DELMON POST LOGO

عبد الوهاب العريض يتألق شعرا في كولومبيا "بقراءة ثلاثين قصيدة "..وبـ"إذا انطفت فلسطين انطفأت البشرية"

كتب: رضي الموسوي

مُبسملا بأسم فلسطين، ومؤكدا عشقه للأرض التي يواجه أبناؤها إبادة تفوق في بشاعتها وألمها ووجعها وحجمها كل مجازر التاريخ الحديث ومذابحه، تألق الشاعر السعودي عبد الوهاب العريض بقصائده في المدن الكولومبية على مدار سبعة أيام للدورة الرابعة والثلاثين لمهرجان ميدلين الدولي للشعر في كولومبيا.

وجه العريض تحية للشعب الكولومبي "على مواقفه الرائعة تجاه قضايانا العربية"، وتحية أخرى لمنظم المهرجان فرناندو على مواقفه تجاه القضية الفلسطينية.

في أقصى شمال جبال أنديز في كولومبيا، حيث يحتضن وادي "أبورا" ثاني أكبر مدينة في كولومبيا "ميدلين"، صدح العريض بعدد من القصائد في خمس أمسيات قرأ خلالها ما يقارب 30 قصيدة قام بترجمتها الشاعر الدكتور عبدالهادي السعدون وهي من ديواني (محبرة تنتحب و بإسنان صاغها الليل) ومن بين تلك القصائد نص "بجسده الضارب في الاحلام":

"ما بينَ القبيلةِ ومطارحةِ الغرامِ على وسائد أوروكْ

تقذفني الأساطيرُ بينَ هاويتينِ، وجرف نهر في حبٍ غائرْ.

أغسلُ جسدَ الطفلِ علَّ الماءَ يعودُ للجريانْ.

أسدلُ الشعرَ، وأعوي

ربما أتعثّرُ بصوتها القادمِ من أعلى الجبالْ!".

**

ثمانون شاعرا من 40 دولة من مختلف دول العالم، تنقلوا في المناطق والمدن الكولومبية، صدحوا شعرا بمختلف اللغات، وكان المتلقون يتذوقون انسياب القصائد من شفاه القادمين من وراء البحار ويتمايلون على موسيقى الشعر المتدفق من حناجر الحالمين بغدٍ أجمل. امتد المهرجان بين 13-20 يوليو الماضي والشعر يبعث صداه اللامتناهي في آفاق السماوات..يصدح العريض:

"الكفُ المسندةُ على الجدارْ

رائحةُ العربةِ المهترئةِ

سيدةٌ تلقي بتعاويذها على الطفلة كي تدخل العربةْ

وسائسُ الليلِ يكسرُ حوافرَ الخيلِ على قرعِ الطبولْ

الطفلةُ لا تعرفُ البكاءَ

ولا تحملُ عيناها ابتسامةَ البراءةِ

وفي يديها دميةٌ ومساميرْ.

تدقُّ مسمارها الأولَ في صخرةِ الطريقْ

تبرقُ العيونُ خلفَ السماءْ

ترتعدُ فرائصُ الليلِ على نسيجِ البحرِ المتهدّلِ خلفَ النهارْ

وما كانَ أبي خلفَ الوادي ينتظرْ

ولا الذي غادرَ المقعدَ قبلَ حلولِ الظلامْ".

**

فلسطين التي تدمي على مدار الساعة منذ 76 عاما، تدفق دمها منذ السابع من أكتوبر 2023 على الخريطة الجريحة التي انتزعها غربان البين من أهلها ذات صباح. فلسطين حضرت في المهرجان بنداء "الحركة الشعرية العالمية" مساندة لشعب فلسطين، و"إلى الضمير العالمي، كي يتحمل كافة مسؤولياته من أجل التضامن مع فلسطين، ومساندة الشعب الفلسطيني في قضيته العادلة، وإلزام قوات الاحتلال الإسرائيلي بالتوقف عن ارتكاب المجازر ازاء هذا الشعب الذي يعيش منذ السابع من أكتوبر 2023م وحتى اليوم، معركة وحشية غير متكافئة، ويعاني من أفظع أنواع الجرائم التي ارتكبت في القرن الحالي، وأشرس الهجمات التي شنتها قوات الاحتلال الإسرائيلية عليه، فهذه الحرب الغاشمة التي امتدت منذ ستة وسبعين عاماً، هي من أفظع الحروب التي شهدتها البشرية، والتي خضع خلالها الشعب الفلسطيني لعنف غير مسبوق، تمثل في التعذيب، والتهجير، والتجويع، وتدمير المنازل، والمرافق الضرورية للعيش". ودعا بيان الجبهة الثقافية العالمية لدعم فلسطين التي انطلقت بالشراكة ما بين اتحاد الكتاب الفلسطينيين والحركة الشعرية العالمية "لاستعادة الحقوق والقيم الانسانية التي يدوسها الاحتلال الاسرائيلي.. (..) فإذا انطفت فلسطين انطفأت البشرية".. يواصل العريض تألقه:

"نسوةٌ مصحوباتٌ برجالٍ فاقدي الملامحْ

تَحَلّقْنَ حولَ طاولةٍ أضاءها غائبٌ بجسدهِ الضاربِ في الأحلامْ

أسقطَ المشاعلَ

وراحَ يهذي في طريقِ العبورِ بكلماتٍ أخرجها من فمِ العابرينَ، ليسنُدَ كفّهُ على صغيرهمْ ويرحلْ.

**

خائفاً من خطواتي

تقودني المساراتُ نحوّ عزلتي التي أحتمي بها مني

أحملُ في سترتي تعويذةً وبعضَ (عظام)

أحملُ بينَ أصابعي أسماكاً جفّفها التاريخُ

وقذفتها السواحلُ على شكلِ (حوريّاتِ البحر).

أتبعُ الليلَ وأذهبُ إلى سفحِ الجبلِ حاملاً هواجسَ النسيانِ بداخلي

لأفقدَ الذاكرةْ!

**

ما بينَ الأراضي القاحلةِ والأكواخْ

وقف بستانيٌّ، يحاول استخراج الماء في الصحراءْ

لا النهرُ عادَ، ولا الطفلةُ خرجتْ من أعماقهْ

فجفّتِ الأغصانُ من ذاكرةِ الجريانْ".