DELMON POST LOGO

المقبالي في ندوة " جمالية التعايش في الإسلام " بمجلس بن رجب : صحيفة المدينة نموذج للتعايش السلمي الذي لا يستقيم بدون الحقوق والحريات

الشيخ العدوي : انحسرت ظاهرة المساحة التعددية وجمالية الإسلام بدلا من التفكير الإنساني والصيروية وتحول الخلاف من القلم الى السيف

العمري : التراث الإسلامي هو صنع بشري وبالتالي معرض للنقد والخطأ والصواب وضرورة الاعتماد على الكرامة الإنسانية والمساواة والعدالة

اللواتي : المناخ الذي صنعته الدولة من خلال القوانين وعدم التمييز في التعيين في المناصب والعدل في المحاكم؛ خلق جوا مذهبيا هادئا  

 المقبالي : غياب الحقوق والحريات يخلق التوتر وضرورة خلق بيئة للتعايش والتسامح ومجتمع مدني يحمل الحريات والحقوق والانفتاح السياسي  

"ان بالإسلام لا يوجد الا شكل واحد ، وان المذاهب مهما تعددت فيه كل يكمل الاخر، وعالم الفكر لا يستغني عن أي أي فكر اخر ، وكلنا امة واحدة وليس فيها مذهب مستثنى ، بل يزداد الإسلام سموا بهذه التعدد في المذاهب ، وان مشكلة التكفير والقتل والتناحر ليست من الإسلام انها من آثار السياسة" .

بهذه العبارات بدأ الشيخ خميس بن راشد العدوي، ندوة " جمالية التعايش في الإسلام "  التي نظمها مجلس بن رجب  في بني جمرة حول التعددية والوحدة مساء امس بحضور جمهور كبير من الجنسين وهي اول محاضرة لعمانيين بحاضرون عن نفس الموضوع بالبحرين ، وأضاف ، كان النبي الأعظم متعايش مع الأديان الأخرى في المدينة ، فكيف نختلف ونحن مذاهب في الدين الواحد ؟ بل ان معارك الرسول ليست مع الأديان الأخرى ، لكن عقل المسلم تشكل تحت الضغط السياسي وادى ذلك الى تحول في الدين ، واعتمدنا على التراث دون النص ، واعتمدنا على التأويل وهو باب الاختلافات ، لان ذلك يعتمد على الرواية ، وتلك تعتمد على الناقل ( وهل هذا الناقل على رأي احبه ام لا ؟ ).

وقال ان الدين يعتمد على ثلاث ، الرواية ، واصول الفقه ( التأويل ) ، وعلم الكلام ( الفرقة الناجية) ، ويتم استدعاء التراث والبناء عليه ويبدأ التصنيف والربط ، ويبدأ الخلاف ، بدلا من التفكير الإنساني والصيروية والفكر الإنساني الذي شمل كل اللوان ، وتحول الخلاف من القلم الى السيف خصوصا في الفترة بعد القرن الرابع الذي دخل المسلمون في البيات الشتوي ، وانحسرت ظاهرة المساحة التعددية وجمالية الإسلام الذي نسمع لبعضنا .

فيما قال المفكر الشيخ بدر العمري ، ان التعايش لا يرتبط بالاديان ، ان الدين هو لباس نلبسه ، مثل العادات والتقاليد ، وانه نتيجة ارث اخذناه من اباءنا .

لذا يجب ان ننطلق من ذاتنا الى هويتنا وليس العكس ، الانتماء الى الإنسانية ، التي لا تفرق بين الأديان والمذاهب ومن خلالها تبنى الأوطان وتكتب الدساتير.

نحن الان نعيش في هويتنا ( التي البسنا إياه اباءنا ) بعكس الهوية التي تمثل الإنسانية التي تعتمد على ثلاث اساسيات :

- الكرامة الإنسانية

- المساواة

- العدالة

وبها نخلق التعددية بالمجتمع أي كان ، ونخلق جمالية الإسلام لا احترابية بيننا ، وما نراه العكس ، الأديان تخلق الاحتراب بدل الجمال،وهو ما يحدث طوال التاريخ ، خلق نصوص احترابية ام جمالية ؟

نحن في القرن 21 وعقول العالم تتصارع نحو الاختراعات وتطوير الذات وتحقيق مكاسب إنسانية ونحن نتحارب ، العالم يقدم الحقوق والحريات وقيم ونحن غير ذلك ،،، وتلك القيم موجودة لدينا .

لابد من القبول والاقتناع بان التراث الإسلامي القديم هو صنع بشري وليست نصوص قرآنية ، وبالتالي معرضة للنقد والخطأ والصواب ، ولا ينبغي التعامل مع التراث كنص الهي ، ونحن نعيش عالم معقد ومتعدد ،والانسان في كل مكان في الصين وكمبوديا في الهند ، مكرم ومقدر ويجب العيش في الحاضر لا في الماضي.

وردا على سؤال عن الشيخ العراقي كمال الحيدري الذي سجل العمري زيارة له في ايران مؤخرا قال ، انه يجري مراجعات للعديد من الأمور التي أصبحت غير مرغوب طرحها للعوام وتبقى محصورة بين المراجع ، واغضب المرجعة بالنجف ، الامر الذي أدى الى ممارسة ضغوط عليه من قبل السلطات الإيرانية التي منعته من السفر ولكنه يلتقي بشخصيات من المفكرين والمراجع عبر العالم.

من جانب اخر قدم إسماعيل علي حمدان المقبالي رؤيته في الوحدة الإسلامية وقال عندما فشل الإصلاح داخل الكنيسة نفسها في اوربا في العصور الوسطة ، خصوصا بعد فشل تجاوز التسامح والاقصاء ، تحول المجتمع الى العلمانية والليبرالية .

