أشرنا في الجزء الأول من هذه الدراسة أننا سوف نركز هذه المرة، على حُسينيات ومأتم منطقة توبلي التي تضم قديماً وحديثاً؛ ، ويُقال، كما ذكرنا؛ أن عمر توبلي حوالي 500 سنة، وقبل ذلك كانت مجرد دواليب ونخيل وبحر، كما سنرى في "السيحات" العديدة التي كانت وقف لمُختلف الحُسينيات. كما ذكرنا بأن حدود "توبلي" القديمة لم تكن كما هي اليوم. إذ أنه بقرب كراج سيارات (التويوتا) حالياً منطقة تُسمى بـ"توبلي" الجديدة وبها حُسينية أهل البيت. كما أشرنا إلى القري البائدة من "توبلي" وهي: المِرّي، وكانت تقع قرب قري أخرى مندثرة هي "كتكان"، و"أبوعصاتين".
وكان الهدف هو مناقشة وضع أهم المأتم والحُسينيات في توبلي وضواحيها، وأهمها: حُسينية أو مأتم توبلي الشرقي الرئيسي، وكان يُسمى سابقاً مأتم السيد شبر. وقد توقفنا عند مأتم توبلي الغربي، وذكرنا أن له حكاية تأسيس مع تاجر اللؤلؤ حسن مديفع من المنامة، إلا أن البناء الأول فيه تم عن طريق فزعة الأهالي. وتفاصيل تلك الحكاية يقول: بعد أن كان الأهالي يُقيمون مجالس العزاء على أبي عبدالله الحُسين عليه السلام، في المساجد؛ تبرع الوجيه حينها، حسن مديفع، بقيامه بعملية وساطة بين المسئولين وبعض أهالي توبلي، وذلك لطلب أرض من المرحوم الحاكم الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة، لبناء مأتم لأهالي توبلي، وتم ذلك فعلاً، وتولي مسئولية المأتم آنذاك عيسى بن علي بن سلمان الهندي، كما يذكر عبدالله سيف في كتابه المأتم في البحرين عام 1995م. وأقيم المأتم علي تلك الأرض عن طريق الفزعة بين أهالي توبلي، كما أشرنا. ويؤرخ تأسيس مأتم أو حسينية "توبلي الغربي" بعام ١٩٦٩، ولكن تم إعادة البناء في عام ١٩٧٩. وفي عام ٢٠١٢ في نهاية شهر صفر، بعد وفاة الرسول الأعظم، تم هدم المأتم أيضاً وإعادة بنائه. وفي عام ٢٠١٨م، تم إعادة افتتاحه من جديد، كما يذكر ذلك سيد محمد سيد علي. وهذه الحُسينية أو المأتم، تُقيم مجالس العزاء العاشورائية في شهري محرم وصفر، ومجالس قرآن وتعزية كذلك في شهر رمضان، من كل عام.
ولضيق المساحة هنا، سنذكر فقط بعض الحُسينيات في توبلي، ونقف عند بعضها سريعاً. مثل: مأتم شهيد الإسلام، حسينية الجبيلات، مأتم الهجير، جمعية الكورة الحسينية، مأتم الحاج حسن العريبي، مأتم شهداء الطف، مأتم عبدالحسين الصايغ، مأتم الباقر (ع)، وحسينية أهل البيت (ع)، وهي أحدث الحُسينيات في منطقة "توبلي الجديدة" ولها، كما يذكر السيد عدنان السيد علوي، حوالي 17 سنة. وورد على منبرها، كما يتضح من الصور، أشهر خطباء المجالس الحُسينية الحاليين.
وقد ذُكرت "توبلي" وضواحيها في سجل السيد عدنان بن علوي القاروني التوبلي، مؤسس الأوقاف الجعفرية، إن جاز التعبير، بين عامي 1927- 1928م، في القسم الثالث منه. الذي يشمل 28 منطقة وقرية في البحرين، بينها "توبلي والهجير والكوَرة"، منفردة. وقد ذكر السجل بأن هناك نخل "بسيحة" الزنج به دالتين، والمتولي عليها هو أحمد بن حسن السلمابادي، يوقف منه حاصل الربع فقط، وهي ثلاث روبيات، بحساب ذاك الزمان، لمأتم في "توبلي" لم يتضح ما هو بالضبط. لكن ذلك يدل على أن الحُسينيات في "توبلي" قديمة كما أكد ذلك الأستاذ عباس أمان، عند الحديث معه عن مأتم "الهجير"، وربما بعضها وجدَ قبل القرن العشرين.
