DELMON POST LOGO

ليلة حداد – هكذا تكلم الأصدقاء وهكذا تناغم حداّد

- تجارب الاعمال المشتركة مع حداد ، في المقاربات الوطنية والإخراج والنصوص والفنون التشكيلية  والمسرح والسجون

- هكذا تناغم حداد مبدعاً في اضاءاتهم ، وسأتلو عليكم من سجنة ذكرا

كتب – عباس هلال

- في ليلة حالمة من ليالي منتدى عبد الرحمن كانو الثقافي ومع كوكبة من أصدقاء حداد ، في الاضاءات المحفورة في قلوبهم وصدورهم ، وفي تقديم أنيق من الأستاذة جمانة القصاب ، وفي حضور نخبوي مشتاق تدفقت الأمسية في مقاربات وطنية وابداعية بحنين وأنين مسيرة حداد على مدى اكثر من نصف قرن .

- بدأ اللقاء بمقطع غنائي بنص من شعر حداد على انغام عزف العود من قبل الفنان حسن حداّد ، وبعده تحدث شقيقه ابراهيم حداد في مدار الاخ والاب ورمزية حداد العائلية فسوسن دهنيم عن علاقتها العائلية ومن ثم الأستاذ جمال فخرو في تجربته ومقاربته الوطنية وبعض المحطات في مشروعات حداد الأدبية ، ثم تحدث الفنان تؤأمة الأمين أمين صالح صاحب الوردة الراقصة عن اعماله المشتركة مع حداد ، والهام حداد في فنون الفنان خالد الهاشمي ، وتفكيك شعر حداد ومفاتيحة في نص القلعة وبعض الاعمال المختارة من قبل الكاتب عبد الله جناحي ، وتألق الإخراج في نصوص حداد للمسرحي خالد الرويعي ووجد وتهدج حداد في ظلام السجون وأدب السجون عباس هلال

- سبق الجميع قراءة كلمة صديقة ورفيقة وحبيبة وعضيدة حداد موزة الشملان ام طفول – مقاربات فيها شوق ولهفة نابعة من قلوب صادقة طغى عليها الفخر والمعزة والاعزاز بقربها من تجربة حداد ، اضاءات واضافات لها ومنها وعليها حنين المسافات مع وعي وحلم قامة أدبية وشعرية لها اشعاعات وطنية وقومية وإنسانية لامست الوان قوس قزح حداد في سماء الوطنية والسماوات العربية ، صال حداد وجال في تناغم حميم معها

- سأتلو عليكم من سجنه ذكرا لم تكن تجربة البشارة ومن بعدها خروج راس الحسين من المدن الخائنة مريحة وسهلة، رغم مضي اكثر من عقدين على بداية الشعر الحر للسياب والبياتي ونازك الملائكة، واكثر من عقد على تجربة مجلة شعر في بيروت، 1957 ادونيس ، يوسف الخال،  الماغوط، انسي الحاج، وتجربة قباني الرومانسية ،وعذابات وثورية مظفر النواب.

تزامن حداد مع شعر المقاومة الفلسطينية الحديث والغنائي، محمود درويش ، راشد حسين، المناصره ، سميح القاسم وغيرهم ..وليس غريبا الصدود والمقاومة ضد الشعر الحر الحديث، فقبل اكثر من الف عام عند ابتداع ابوتمام والبحتري البديعيات في الشعر، قال ابن العربي اذا كان هذا شعرا فما قالته العرب باطل !! ، وما اشبه ذلك اليوم بمرحلة بدايات حداد. تكررت اللقاءات مع حداد في بيروت والبحرين حاملا على كتفه بشارة عمره الثانية طفول ” ومنذ وقت السجون ونحن نحتفل بعيد الميلاد 2 مايو ” .

