بقلم محمد حسن العرادي - البحرين
في المحطات الفاصلة تتوحد المكونات وتلتف حول قيادتها وقضاياها المصيرية، تتجاوز الخلافات فيما بينها، وتتسامى على الرغبة في تحقيق الفوز بالضربة القاضية وحتى بالنقاط، ذلك أن الوطن في هذه المحطات بحاجة إلى تكريس الوحدة وجهود جميع مكوناته من أجل العبور إلى منطقة الأمان ورفعة الشأن بدل الإمعان في الخصام وتبادل اللكمات، أو البحث عن الإنتصارات الجزئية أو المرحلية لهذا الطرف أو ذاك، وليس بالضرورة أن تكون تلك المحطات محطات حزن وكوارث، بل يمكن أن تكون محطات فرح وإعتزاز وإنجاز ، يتبوء فيها الوطن مكاناً أجل وأرفع بين مختلف الأمم.
ولا شك أن إستضافة مملكة البحرين للقمة العربية القادمة واحدة من تلك اللحظات التاريخية الفاصلة، التي نحتاج خلالها لتجميد الخلافات وتوحيد الطاقات من أجل إنجاح هذه القمة وإعلاء شأن البحرين بين الأمم، وإظهارها في أحلى وأبهى صورها، ولعمري أن ذلك مسؤولية عظيمة لا تقع على كاهل الحكومة فحسب، بل إنها مسؤوليتنا جميعاً، مواطنون من كافة المكونات والإثنيات والفئات المجتمعية، وصولاً الى كافة المؤسسات الرسمية والشعبية وأولها مؤسسات المجتمع الأهلي والمدني بكافة أشكالها واختصاصاتها.
مطلوب منا جميعاً أن نكون يداً واحدة تصافح ضيوف البحرين وتقدم لهم صورة إيجابية عن هذا الوطن الصغير جغرافياُ الكبير بتطلعاته وطموحات قيادته وشعبه، مطلوب منا جميعاً أن تكون صدورنا واسعة لإستقبال أحبتنا بقلوب تنبض بالمحبة والعمل وتحمل أجمل الأمنيات، من أجل نجاح هذه القمة، وأن نساهم في تحقيق ذلك كلُ من موقعه وإمكانياته، والبداية تكون بتجميد الخلافات أياً كان نوعها، والمطالب أياً كانت مُبرراتها ومشروعيتها واهميتها قبل القمة وخلال إنعقادها.
ولنا أن نتصور بأن أيام القمة القليلة، ستكون أيام فرح وإعتزاز وتكاتف ورسم ذكريات متميزة لبلادنا أمام الوفود المشاركة في هذه القمة من كافة الدول العربية ودول العالم، ولا شك أن نجاحنا في تحقيق بصمة إيجابية مميزة أمام أشقائنا العرب، ملوكاً ورؤساء وأمراء وقادة ومسؤولين وإعلاميين ومرافقين ومراقبين لفعاليات هذه القمة، سيكون إنجازاً يُضاف إلى سجل مملكة البحرين قيادة وحكومة وشعباً، فتعالوا نحتفي بهذه القمة وفعالياتها أيما إحتفال.
خلال هذه الفترة التي تسبق إنعقاد القمة المتوقع التئامها في النصف الثاني من هذا الشهر مايو 2024 ، ستُسلط الأضواء الإعلامية والسياسية على مملكتنا الغالية، وستعج بلادنا بعشرات إن لم يكن مئات من الوسائل الإعلامية وممثلوا الصحافة العالمية من كافة أصقاع الأرض، المطلوب هو أن ننقل لهؤلاء صوراً إيجابية عن بلادنا، أن نبتعد عن المناكفات السياسية والمجتمعية وإثارة الخلافات والشكاوى مع حكومتنا، وأن نجمد كل ذلك بعيداً عن المشاركون في القمة، خاصة ونحن نعلم بأن جميع الملفات يمكن حلها فيما بيننا بالحوار والتواصل وتعزيز الثقة، وأن المشاركين في القمة لن يكونوا أكثر قدرة منا على حل مشاكلنا.
في القمة العربية القادمة، نحن مطالبون بوقف نشر خلافاتنا، وإستبدالها بالوقوف صفاً واحداً خلف قيادتنا المتمثلة في جلالة الملك المعظم حفظه الله وولي العهد رئيس الوزراء بعيداً عن أية مناكفات وإحتجاجات ومطالب سياسية وإقتصادية وإجتماعية، وأن نؤجل كل ذاك لما بعد القمة التي لن تسغرق وقتا طويلاً، فإذا إكتمل إنعقاد القمة وأتت أُكلها بالخير واليُمن والبركات، بنينا على الشيء مقتضاه، وإتجهنا لفتح القنوات الحوارية مع قيادتنا التي ستكون على رأس القمة العربية في الفترة 2025/2024 باحثة عن خير الأمة العربية وسؤددها.
ومهما كانت الملفات العربية التي ستطرح على طاولة القمة العربية القادمة، فإننا كبحرينيين سيكون لنا الدور البارز في إدارتها والتعاطي معها بالحكمة والروية والحصافة، وحين يكون جلالة الملك المعظم حمد بن عيسى آل خليفة حفظه الله رئيساً للقمة العربية، فإننا كمسؤولين ومواطنين بحرينيون سنكون عوناً وسنداً لجلالته ولحكومته من أجل إنجاز تاريخي عربي يساهم في حل الملفات العالقة ويعزز الوحدة العربية على كافة المستويات.
إنها دعوة للجميع ساسة وقيادات مجتمع ورجال دين ونشطاء من مختلف المشارب والمؤسسات الرسمية والأهلية، لأن نضع على عاتقنا مسؤولية إنجاح القمة العربية في البحرين، ولنا أن نفخر ونعتز بترؤس بلادنا لأكبر مؤسسة في الوطن العربي، ومنذ اللحظة يجب علينا أن نُعيد صياغة خطاباتنا وكتاباتنا وتغريداتنا ونقاشاتنا ونوحدها في سبيل تحقيق الهدف الأسمى بإنجاح القمة العربية ومؤازرة بلادنا خلال فترة الإنعقاد والرئاسة والله من وراء القصد.