DELMON POST LOGO

14 اغسطس ، أب ، استقلال البحرين 1971 .. بناء الدولة وقوة الدفع للمجتمع المدني والسياسي ( 3-3 )

- بوفاء من الشعب و اخلاصه دخلنا عهد الاستقلال وقد قطعنا على أنفسنا عهدا و أعطينا لشعبنا وعدا بأن نشركه بتحمل أعباء الحكم... ألخ – الخطاب الأميري - خطاب دستوري سياسي رفيع

- في 15 يونيو حزيران 1974 نقابة المحامين بيت الفرسان وطليعة المجتمع المدني استمرت دون ترخيص حتى مارس 1977

كتب:  عباس هلال*

- بعد استكمال الجلسة الافتـتاحية الإجرائية للمجلس التأسيسي وانتخاب مكتب المجلس برئاسة الاستاذ ابراهيم العريض تم الاتفاق على عقد جلستين في الاسبوع السبت والثلاثاء،  وفي بداية الجلسات جرى نقاش عميق حول الفقرة هـ من الدستور " للمواطنين حق المشاركة في الشؤون العامة والتمتع بالحقوق السياسية بداء بحق الانتخابات وذلك وفقا للدستور والشروط والاوضاع التي يبنيها القانون" حيث اثار الكثير من الاعضاء اضافه - المواطنين ذكور واناث - لكن رد الحكومة ان كلمة او تعبير المواطنين تشمل الجميع لغة وفقه ، وتم اقرار الفقرة كما هي رغم عدم موافقه وتخوف و توجس بعض الاعضاء في ان ما يعطيه الدستور من الباب سوف يسلبه القانون من الشباك !!!

بشان ذيل الفقرة وفقا للشروط والاوضاع التي يبنيها القانون و رغم تطمين الحكومة لكن رد جاسم مراد في حينه لا تحسبان حتى تقبضان !! وهذا ما حدث لاحقا ، حيث اقتصر حق الانتخاب والترشيح على المواطنين من الذكور .

- كان بالمقابل الموازي مطالبة الجمعيات النسائية والمدنية والحراك السياسي في المطالبة بهذا الحق وبقيه حقوق المرآة في الاحوال الشخصية و الاحوال المدنية كما اكد الاعضاء على التمسك بما جاء في المسودة تكفل الدولة حق العمل وعدالة شروطه ومثل ذلك الاسكان ردا على محاولات تغير الصياغة !!!

- كما جرت حوارات ومداخلات وطنيه وديمقراطية بشان باب الحريات لان رغم نصوص الدستور عليها الا ان موادها تنتهي بعبارات ينظمها القانون او ما لم تكن مخالفه للنظام العام وهذا من شانه ما اعطاه الدستور من الباب تأخذه عبارات وفقا للقانون او النظام العام من الشباك!! وتضعف رقابه الراي العام التي لا شك في ان الحكم الديمقراطي يأخذ بيدهما ويوفر مقوماتها وضماناتها ويجعل منها مع الزمن العمود الفقري في شعبية الحكم ، وهذه المقومات والضمانات في مجموعها هي التي تفيء على المواطنين بحبوحه من الحريات السياسية لهم ( المذكرة التفسيرية للدستور الكويتي 1962 ) وحول نفس المواد  ننظر استطراد المذكرة التفسيرية الرائع.. وفي جو مليء بهذه الحريات ينمو حتما الوعي السياسي ويقوي الراي العام ، وبغير هذه الضمانات والحريات السياسية، تنطوي النفوس علي تذمر لا وسيلة دستوريه لمعالجته وتكتم الصدور آلاما لا متنفس لها بالطرق السلمية فتكون القلاقل ويكون الاضطراب في حياه الدولة، وهو ما اشتهر به النظام الرئاسي في بعض دول امريكا اللاتينية، وما حرص الدستور على تجنبه وتجنيب الكويت اسبابه. انتهى الاقتباس.. تأصيل بديع يستشرف الابعاد الاجتماعية والسياسية للحريات العامة ويظهر مآثرها الايجابية.

- بعد الانتهاء من اقرار مشروع الدستور ، صدق عليه امير البلاد - طيب الله ثراه - و اصدره ، حيث جاء التصديق في مقدمه الدستور واذا نتطلع بإيمان وعزم الى مستقبل قائم على الشورى والعدل حافل بالمشاركة في مسؤوليات الحكم والإدارة ، كافلا للحرية والمساواة موطدا للإخاء والتضامن الاجتماعي .. الخ ... صدقنا على هذا الدستور و اصدرناه.