كما أن هناك حوالي أكثر من عشرة أوقاف، مع بقية الأوقاف "بسيحة توبلي" القديمة، والمتولي عليها السيد عدنان بن السيد علوي، ومعظمها لصالح مأتم توبلي أو حُسينيات "توبلي" جميعها. بعضها لعشرة محرم، وبعضها ليوم العباس في السابع من شهر محرم. والبعض منها لأيام في شهر صفر من كل عام. ومنها: "صرمة أم الخنيزية" في سيحة توبلي، وكُتب أمامها: يُصرف حاصلها لعشرة محرم في مأتم "توبلي"، كما أن هناك نخل بسيحة توبلي يُسمى صرمة "ردم بق بق"، يُصرف حاصلها لعشرة محرم بمأتم توبلي.
أما مأتم "الهجير"، الذي ذكرناه آنفاً، فمُختلف على سنة تأسيسه، كما يذكر عباس أمان. وهذا نجده في معظم الحُسينيات القديمة، لأن مؤسسيها لم يكونوا ينظرون للتوثيق بشكل حضاري كما هو الوضع اليوم. وهناك أوقاف لهذا المأتم من نخيل في "سيحة الهجير"، والمتولي عليها هو الشيخ محمد بن الشيخ ناصر، لشهر محرم الحرام. كما أن هناك ثلاثة أوقاف من النخيل في "سيحة الكوَرة"، تعود لمأتم السيد شبر بتوبلي، والمتولي هو حسن العريبي الذ أسس مأتم أخر باسمه لاحقاً. وسُمي بمأتم الكوَرة الرئيسي، أو مأتم الحاج حسن العريبي، كما يذكر عبدالله سيف. وكان مختار "الكوَرة" في خمسينيات القرن العشرين، هو حسن بن ناصر العريبي. وقد اشتهرت "الكورة" بالمدارس الدينية وبعلماء الدين كذلك من بيت العريبي وآل مبارك خاصةً.
ويُمكن أن نُسجل هنا من سجل السيد عدنان، بأن هناك أكثر من ثمانية أوقاف من نخيل بسيحة الكوَرةَ لعشرة محرم ومناسبات شهر صفر من كل عام لمأتم الكوَرة بتوبلي، بعض منها مناصفة بين مأتم السيد شبر ومأتم الكوَرة، بأسماء متعددة، مثل: صرمة "السريدهات" الأولي والثانية، صرمة "أم القيايليس"، صرمة "جامات"، صرمة "الصفحان"، ومجموعة نخيل بالاسم ذاته ونخيل "السريجات" وهي مُلك أحمد بن سلوم. وصرمة "عين خديجة"، وصرمة "السريجات"، وصرمة "القدر". كما أن هناك صرمة بين نخيل "المقيض" ونخيل "بن عشيرة"، من أوقاف المأتم. وتحت رقم 572 على 220-18 وضمن نخيل بسيحة الكوَرةَ، هناك صرمة "نبحة الكلب"، وهذه كان المتولي عليها هو عبدالله بن أمان، و كُتب أمامها: "يُصرف حاصلها بعد الاصلاح لعشرة محرم، في تعزية الحُسين (ع) حيث يشاء المتولي في أي مكان" وغيرها كثير. بالإضافة لداليات متعددة مثل دالية البدع، و"جوبار" بين ساقية الكوكب ودالية ناصر بن مسعود. وكان المتولي عليها هو حسن العريبي، وبعضها لعبدالله بن آمان. كما أن سيحة الكوَرةَ؛ أفاضت بأوقافها حتى على منطقة الخارجية بسترة من صرمة "الشرقية"، و"قارية عين بيشة أو بشة"، والمتولي عليها هو محمد بن حسن، لعشرة محرم في مأتم جدعلي، كما يوضح سجل السيد عدنان ذلك كله... وللموضوع تتمة..