسَ السّخام
يا وَيحَ جانٍ قَد هَفا... مُتَرَدِّياً ثَوبَ اِحتِرام
وَالحرُّ يُقبَلُ عُذرُهُ ... مِن غَيرِ صَدٍّ أَو مَلام
وَلَه يقابلُ مِنّةً ... بِبَشاشةٍ ثمَّ اِبتِسام
وَإِلَيهِ ينظرُ مُقبِلاً ... وَيَمنُّ في لينِ الكَلام
وَيَقولُ أَهلاً مَرحبا... وَلَهُ يُحيّي بِالسّلام
وَيَرى تَذلُّلَه لَهُ ... فَوقَ العُقوبَةِ بِالسّلام
وَلَقد رَأيتُ أخا عُلىً ... وَخَدينَ مَجدٍ وَاِحتِرام
في العَفوِ أَكرَم ماجدٍ ... بِالصَّفحِ أَسنى ذي اِبتِسام
يَعفو بِحُسنِ تَفَضُّلٍ ... لا عَجزَ فيهِ عَنِ اِنتِقام
يَلتَذُّ في عَفوٍ كَما... يَلتَذُّ في أَحلى الطَّعام
الضَّيغَمُ اللَّيثُ الَّذي ... مِنهُ الضّياغمُ في اِنهِزام
بَدرُ المَعالي كامِلاً ... عالي المَنازِلِ وَالمُقام
ذو الطالِعِ المَيمونِ في ... فَلكِ السّعودِ عَلى الدَّوام
الجَوهرُ الفَردُ الَّذي ... تَأبى مَحاسِنُهُ اِنقِسام
أَعني العَليَّ اِسْماً وَقَد ... راً ثمَّ جاهاً لا يُرام
مَن لاذَ فيهِ فَإِنّهُ ... بَينَ البريَّةِ لا يُضام
يا أَحنَفَ الحِلم الّذي ... لي حِلمُه أَسنى مَرام
كُن عافِياً كُن صافِحاً ... فَالصّفحُ أَليَقُ بِالكِرام
وَالمُؤمِنونَ فَغَيظُهم ... كَالبَرقِ يَلمَعُ في الظَّلام
إِنّي رَجوتُكَ طامِعاً ... فَاِقبَل رَجائي وَالسّلام
وَاِسلَم وَدُم في عيشَةٍ ... تَأبى مُصاحَبَةَ السّقام
ما فيكَ طابَت مِدْحَتي ... في حُسْنِ بدءٍ وَاِختِتَام
-------------------------------------
عبد اللطيف علي فتح الله مفتي ولاية بيروت في 1830م، وقاضيها الشرعي في 1832م.