التزام السياسة .. والتزام الفكر والحلم .. عاش حداد بداية وعيه السياسي منذ منتصف الستينات في حركة القومين العرب ، ومابعدها من تحولات الى الفكر اليساري وما بعد هزيمة السادس من يونيو – حزيران 1967 والتي مرت ذكراها  !!!  

بعد تجربة اعتقال 1973 وما بعدها والتي كانت محطة الفصل بين الالتزام الحزبي الضيق لشاعر واديب ، وبين الالتزام الاوسع والاجمل ، التزام الفكر – والوعي والحلم . وشاءت الاقدار ان نلتقي في فجر 23 اغسطس 1975 في ضربة الاعتقالات الاستباقية لحل المجلس الوطني – البرلمان – معه ومع كوادر اليسار ، وكنت اكثر قربا في سجن جده وفي زنزانة واحدة معه بالاضافة الى الشاعر الصديق علي الشرقاوي وحسن احمد ابراهيم ” الدكتور حسن احمد من الديه ” وفي الفنس المفتوح، اتاح لي شبعا من الشغف في تجربة حداد بشكل خاص والشعر الحديث بشكل عام ، وباكمال اخر قصائده التي تسربت للخارج في ديوان الدم الثاني سبتمبر 1975 ، والاعلان عن طباعة الديوان لدار الغد المملوكة للشاعر علي عبد الله خليفة مقابل نادي النسور في شارع المعارف في فبراير 1976 .والى تجربة سجن سافرة ايضا شاءت الاحوال ان تكون اغلب مدة سجن سافرة مع حداد في زنزانة (2) قلعة سافرة، رغم التنقلات المكوكية الى الصنادق الخشبية ، تغيرت الاحوال في سجن سافرة واولوياته بعد 2-12 ديسمبر 1976 باستشهاد محمد غلوم بوجيري والشاعر سعيد العويناتي والذي هو الاخر تعلن دار الغد  عن ديوانه اليك ايها الوطن اليك ايتها الحبيبة مترافقة مع الدم الثاني لقاسم حداد فبراير 1976 – دار الغد.

اشتعل لهيب عنفوان وتوهج المعتقلين في وحدة موحدة سياسيا ووجدانيا، وفي فجر السابع من فبراير1978 وفي زنزانة قلعة سافرة (2) صدح حداد بقصيدة الشهيد، قال لي وانثنى / عبرت جميع المذابح امشي / وراء الضحايا انا .. الخ .

اوقدت انين وتوهج السجون واستحضار شهداء السجون الفلسطينية من خلال ادبيات وقصائد محمود درويش والمناصرة والقاسم وراشد حسين ” ليتني كنت طليقا في سجون الناصرة ” بعد كمب ديفيد ، ومثل ذلك في السجون العربية وشهداءها في قصائد الجواهري ، ومظفر النواب ونجم وغيرها ، وادب السجون في قصائد الشاعر الصديق علي الشرقاوي ، وقصص وروايات المرحوم عبد الله خليفة وقصص ونمنمات ابراهيم بشمي.

قلب الحب .. كعب عالي ونوم قصير القامة  ! ..فأر السهرة !! يلهث كالسهم خلف هدفه .. يلهث كالحقيبة في الاسفار .. جاءتنا ولادة قلب الحب بالغناء والتنوع . ليل حداد وما ادراك ما ليل حداد في زنزانة (2) ، هائما في غابات الليل .. يخرج زوادة اوراقه من فرشة نومه ويكتب في ظلام ! الا من ضؤ القمر الفضي المتسلل للزنزانة، يخلع حداد الحداد عن المدن بزينة رومانسية قلب حبه ، يلقن الشعر درسا في العشق!.