- وفي 11 يونيو 1973 صدر المرسوم الاميري رقم (10) بشان احكام انتخاب المجلس الوطني ، يتألف المجلس الوطني من ثلاثين عضوا، ينتخبهم الشعب بطريقه الانتخاب العام السرى المباشر، ويكون الوزراء اعضاء في المجلس الوطني بحكم مناصبهم. وفي 16 اغسطس 1973 صدر قرار رئيس الوزراء بشان الدوائر الانتخابية، كما صدر في اليوم ذاته قرار وزير البلديات والزراعة بشان مواعيد الطعن.

- في هذه الفترة صدور مجلة المواقف ومن خلال الحوارات والمداولات السياسية كان موضوع المشاركة والمقاطعة بارزا على السطح- فيما حسمت جبهه التحرير امرها بالمشاركة تعرضت الجبهة الشعبية لضربه اعتقالات تنظيمية قاسيه فيما بقى قادتها في زخم الثورة في ظفار عبر دعم الجبهة القومية في عدن حيث نالت اليمن الجنوبي استقلالها في 1967 و وفقا لما ذكر في الكتاب الابيض و قرار مجلس العموم بعد البيان الشهير لرئيس الوزراء هاورد ولسون لذلك. ومن الناحية العلمية و السياسية تكون مقاطعه الجبهة الشعبية لانتخابات المجلس الوطني وليدة الواقع حيث كان جل كوادرها البارزة في المعتقل وتداعياته.

- في 7 ديسمبر 1973 اجريت الانتخابات، تنافس فيها 114 مرشحا ، وبلغ عدد المسجلين في الجدول الانتخابي 27 الف ناخب مقارنه ب 22 الف ناخب في جدول الناخبين للمجلس التأسيسي ، وفي فجر اليوم التالي كان صوت ابراهيم كانو الجهوري يتلوا اسماء الفائزين من الإذاعة وهم:

رسول الجشي  759 ، خالد إبراهيم الذوادي 691 عبد الهادي خلف711          ، حسن الجشي 582 ، محمد سلمان أحمد حمد  288، محمد عبد الله هرمس  304، محسن حميد المرهون  221، علي صالح الصالح 468 ، حمد عبد الله أبل 311 ، علي إبراهيم عبد العال 207، عبدالله علي المعاودة 580 ، جاسم محمد مراد 596 ، علي ربيعه573 ، محمد جابر الصباح  341 عيسى حسن الذوادي  557  ، إبراهيم محمد حسن فخرو  488 ، خليفة بن أحمد آل بن علي 388، عبد الله منصور عيسى  650

مصطفى محمد القصاب 665 ، علوي مكي الشرخات 633 ، عبد الله محمد المدني771 ، عيسى قاسم1079، عبد الأمير الجمري  817   ، عباس محمد علي 324  ، يوسف سلمان كمال 359 ، عبد العزيز منصور العالي 631 ، حسن علي المتوج ،585 ،سلمان الشيخ محمد 495 ، إبراهيم بن سلمان آل خليفة  572 ، خليفة الظهراني 250، تسلسل الاسم بداية من العاصمة وانتهاء بالرفاع .

- في 16 ديسمبر 1973 كانت جلسه الافتتاح للمجلس الوطني بخطاب لسمو امير البلاد- طيب الله ثراه- جاء فيه.. بوفاء من الشعب واخلاصه دخلنا عهد الاستقلال وقد قطعناها على انفسنا عهدا، واعطينا لشعبنا وعدا بان نشركه في تحمل اعباء الحكم وان نعمل على تطوير الديمقراطية وحكم الشورى ، وان نحكم البلاد حكما دستوريا مبنيا للحقوق معنيا على الواجبات، فاصلا للسلطات الثلاث ، مؤكدا على تعاونها ، قائما على العدل ، موطدا للاخاء كافلا للحريات، خطاب دستوري سياسي رفيع.

- بعدها بدأت الجلسة الإجرائية حيث رشح النائب ابراهيم محمد حسن فخرو ، حسن الجشي للرئاسة وثـنى عليه جاسم مراد وفاز بالتزكية.

- كما تعادل خليفه البنعلي وجاسم مراد في الاصوات لنائب الرئيس فتمت الإعادة طبقا للمادة 54 من الفصل الثاني من الدستور وفي الجولة الثانيه فاز خليفه البنعلي بـ 23 صوتا مقابل ال21 صوتا ( وبعد اقل من شهر علق الوزير الشيراوي قائلا ما حسبناها وكان الافضل ان يكون جاسم مراد نائب للرئيس حتى يبقى صامتا..!!)