خطاب التعايش هو السماح للبروتستانت بالبقاء والعيش بشكل شرعي امام الكنيسية الكاثوليكية .اذن أولا نحن بحاجة الى مساحة للتعايش فيما بيننا ، الاعتراف للاكثرية بوجود الأقلية

تلك النقطة في الجانب الأوربي عندما اقر بوجود تعايش ، خلق حقوق وحريات ، واوجد أيضا مجتمع مدني يحمي تلك الحريات والحقوق ويخلق الانفتاح السياسي الذي يقوم على التسامح والتعايش.

نحن في العالم الإسلامي ، غياب الحقوق والحريات خلق قوى اليسار والقوى القومية والقوى الاسمية ، لكن هذا لن يحل المشكلة ، البعض لديه خطابات عن الحريات والتسامح والتعايش ولكن عندما يعتلي السلطة يتناحر مع الاخر او يتنكر للمبادئ.

ان فقهنا الإسلامي هو فقه ازمة  بعد مقتل الخليفة الثالث عثمان بن عفان بدأت الفرق بالظهور ، سنة وشيعة واباضية ، فقه لا يمكن ان يتعايش مع الوضع الحالي .. ولنا بالرسول عبرة ، عندما وصل الرسول الأعظم الى المدينة المنورة لأول مرة  عرض صحيفة المدينة ( التي لم يشير اليى احد من المسلمين كنموذج ) ، وهي تعبير عن الحقوق والحريات ، يعترف فيها حقوق كل الناس ، كل دين ، كل قبيلة ،،، بخلاف ما ما حصل بعد الربيع العربي حيث الاقصاء والتناحر ، على المسلمين السعي نحو دول الإسلام وحضارة الإسلام ، لا دولة الخلافة او دولة ولاية الفقيه ، او دولة باطنية ، من خلال إعطاء أهمية لموضوع الحريات والحقوق .

وفي كلمة كمال اللواتي قرئها عنه إبراهيم السلطي بالنيابة قال فيها " سوف أتحدث عن تجربتي المتواضعة عن موضوع التفكير في الوحدة الإسلامية، أو التقارب بين المذاهب، والانسجام والانفتاح بينها.

أتصوّر أن الأرضية التي مهدت لذلك هو نشأتي في البلد الذي عشت فيها، بالعراق والقاهرة وعندما عدت الى عمان نهاية 1979 وكانت الثورة الإيرانية في أوجها، وكانت تأثيراتها كبيرة على المنطقة، وكنت أحد المتأثرين ببعض أفكارها، بمعنى أنني احتضنت الإسلام الحركي، كما كان بعض المفكرين يسمونه، وهنا تأثرت بالأفكار العملية والحركية لكل من السيد محمد حسين فضل الله، والشيخ محمد مهدي شمس الدين، والآصفي، والتسخيري، وجملة من أفكار المفكر الكبير السيد محمد باقر الصدر، وكذلك أفكار سيد قطب، وجميع هذه الأفكار ترجمت عمليا داخل البيت الشيعي، وكنت أتابع حركة الوحدويين ومؤتمراتهم، واللقاءات المستمرة مع بعض المفكرين الذين ذكرتهم، بالإضافة إلى إقامة بعض اللقاءات الفكرية في عمان التي كانت من بنات أفكار المجموعة التي كنت أعمل معها.

التحول الكبير لدي حصل ايام الربيع العربي كما يسمى، حيث تأثرت عمان كما هو الحال مع كثير من البلدان وإن بشكل أخف، وكانت تخرج مسيرات سلمية بسيطة تطالب ببعض الإصلاحات، ومن ثم تحولت إلى لقاءات وجلسات في أماكن عامة محددة، وكنت أذهب الى تلك اللقاءات، ومن خلالها ابني العلاقات التي تصب في مجال اهتماماتي الوحدوية.

ثمّ إنّ الندوات الفقهية التي كانت تقيمها بعض الجهات الرسمية في عمان  كانت مجالا وحدويا بالنسبة لي أيضا؛ لأنها انفتحت على الاطياف جميعها، وشكلت لي علاقات عن قرب في سبيل استثمارها فيما اعتقد به.

كذلك اللقاءات التي كان يقيمها سماحة الشيخ حسن الصفار في القطيف، والتي كان يجمع فيها مفكرين من مذاهب مختلفة، وقد حضرت إحداها، وأعطتني حافرا كبيرا أن أسير على خطى الشيخ الصفار، وأن أسعى لتقليد مثل هذه اللقاءات.

وفي عام ٢٠١٧ عقدت الجمعية العمانية للكتاب والأدباء ندوة حول التطرف الفكري، استضافت فيها مجموعة من المفكرين، فبدأت الفكرة تراودني بعدم الاكتفاء بالندوات واللقاءات، وإنما تشكيل فريق من المذاهب المختلفة بشكل غير رسمي، وعمل زيارات للقاء الإخوة في بعض البلدان العربية، وهكذا تشكل الفريق، وبدأنا بأول زيارة إلى الكويت بلقاء الأخوة هناك في ديوانية تجمع الميثاق الوطنيّ، وكانت زيارة جميلة أعقبتها دعوة عشاء، ولقاء مع أحد الأخوة في منزله، وميزة هذه اللقاءات غير الرسمية هي الشفافية والعفوية والصدق والانفتاح من دون حواجز نفسية أو فكرية.

لا ننسى أن المناخ الذي استطاعت أن تصنعه الحكومة العمانية من خلال القوانين، وعدم التمييز في التعيين في المناصب، والعدل في المحاكم؛ خلق جوا مذهبيا هادئا بعيدا عن التشنج، وكان صادقا ليس له ظاهر عدم المذهبية، وباطن يلعب على حبل المذهبية كما تفعله كثير من حكومات المنطقة.