*  ارعشت قصائد قلب الحب القصيرة لهيب العشق في المعتقلين، وزانت وازدانت وتزينت رسائلهم الشهرية الى احبائهم باضاءات قمرية !! .قلب الحب وجنون الحب وحنين وانين الحب، ولقلب الحب مفارقة وتجربة فريدة لنا، عشنا الولادة لها والحفظ والتهريب والتسريب في سجن سافره، عادت لنا بعد اطلاق سراح حداد من سجن جو في 19 يوليو 1979 ، نعم عادت لنا في ديوان قلب الحب اصدار دار الفارابي  بيروت 1980 !!! ، طرأت الفكرة هل نهَرب ديوان قلب الحب خارج السجن ؟!! ام ان نعكس الاية ؟ يهربنا !! ردا للجميل !!؟.

يتكىء على الوجد .. ويخرج من التهدج .. ثم اطلاق سراح قاسم حداد في 19 يوليو 1979  مع مجموعة من الرفاق  وتم اطلاق سراحي في 2 اغسطس 1982 ، كان لقاءنا العائلي ذات الاسبوع في شقة حداد في مدينة عيسى خلف سينما الاندلس سابقا .. واستمرت لقاؤاتنا في شقتنا في ام الحصم وفي بيتنا في منطقة ابو غزال ، وبيت حداد في مدينة حمد  دوار رقم واحد ، وتوالت الايام ودواوين حداد الشعرية تترى ، كان لقاء حداد في سبتمبر ايلول 1994 في دمشق فرصة وجدانية ، وفي سهرة.

الربوة على نبع نهر بردى مع المرحومه ام اسامة وعبد النبي العكري، ولازال عبق الياسمين يعطرنا، طرح حداد فكرة ايجاد موقع الكتروني ادبي لدواوينة وكتاباته، التقينا بعد عام في جلسة غير ساهرة ! بفندق الدبلومات حول الموقع الالكتروني لحداد ودعمه ورعايته، هكذا تحولت تجربة حداد .. يلهث كالسهم خلف هدفه .. والذي كان وراقا ويعشق الورق والوراقين . كما امتدت اغصان الشجرة لفنون مشتركة، فهو مسرحي يعشق المسرح ومن المؤسسين لمسرح اوال ، واسرة الادباء والكتاب 1970 ، وجناحه الثاني امين صالح وفي وردته الراقصه هنا ! ، وابداعات شعرية رفيعة كما في مجنون ليلى مع ضياء العزاوي ، واشعاره الغنائية مع الفنان خالد الشيخ والفنانة هدى عبد الله وخالد الهاشمي والمخرج خالد الرويعي .

كما تعددت وكثرت مهرجانات التكريم لحداد، في ارجاء عواصم الثقافة العربية والعالمية ، ولعل يوم السادس عشر من فبراير 2020، في الامسية المشهودة والجميلة يحتفل بالاسرة بعيدها الخمسين وتحتفل الاسرة بعيده الخمسين، يدور في فلكها وتدور في فلكه، ولم يدر بخلدنا ان هذه الامسية العامرة سوف يتوقف عندها الزمن طويلا حتى انكسار جائحة الكورونا !!.

لم يدافع حداد عن تجربة وعيه وحلمه وانما وبمزيد من الابداع هاجم من اجلها ! .كما تكللت تجربة التفرغ الادبي ، وتجربة الكتابة والبحث في فضاءات عالمية ” تجربة برلين ” الى قوس قزح عالمي .هكذا تكلم حداد، يبدو صامتا  ملتحفا بهدء الوانه الرومانسية، يحسبه البعض غرور اللؤلؤ !! لكنه شفافا كجناح فراشة مهيبا كجناح نسر .

هكذا تكلم الأصدقاء وهكذا تناغم حداد وهكذا تحدث رفيق بداياته وصديقه الاعز الشاعر الكبير علي عبد الله خليفة ،

شكرا لكافة المشاركين وشكرا لمقدمة اللقاء الأستاذة جمانة القصاب الرقيقة الأنيقة الباسمة والمبتسمة وشكرا لمنتدى عبد الرحمن كانو الثقافي وشكرا للجمهور الصديق . هكذا تكلم حداد واثق الخطوة يمشي ملكاً .. طالب الحسن شجي الكبرياء.