- وفاز النائب عبد الله المدني بأمانه السر ب 26 صوتا مقابل 18 صوت عليها الدكتور عبد الهادي خلف، وبعد ذلك القى رئيس المجلس الاستاذ حسن الجشي كلمته الترحيبية وتمت قراءة المرسوم الاميري رقم 2 لسنه 1973 بشان تشكيل الحكومة الجديدة وتم رفع الجلسة الى الاحد 23 ديسمبر 1973. واهم المحطات في دور الانعقاد الاول 1- تم الطعن امام محكمه الاستئناف العليا بعضوية الدكتور عبد الهادي خلف بدواعي عدم بلوغه السن القانوني (30) سنة وقت الترشيح ترافع عنه المحامي النائب محسن مرهون والمحامي النائب خالد الذوادي ،حكمت المحكمة بإسقاط عضويته وحل محله حسن الخياط 2-  تم طرح قضية المعتقلين وكان اول المتحدثين جاسم مراد وكتلة الشعب والوسط انتهى الامر بالاستجابة الحكومية لرغبة البرلمان فيما تم ترحيل مراد عبد الوهاب القيادي الطلابي والسياسي البارز ( بكالوريوس اقتصاد من كليه الإدارة والاقتصاد جامعة بغداد 1971) الى سلطنة عٌمان بدواعي تمتعه بالجنسية العمانية، تبنى النائب البارز رسول الجشي سؤال وزير الداخلية وبعد رد و تأجيل ورد الرد ، قضى مراد في سجن الجلالى حتى مطلع الثمانينات ، وشكل اطلاق سراح المعتقلين تخفيفا من وقع الضربة العنيفة واتاح إعاده تشكيل الجبهة الشعبية في البحرين من خلال كوادرها في بيروت والكويت وبغداد بقوه و دفع اكبر فيما استقر قادتها في دمشق بعد دخول الجيش الايراني الى ظفار.

- بعد فوز كتلة الشعب بثمانية اعضاء و بتشكيلة وازنة ومنفتحة كانت راس الحربة في المعارضة في المجلس، صقورها علي ربيعه ومحسن مرهون، فيما بدأت جبهه التحرير في اندفاعه سريعة بتشكيل عشرات النقابات العمالية . لكن في مايو، 1974 ، والتي بدأت بأضراب البا تصاعدت الأمور حتى حملة الاعتقالات في صفوفها 20-24 يونيه 1974 ، وطرح الموضوع على جدول اعمال المجلس وبعد عدة محاولات من الحكومة لتأجيل بحث الموضوع انسحبت كتله الشعب من الجلسة احتجاجا على موقف الحكومة، أما الكتلة الدينية 7 نواب واصبحت لاحقا 6 بعد تحول علوي الشرخات لكتله الوسط وكانت معظم التصريحات الصحفية عنها من خلال مرشدها الشيخ سليمان المدني ، أما كتله الوسط لم تكن كتلة بالمفهوم الدقيق وهي الأكبر عددا وكانوا يطلقون على انفسهم الكتلة الديمقراطية ( تصريحات النائب حمد ابل للصحافة ) و ابرز صقورها رسول الجشي وجاسم مراد .

- كانت هناك متابعة كثيفه من قبل الصحافة العربية والصحافة الاجنبية وتقارير سياسة و تقارير سفراء في مقدمتهم السفير البريطاني و السفير الامريكي.

- ولنا لقاء لاحق بالتفصيل منذ فجر دور الانعقاد الثاني في 23 اكتوبر 1974 ، وصدور المرسوم بقانون بشأن تدابير أمن الدولة ( صدر في قصر الرفاع 22 – 23 اكتوبر 1974 واذاعته في نشرة اخبار الثانية عشرة وخمس دقائق فجرا) حتى فض دور الانعقاد ومؤشرات حل المجلس وضربة الاعتقالات الاستباقية في 23/8/1975، وما تلاها باستقالة الحكومة، واعادة تكليفها ، و الامر الاميري بحل المجلس في 26 اغسطس 1975 وما بعد ذلك في آب اللهّاب باشتداد القبضة الأمنية وتولي الحكومة السلطة التشريعية ، ولنا لقاء قريب حول ضربة الاعتقالات الاستباقية في فجر 23 أغسطس آب 1975 والبيات الصيفي في سجن جدا . كما سنعود لاحقا حول جرائم الإبادة في غزة الكرامة والمقاومة والعزة .

------------------------------------------------------------------------

** محام ورئيس الشؤون القانونية بالمجلس الوطني - اكتوبر 1974